عادت «حماس» للمصالحة الفلسطينية بعد انقطاع دام 10 سنوات. ولقد كان للانقسام الفلسطيني، الناجم عن سياسة «حماس» الانفصالية، تأثيرات سلبية سيئة على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. وشجعت دول اقليمية على الانقسام الفلسطيني. وكانت سياسة هذه الدول تُميل إلى زعزعة الاستقرار وزرع الفتن المذهبية والطائفية. ظناً منها أن تلك السياسة ستمكنها من إضعاف المنطقة ومن ثم سيسهل عليها اخضاعها لنفوذها. وأخفت سياستها التوسعية برفع شعارات معادية لأميركا والصهيونية. وأبدت اهتماماً بالقضية الفلسطينية واتخذت منحى المتاجرة بها وبالشعب الفلسطيني وشق صفوفه ولتبرير تدخلها في الوطن العربي. لقد بذل العرب جهدا لتحقيق المصالحة الفلسطينية، خصوصا مصر والسعودية، وبدأ اهتمام مصر بلم الشعب الفلسطيني منذ عهد عبد الناصر بما عرف بمؤتمر القاهرة 1970. أما السعودية فقد جمعهم الراحل الملك عبدالله في مؤتمر مكة 2007 للقبول بقيام دولة فلسطين على أرض فلسطين المحتلة بعد 1967 ممثلة بالضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس. وهي الفكرة التي كانت تلقى قبولا لأكثرية دول الأمم المتحدة. إلا أن «حماس» خرجت عن ذلك الاجماع بتشجيع من دول اقليمية، وطالبت بتحرير كامل التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر. وأعطى ذلك الانشقاق مبرراً لإسرائيل للخروج من اتفاقية السلام بدعوى أن الفلسطينيين غير موحدين. وظل الشعب الفلسطيني يعاني من التشظي والتمزق الحادث بين قياداته. وإذا كانت شعوب العالم جميعا بحاجة إلى الوحدة ونبذ الخلافات فإن الشعب الفلسطيني أكثر الشعوب حاجة لذلك لظروفه القاسية كونه شعباً يعيش تحت الاحتلال. انشقت «حماس» من الوحدة الفلسطينية بدعم من دول تتاجر في القضية الفلسطينية انحصر نشاطها بالخطب ورفع الشعارات الكاذبة. في ظل مثل هذه الظروف طال مصر أذى ومعاناة كثيرة من سلوك «حماس» وتصرفاتها، خصوصا في أيام ما عرف بالربيع العربي. إذ اقتحمت السجون وأخرجت مساجين من حزب الله اللبناني والإخوان. اليوم عادت «حماس» للوحدة الفلسطينية يقال انها عادت بعد انقطاع الدعم الخارجي عنها. نتمنى أن تكون صادقة وجادة في هذه المرة. وكنا نتمنى أن تحاسب عن الأخطاء التي ارتكبتها خاصة في حق مصر والسلطة الفلسطينية. ولكن يبدو أن حب مصر وحرصها على دعم وحدة الشعب الفلسطيني جعلاها تفضل عدم إثارة تلك المشاكل. نأمل أن يقدر قادة «حماس» الموقف المصري. ولقد قيل ان إسماعيل هنية الرئيس السابق لـ «حماس» اتصل برئيس دولة من الدول التي تدعم «حماس» ماديا ليطلعه على نتائج المباحثات في مصر. نأمل إن صح ذلك ألا يكون ذلك مقدمة لإفشال الاتفاق. د. عبدالمحسن حمادة
مشاركة :