"دولة الخرافة" .. كوميديا تسخر من الإرهاب في العراق

  • 10/27/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مع اتساع المد التدميري الذي طغى على المشهد العراقي بشقيه السياسي والاجتماعي، نتيجة دخول تنظيم داعش إلى بعض المناطق العراقية، وسيطرته على مقدراتها، وتوجيهه لخطاب تكفيري ساذج، كان لا بد من إيجاد خطاب مواجه يحلحل ذلك الخطاب عبر أدوات السخرية والاستهزاء من هكذا خطاب خال من العمق والفكر، فكان ان تناخى كثير من المثقفين الشرفاء للتصدي لهذا الخطاب عبر مقالات وتقارير وتحقيقات صحفية، فضلا عن الدور الكبير الذي لعبه الشعراء عبر قصائد سخرت من هذا الفكر، لكن ما افتقدناه هو المواجهة عبر الدراما العراقية التي تسخر من هذا الفكر، ولولا الخطوة التي أقدمت عليها شبكة الإعلام العراقي عبر إنتاج مسلسل ساخر هو "دولة الخرافة" والذي عرض قبل أكثر من عام، لما استطعنا الإشارة لأي دور للدراما العراقية الساخرة. حول هذا الغياب ومدى تأثير مسلسل "دولة الخرافة" في تمزيق الخطاب التكفيري كان لنا هذا التحقيق الصحفي الذي خرجنا منه بهذه الحصيلة. يقول الناقد السينمائي صباح محسن: تتجنب الدراما تلك التي تعمل خارج مؤثرات أو تدخلات السلطة الى اﻻبتعاد عن طروحاتها مخافة أن يتم استغلالها لبرامج وخطط ﻻ تعنيها. لكن في الأوقات الصعبة يكون اﻻمر اكثر مرونة ويتم ازالة تلك الحواجز بينهما، اي الدراما والسلطة، تحت مؤثرات الوطنية لتتعاونا على مواجهة اﻻخطار المحدقه لهما. لهذا يصنف المسلسل الكوميدي التهكمي والساخر "دولة الخرافة" لهذا النوع من التعاون بين السلطة او الدولة ليتشاركا في مواجهة الخطر المهدد لوجودهما معا، وﻻن الحالة العامة للبلد تستدعي الوقوف بحزم لماجهة خطر داهم وصعب اذ ﻻ بد من تقديم كل ما يقوض ذلك الخطر ومنها الدراما او العمل الفني الذي يساعد على تفسير او تطويق مستوى الخطر. وكان انتاج "دولة الخرافة" لتبرير دخول الدراما على خط المواجهة بأسلوب ساخر وكاريكاتوري قريب لما تطرحه أفكار العدو او الخطر المحدق بالبلد هو عمل مقبول بدرجة تأثيره على قطاع واسع من الناس بدرجة او اخرى، وكذلك تاثيره في وسائل اعم اجنبية لجرأته في فضح أخلاقيات العدو بشكل مثير وقوي في وقت كان اﻻعلام يضخم من حجم وقوة العدو وتقربه من حدود العاصمة بغداد بشكل محسوم لهذا تحسب للعمل قوته وبسالته في وقت صعب. ان تأثير هذا العمل ورغم ملاحظاتنا الفنية او الدرامية عليه كان بحق اكثر ايجابية بفضح وتشويه العدو بطريقة بارعة خاصة وجود شعراء شعبيين وكتاب أغنية يتم زجهم في عمل درامي كان له اﻻثر الكبير والفاعل في خدمة الهدف. ما الناقد السينمائي كاظم مرشد السلوم فقد قال: هذا العمل مثل غيره من اﻻعمال التي تنتج في مثل الظرف الذي يمر به العراق. حيث يعد عملا تعبويا قد ﻻ يراعى فيه الجانب الفني بقدر ارسال رسالة فحواها التحشيد لمحاربة العدو المتمثل بداعش كفر وكتنظيم مسلح. ربما تأثر فيه العديد من الشباب لدوافع شتى. واﻻشتغال على فكر التنظيم يكون له الأولوية باعتبار ان العمل اعلامي يراد منه، مشاركة القوات المسلحة واسنادها. وتحتاج مثل هكذا اعمال الى ما يسمى بفن السخرية الهادف المستمد من حقائق ووثائق يمكن ان يستند عليها في فضح وتعرية اﻻخر. وبالتالي تكون اﻻجابة عن السؤال. إنه عمل تعبوي وحربي يدخل في دائرة المعارك التي يخوضها العراق ضد اﻻرهاب . بينما يقول المخرج حسين السلمان: العمل التلفزيوني يخضع لمعاير تختلف عما عليه في الخطابات التي يبعثها المسرح أو الرواية وحتى السينما التي يقترب منها التلفزيون، وعليه فاننا حينما ننظر الى هذا العمل، أقصد "دولة الخرافة" لا نجد ما هو مطلوب منه ان يقدمه باعتباره يتخذ توجها ونهجا لكشف حالة خطيرة يتعرض لها الوطن. هنا نكون قد انشطرنا الى شظايا مختلفة الاحجام والاشكال. فالمسلسل لا ينتمي الى جنس أدبي واضح المعالم بقدر ما كان خليطا غريبا. فلا هو بالعمل السياسي الذي يستطيع ان يقدم الفكرة السياسية ويعمل على توظيفها ضمن المسارات الوطنية المطلوبة في هذه المرحلة، فهو لم يستطع دراسة الاهداف التي يجب ان يحددها ولا الاسلوب الفني الذي يجب ان يتماهى مع الشكل الذي تمت صياغته. ولهذه الاسباب تغيب المسلسل عن الرسالة النقدية التي عمل على اقحامها من دون الوصول الى الهدف، فسقطنا في الكوميديا الرخصية، بل ذهبوا الى النكات السريعة المتدوالة في الشارع . أنا لا اعتقد ان ما قدم مناسبا لنا انطلاقا من الفهم البسيط الذي قدم حركة دموية كبيرة لها تأثيراتها على العالم بشكل أراه مفيدا او انه جاء في مواقع كثيرة لصالحها، ولهذا فان المسلسل فقد فرصة التواصل معه لانه لم يقدم الحكاية الممتعة التي تستطيع جذب المشاهد. إن هذا يعود الى ضعف النص الادبي الذي يبدو لي افسده الارتجال في التصوير باعتماده على ما تفرزه الحظة، ومن ثم جاء التنفيذ الفني ليكون مساعدا كبيرا في تدهور العمل وذهابه الى التسطيح الذي غلب على مجمل العمل الذي كان يجب إنتاجه بهذا الشكل البسيط.

مشاركة :