الأمير سلمان لهولاند: الشرق الأوسط يعيش في دوَّامة أزمات متتالية.. والمملكة أدركت خطورة الإرهاب مبكراً

  • 9/2/2014
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

باريس واس الرئيس الفرنسي: خادم الحرمين معروف بالحكمة ونفاذ البصيرة.. وولي العهد أحد بناة المملكة أبدى ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أسفه لكون منطقة الشرق الأوسط تعيش في دوامة من الأزمات المتتالية نالت تداعياتها من الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي، وجدد الأمير سلمان، في كلمةٍ له أمس في قصر الإليزيه بباريس خلال حفل عشاء أقامه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند تكريماً له، دعوة المملكة الدول المحبة للسلام إلى دعم المركز الدولي لمكافحة الإرهاب ليكون محوراً فاعلاً وركيزة أساسية للتعاون الدولي لمكافحة آفة الإرهاب التي تهدد أمن واستقرار العالم، مذكِّراً أن المملكة دعمته بـ 100 مليون دولار. وأشار إلى حرص المملكة على تجسيد ما تتمسك به من قيم ومبادئ إسلامية و»من ذلكَ قيم التسامح والإخاء والعدالة والدعوة إلى الحوار ونبذ التطرُّف والعنف ومحاربة الإرهاب». وخلال كلمته تحدث الأمير سلمان عن زيارته الرسمية التي بدأت أمس إلى فرنسا، وقال إنها تأتي في إطار توجيهات خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لتعزيز الشراكة الاستراتيجية القائمة بين البلدين، مشيراً إلى إدراك المملكة مكانة فرنسا العالمية التي احتلتها بحكم إرثها الثقافي ودورها السياسي وثقلها الاقتصادي. من جهته، وصف الرئيس هولاند المملكة بـ «الشريك المتميز» لبلاده، وقال إن عُرَى هذا التحالف توثقت في قصر الإليزيه عندما قام الملك فيصل بن عبدالعزيز بزيارة الجنرال ديغول عام 1967. ونوه هولاند، خلال كلمته في حفل العشاء، بعزم خادم الحرمين الشريفين «المعروف للجميع بحكمته ونفاذ بصيرته على زيادة التقارب بين فرنسا والمملكة وتكثيف عمليات التبادل بينهما في عديد من المجالات». ووصف هولاند ولي العهد بـ «أحد بناة المملكة العربية السعودية» مضيفاً أن الأمير سلمان قدَّم مساهمة لا تُثمَّن للمملكة في وضعها الحالي. وتطرق الرئيس الفرنسي إلى التعاون العسكري بين البلدين، موضحاً أنهما يستعدان لتزويد لبنان بتجهيزات يحتاجها من أجل تحقيق أمن إقليمه وسلامة جميع طوائفه. وقبيل حفل العشاء، استقبل الرئيس هولاند الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي يقوم بزيارة رسمية إلى فرنسا. واستعرض الرئيس الفرنسي وولي العهد حرس الشرف في الإليزيه. وفي بداية الاستقبال بصالة الاستقبال الرئيسة في القصر، رحب الرئيس هولاند بالأمير سلمان متمنياً له ومرافقيه طيب الإقامة في فرنسا، فيما عبَّر ولي العهد عن سعادته بزيارة فرنسا وما لقيه من حفاوة استقبال وكرم ضيافة ونقل تحيات وتقدير خادم الحرمين الشريفين للرئيس الفرنسي الذي عبَّر عن رغبته في أن ينقل ولي العهد تحياته وتقديره لخادم الحرمين. واستعرض الرئيس هولاند والأمير سلمان علاقات التعاون بين البلدين الصديقين وسبل دعمها وتعزيزها في المجالات كافة، بالإضافة إلى بحث آخر تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية وموقف البلدين منها. وحضر الاستقبال وحفل العشاء وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان