مدينة مراكش المغربية متحفا جديدا تم افتتاحه منذ أيام، يضم أعمالا من مجموعات إيف سان لوران الشهيرة، تأخذ زائريها في رحلة متنوعة بين معروضات بدءا من الأسفار الخيالية إلى الحدائق غير العادية، وصولا إلى موجة من الألوان المستوحاة من الأرض المغربية التي طبعت تصاميم المصمم الفرنسي الأخيرة بعد أن ركزت بداياته على اللون الأسود.العرب [نُشر في 2017/10/26، العدد: 10793، ص(20)]تنقل بين عالمين مراكش (المغرب)- شكلت مدينة مراكش المغربية مصدر إلهام للكثير من إبداعات المصمم العالمي إيف سان لوران، ففي هذه المدينة الواقعة جنوب المغرب اكتشف المصمم الفرنسي جمال الألوان والضوء، وقد شهدت المدينة المغربية مؤخرا افتتاح متحف إيف سان لوران، والذي يعتبر أكثر من مجرد متحف للموضة. ومن الواضح أن متحف إيف سان لوران في مراكش ليس مكرسا لأعمال المصمم الفرنسي الشهير فحسب، بل إنه يسلط الأضواء على المغرب أيضا، ويقع هذا المتحف في شارع يحمل اسم إيف سان لوران إلى جانب حديقة مارغوريل، التي اشتراها المصمم في عام 1980، وهي واحة خضراء تكفّل المصمم الفرنسي بأعمال تطويرها مع صديقه بيار بيرجيه. ويتشابه البلاط الصغير الأخضر في مدخل المتحف مع البلاط الذي يزين المآذن المربعة في مدينة مراكش، كما يزهو جزء من سور المتحف باللون الوردي مثل جبال الغرانيت في وادي أوريكا، والذي يبعد حوالي ساعة بالسيارة عن مدينة مراكش. وقد بلغ بناء هذا المتحف حوالي 15 مليون يورو بمبادرة من شريكه ومدير أعماله بيرجيه، والذي أكد أنه من الطبيعي أن يتم إنشاء مثل هذا المتحف في مراكش اعترافا بجميل هذا البلد على إيف سان لوران. ولم يتمكن رجل الأعمال بيرجيه، الذي أسس بالتعاون مع إيف سان لوران دار الأزياء الشهيرة في عام 1961، من معايشة أجواء افتتاح المتحف في مراكش؛ لأنه توفي في 8 سبتمبر الماضي عن سن ناهزت الـ86 عاما. وأفاد ماديسون كوكس الذي يرأس مؤسسة بيرجيه – إيف سان لوران منذ وفاة بيرجيه، بأن الأخير “زار مراكش آخر مرة في مايو الماضي وكان حينها المبنى منجزا في مرحلة اختبار المنشآت قبل استقدام المجموعات المقرر عرضها. لقد رأى كل شيء وتابع التفاصيل كافة منذ البداية”. وقال المهندس الأميركي “كانت المرة الأولى التي ينشئ فيها بيرجيه صرحا من العدم. لقد أعاد تأهيل أماكن ومكاتب ومقار سكنية سابقا، لكن الأمر هنا مختلف. لم تكن هناك سوى قطعة أرض شاسعة إلى جانب حديقة ماغوريل”. وقد قام بيرجيه بإنشاء متحفين للمصمم الشهير؛ الأول في العاصمة الفرنسية باريس، والذي تم افتتاحه أول أكتوبر الجاري، والثاني في مدينة مراكش المغربية، والذي تم افتتاحه في الـ14 من الشهر ذاته، بعد أعمال تشييد استمرت ثلاث سنوات. وقال بيورن دالستروم، مدير المتحف، خلال تنقله بين أرجاء قاعة العرض “مراكش كانت مصدر إلهام لإيف سان لوران. باريس كانت دار المصمم التاريخية. هاتان المدينتان تعكسان جانبيه المختلفين اللذين يجمعان الكلاسيكية ونمط الباروك مع الخطوط والزخرفة العربية”.