ما يحدث في السعودية في العامين المنصرمين يمكن أن نسميه زراعة الأحلام، ومع أن أكثر المتفائلين لم يكن يتوقع أن تسير الخطوات بهذا التسارع إلا أن كثيرا من هؤلاء أيضا بدأ يتساءل عن النتائج والفوائد ويشكك في جدوى كل ما يحدث.الذين ينتقدون خطوات السعودية الجديدة ـ وهذا من حقهم بالمناسبة ـ أشبه بمن يقف على رأس مزارع وهو يحرث أرضه منتقدا عمله بحجة أنه غير مجد لأنه لن يوفر الخبز للجائع الآن.جزء من هذا النقد صحيح، ولكنه ليس الجزء المهم، فالمزارع يفكر في المستقبل، لأنه مؤمن أن أكثر مشاكل اليوم كانت بسبب التخلي عن الزراعة من الأساس، هو يزرع لأنه لا يريد أن يدور في ذات الحلقة ما تبقى من عمره.التحول الجذري من المؤكد أنه مؤلم، ومن المؤكد أيضا أن عراب هذا التحول يعلم ذلك ويدركه، والرؤية لديه واضحة ويعلم يقينا كيف سيزول هذا الألم، هو يخطط لعلاج المشكلة من جذورها وليس بتناول المسكنات التي «أدمنها» الناس حتى تسرب إلى يقنيهم أنها هي العلاج.الأحلام والآمال التي حلمنا بها جميعا وتمنيناها وتخيلناها أحيانا بشكل جاد، وفي أحيان أخرى بطريقة تخيل ما لا يمكن حدوثه، كلها موجودة في نهاية هذا الطريق الذي وضعنا خطوتنا الأولى عليه، ولكن هذا الطريق ليس مفروشا بالورد.مثلكم جميعا أتمنى أن أكون سعيدا تأتيني الأموال من كل اتجاه ولا أدفع ضريبة ولا رسوما، لكني أيضا أتمنى أن ينزل القطر حتى وإن مت ظمآن لا أجد رشفة ماء. نحتاج أن نتخلص من الأنانية واقتصار نظرتنا على الحاضر فقط حتى نفهم الفكرة الأساسية من كل ما يحدث. هذا الكلام أقوله في الصحيفة وفي بيتي وفي الشارع ومع أصدقائي لأني مؤمن أننا أمام خيارين، إما أن نكون أجيالا متعاقبة كلها خائفة وجلة من المستقبل، وإما أن يتحمل هذا الجيل بعض المشاق في «بعض» سنوات عمره لكي يكون المستقبل مكانا جميلا للكائنات البشرية التي تسبب في وجودها.وعلى أي حال..محمد بن سلمان عراب الأمل وزارع الأحلام التي سنحصدها جميعا، ومن الأنانية ألا نقف معه ونروي حلمه وحلمنا جميعا بالتأييد والنقد والاتفاق والاختلاف، لأن من بذور الأحلام التي لا بد أن تغرس وتسقى جيدا أن يكون المواطن حرا، ألا يخاف من المستقبل ولا من الحاضر، أن يقول رأيه دون خوف من التصنيف والإقصاء.
مشاركة :