ولي العهد مستشاره الخاص الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ووزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، ووزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، ووزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني، ورئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول ركن عبدالرحمن بن صالح البنيان وعددٌ من كبار المسؤولين. ومن الجانب الفرنسي حضر حفل العشاء رئيس الوزراء إيمانويل فالس، وحضر الاستقبال وحفل العشاء وزير الخارجية لوران فابيوس ووزير الدفاع جان إيف لو دريا ووزير الاقتصاد والصناعة الرقمية توماس وسفير فرنسا لدى المملكة برتران بوزانسنو. كلمة الأمير سلمان بن عبدالعزيز «فخامةَ الرئيس فرانسوا هولاند، أصحابَ المعالي والسعادة، السيداتُ والسادة، يطيبُ لي في مُستهلِّ كلمتي أنْ أُعربَ عن بالغِ تقديري لفَخامتكُم ولحكومةِ الجمهوريةِ الفرنسيةِ على ما لمستُهُ والوفدُ المرافقُ من حُسنِ الاستقبالِ وكرمِ الضيافةِ، وعن سُروري شخصياً بالالتقاءِ بأصدقَائنَا في هذا البلدِ الصديق. كما يُشرفني أنْ أنقلَ تحياتِ سيدي خادمِ الحرمين الشريفينِ الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لفخامتِكُم، ولحكومةِ وشعبِ فرنسا الصديق. إنَّ زيارتي هذهِ تأتي في إطارِ توجيهاتِ سيدي خادمِ الحرمينِ الشريفين حفظه الله لتعزيزِ الشراكةِ الاستراتيجيةِ القائمةِ بينَ بلديْنا الصديقين، منذُ أن أُرسيتْ دعائمُها في اللقاءِ التاريخي الذي جمعَ بينَ الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود والرئيسِ الراحلِ شارل ديغول هنا في باريس عام 1967، كما كانَ لزيارةِ سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التاريخيةِ إلى فرنسا عام 2007 وزيارةُ فخامتِكُم للمملكةِ عام 2013ِ دور كبير في تنميةِِ العلاقاتِ بينَ المملكةِ وفرنسا وتطويرهَا في المجالاتِ كافة، وخدمةِ قضايا الأمنِِ والسلامِ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ وفي العالم. فخامةَ الرئيس تُدركُ المملكةُ العربية السعودية مكانةَ فرنسا العالمية، هذهِ المكانةُ التي احتلَّتها بحُكمِ إرثها الثقافي، ودوْرها السياسي، وثِقَلها الاقتصادي. كما نقدِّر لحُكومتِكُم جهودَها الراميةِ إلى تحقيقِ السلامِ والاستقرارِ في منطقتنا التي تعيشُِ مع الأسف الشديدِ في دوامةٍٍ من الأزماتِ المُتتاليةِ نالتْ تداعياتُها الاستقرارَ الإقليمي والسلامَ العالمي. ولقد دأبتْ المملكةُ العربية السعوديةُ من خلالِ تواصُلِها مع الأصدقاءِ على تجسيدِ ما تتمسكُ بهِ من قيمٍ ومبادئ إسلاميةٍ ومن ذلكَ قيمُ التسامحِ والإخاءِ والعدالةِ والدعوةِ إلى الحوارِ، ونبْذِ التطرُّفِ والعنفِ ومحاربةِ الإرهاب. وأدركتْ حكومةُ المملكةِ العربية السعودية خطورةَ ظاهرةِ الإرهابِ على المجتمعِ الدولي منذُ وقتٍ مُبكرٍ حيثُ دعتْ إلى مؤتمرٍ دولي لمكافحةِ الإرهاب عُقدَ في مدينة الرياض في عام 2005، كما دعا سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى تأسيسِ مركزٍ دولي لمكافحةِ الإرهاب ليكون جزءاً من الجهودِ الدولية الراميةِ إلى تعزيزِ مكافحة الإرهاب، وأمرَ ـ حفظه الله ـ بالتبرُّعِ بمائة مليون دولار لتفعيلِ المركز، وفي هذا الصدد فإننّا في المملكةِ العربيةِ السعودية