للاسلمى ترأست الافتتاح وينصب الاهتمام في المتحفين على عرض إبداعات إيف سان لوران، ويمتد متحف باريس على مساحة 400 متر مربع، في حين تم إنشاء متحف مراكش على مساحة 4000 متر مربع. واكتشف إيف سان لوران مراكش باعتبارها لؤلؤة الجنوب، لأول مرة في عام 1966، ولذلك قام بشراء منزل في البلدة القديمة، دار الحنش، ومنذ ذلك الحين انتظمت إقامة إيف سان لوران في مراكش، وأصبحت المدينة بمثابة مصدر إلهام للمصمم الفرنسي، واستوحى من المدينة المغربية ألوانا جديدة في إبداعاته، وهو ما انعكس في مقتنيات المعرض الدائم في المتحف، والذي يضم حوالي 100 من التصاميم المبدعة. ويمكن لزوار المتحف على الجانب الأيسر مشاهدة المجموعة السوداء من إبداعات إيف سان لوران، والتي تم تصميمها خلال السنوات الأولى من عمله، بينما على الجانب الأيمن تزهو تصاميمه بالألوان المبهجة، والتي اكتشفها جميعا بعد إقامته في مدينة مراكش المغربية. ويتم افتتاح ديفيليه الألوان برداء الكاب الحريري مع أزهار البوجانفيليا باللون الأرجواني، والتي تنمو في حديقة ماغوريل المجاورة، وينتهي العرض بفستان السهرة الأزرق، والذي يعتبر تكريما للرسام هنري ماتيس. وعندما قام بيرجيه وإيف سان لوران بشراء الحديقة كانت في حالة سيئة للغاية، ولكن الوضع تغير تماما وينمو بها حاليا حوالي 300 نوع من النباتات في تباين واضح بين الأزرق والأخضر. وأشار إيف سان لوران إلى أنه غالبا ما كان يحلم بهذه الألوان، وتستقبل الحديقة حاليا حوالي 800 ألف زائر سنويا. وقامت مؤسسة بيرجيه وإيف سان لوران بتكليف أوليفييه مارتي وكارل فورنييه بإنشاء أستديو كو، ويعمل المهندسان في المغرب بصورة منتظمة ولديهما نفس الحماس والشغف، اللذين تمتع بهما إيف سان لوران؛ لأن أعمالهما المعمارية دائما ما ترتبط بالألوان والضوء. وتبعا لوقت اليوم فإنه تتم إضاءة الواجهة المشيدة من الغرانيت باللون الوردي والأحمر، كما تتم إضاءة نطاق المدخل باللون الأزرق والأصفر مع النوافير البديعة التي تترك انطباعات رائعة على غرار التطريزات الملونة على إبداعات إيف سان لوران. ويضم المتحف الجديد أعمالا من مجموعات إيف سان لوران تتمحور حول مواضيع متنوعة بينها أفريقيا والأسفار الخيالية والحدائق غير العادية. ويسلط كذلك جدار من الصور الضوء على أبرز المحطات في مسيرة المصمم الكبير، منذ رسالة التوصية الموجهة من مدير مجلة فوغ سنة 1954 حين كان إيف سان لوران في سن السابعة عشرة وصولا إلى وداعه لعالم الأزياء الراقية عام 2002 قبل ست سنوات من وفاته. وحرص القائمون على المتحف على ألا يكون الموقع مجرد مزار لتكريم ذكرى المصمم الراحل بل أرادوه “موقعا نابضا بالحياة” مع برنامج غني بالمعارض المؤقتة ومسرح ومكتبة. ومن بين الفعاليات التي يشهدها المتحف معرض اللوحات ذات الطابع الشرقي لجاك ماغوريل، إضافة إلى تصاميم للمصمم المغربي الشاب نورالدين أمير ومنحوتات للفنانة سيمون فتال مع مشهدية مسرحية لروبرت ويلسون.
مشاركة :