لَنأملُ أن تُسارعَ الدولُ المحبةُ للسلامِ إلى المساهمة بفعاليةٍ في دعمِ هذا المركزِ ليكونَ محوراً فاعلاً وركيزةً أساسية للتعاون الدولي لمكافحةِ هذه الآفة التي تُهدد الأمنَ والاستقرار في العالم. فخامةَ الصديق، أيُّها الحفل الكريم: لقدْ أولَتْ المملكةُ العربيةُ السعوديةُ اهتماماً بالغاً ولا تزالُ بالقضيةِ الفلسطينيةِ باعتِبارِها القضيةَ الرئيسةِ في منطقةِ الشرقِ الأوسط، وقد جاءتْ مُبادرةُ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي أصبحت المبادرةَ العربيةَ للسلام لتُؤكّدَ هذا الاهتمام، حيثُ تضمَّنت هذهِ المُبادرةُ أُسسَ وركائزَ الحلَّ العادلََ للقضيةِ الفلسطينية الذي يُجنِّب الشعبَ الفلسطينيَ ويلاتِ الحروبِ والمعاناةِ القاسية، ويحقّقُ له تطلعاتِهِ المشروعة وإقامةَ دولتِه المُستقلة، تحقيقاً للسلامِ العادلِ والدائمِ في المنطقة، وفي هذا الخصوص فإننا نؤكدُ هنا أنَّ ما تعَرَّضَ لهُ الشعبُ الفلسطينيُ الأعزلُ من عدوانٍ وحشي مُدمّرٍ على غزةَ أمْرٌ لا تُقرُّهُ المواثيقُ والمبادئ الدوليةُ وتسْتهْجِنُه كافةُ الشرائع، وإننا لَنُهيبُ بالمجتمع الدولي أن ينهضَ بمسؤولياتهِ لتأمينِ حمايةِ الشعب الفلسطيني من الاعتداءاتِ الإسرائيلية المتكررة. وفي سوريا دعوْنا إلى تنفيذِ قراراتِ مؤتمر (جنيف1) وما تضمَّنه من تشكيل هيئةِ حكمٍ انتقالية تملكُ صلاحياتٍ تنفيذية كاملة. وفي لبنان فإننا نأمل أن يتمّ الاتفاقُ على رئيسٍ يجمعُ كلَّ الفُرقاء، ويُمكِّن لبنانَ من تجاوزِ أزمته الحالية. ولقد رحَّبنا في المملكةِ بالتوافقِ في العراقِ واختيارِ قياداتهِ، متمنين لهم النجاح في تشكيل حكومةِ وحدةٍ وطنية تحرصُ على وحدة العراقِ وأمنهِ واستقراره وسلامةِ أراضيه. وفيما يتعلّقُ بالشأنِ اليمني، فإننا إذ نُعربُ عن قلقنا البالغِ لتدهورِ الوضعِ الأمني فيه وما يتمُّ القيامُ به من أعمالٍ تهدفُ إلى تقويضِ العملية السياسيةِ التي تستندُ إلى المبادرة الخليجية، لنأملُ أن يسودَ الأمن والاستقرار في اليمن والالتزام بالشرعية وما صدرِ عن مجلس الأمن في هذا الشأن. ولقد دعمنا كلَّ هذهِ المبادراتِ والمواقفِ السياسية بمُساعداتٍ إنسانية وتنموية، وبِرغبَة جادةٍ في تحقيقِ السِّلم والأمن والاستقرارِ السياسي في دول المنطقة. فخامة الرئيس: لقد أدركتْ المملكةُ دورها في مجموعة العشرين وعمِلَت ما في وُسْعِها لتعافي الاقتصادِ العالمي بعد الأزمة التي مرَّ بها, فزادت من إنفاقها على البُنية الأساسية , ومن دعمها لصناديقِ التنمية الإقليمية والدولية، وأخذتْ بنهجٍ معتدلٍ لتأمين الاستقرار للسوق البترولية مراعاة لمصلحة المنتجِ والمستهلك، وقامت المملكة بمسؤولياتها وقتَ الأزماتِ في توفيرِ الإمداداتِ البترولية مُدركةً لدورها ومسؤولياتها تجاهَ الاقتصاد العالمي. اسمحوا لي في الختامِ أن أُكرر شكري وتقديري على ما لقيتهُ والوفد المرافق من كرمِ الضيافة وحسن الاستقبال في بلدكم الصديق، مع تمنياتي لحكومة وشعب فرنسا الصديق بمزيدٍ من التقدَّم والازدهار». كلمة الرئيس هولاند «صاحب السمو يشرفني أن استقبلكم اليوم في قصر الإيليزيه، فسموكم صديق فرنسا، وقد أسررتم لي إبان زيارتي إلى الرياض في العام الماضي بأن أول زيارة قمتم بها إلى الخارج كانت إلى باريس، وكان ذلك في عام 1951م ولم تتوقفوا منذ ذلك الحين عن التعبير عن تعلقكم ببلدنا في أثناء ممارسة مسؤولياتكم في جميع المناصب التي تقلدتموها، إن سموكم أحد بناة المملكة العربية السعودية وقد قدمتم مساهمة لا تثمن للمملكة في وضعها الحالي. إن المملكة العربية السعودية تمثل شريكاً متميزاً لفرنسا وقد توثقت عرى هذا التحالف في قصر الإيليزيه عندما قام جلالة الملك فيصل رحمه الله بزيارة الجنرال ديغول عام 1967 وأن الزمن وتعاقب السلطة لم يزعزع العلاقات بين البلدين منذ ذلك الحين منوهاً بعزم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله المعروف للجميع بحكمته ونفاذ بصيرته على زيادة التقارب بين فرنسا والمملكة العربية السعودية وتكثيف عمليات التبادل بينهما في العديد من المجالات . إن أولويتنا تتمثل في إرساء السلام والأمن في الشرق الأوسط التي أصبحت ضرورية الآن أكثر من أي وقت مضى إذ انتقلت الأزمة السورية إلى العراق وثمة حركة إرهابية تدعي إقامة دولة، وقررت فرنسا أن تساعد العراق على الصعيدين الإنساني والأمني غير أن هذا الدعم لا يسعه أن يكون فعالاً ما لم تتألف حكومة تمثل جميع الطوائف على وجه السرعة تلافياً لتجزئة البلاد، أما في سوريا فقد كانت فرنسا والمملكة العربية السعودية واضحتين بشأن خطورة الأزمة، ودعا بلدانا المجتمع الدولي إلى التدخل لكن دعواتهما لم تلب دائماً وهما يدعمان من يحارب الوحشية المزدوجة لبشار الأسد والإرهابيين في الوقت الراهن. وفيما يخص الشرق الأوسط، تدعم فرنسا مبادرة السلام العربية التي بلورتها المملكة العربية السعودية عام 2002م متطلعاً إلى العمل معاً على إنعاشها. إن تعاوننا السياسي وطيد إلى حد بعيد إذ تم تعزيزه بتعاون عسكري قيم للغاية، فقد أقام جيشانا نشاطات عملياتية منذ زمن بعيد في مجالات حاسمة لأمن المملكة، وأود أن أتقدم بالشكر إلى المملكة العربية السعودية للثقة التي توليها للخبرة والتكنولوجيات الفرنسية فيما يتعلق بدفاعها الخاص بل وأيضاً دفاع بلدان المنطقة، وتتجلى هذه الثقة والتعاون في لبنان حيث نستعد لنزوده معاً بتجهيزات يحتاجها لبنان من أجل تحقيق أمن إقليمه وسلامة جميع طوائفه. إن المملكة العربية السعودية بلد عظيم استطاع تسخير موارده في خدمة مشروع بناء طموح والمنشآت الفرنسية تشارك مشاركة كاملة في تطوير المملكة فهي حاضرة في مجال الطاقة والخدمات والصحة والنقل، بيد أن فرنسا تود أيضاً استقبال الكفاءات السعودية وإقامة شراكات مع منشآتها مشيداً بقرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز زيادة الاستثمارات السعودية في فرنسا وقال: لقد حددنا معاً فرصاً سائحة في عدة مجالات استراتيجية كبرى، أرغب في أن نتمكن من تنفيذها سريعاً. ‘إن الصلات التي تربطنا سياسية واقتصادية ومالية ولكنها إنسانية أيضاً، إذ يتوجه عدة آلاف من الفرنسيين كل عام إلى المشاعر المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وفضلاً عن ذلك استضاف معهد العالم العربي منذ مدة وجيزة معرضاً جميلاً عن الحج دشنته بنفسي، ولاقى نجاحاً باهراً وإقبالاً من الجمهور. كما أن السعوديين يحبون فرنسا وعاصمتها باريس حيث يقيم العديد منهم بصورة منتظمة، ويسرنا أيضاً أن نستقبل عدداً متنامياً من الطلاب في جامعاتنا مع افتتاح كل عام دراسي، إن فرنسا تعرف قيمة الصداقة والمملكة العربية السعودية هي واحدة من أعز الأصدقاء».

مشاركة :