واجه أستاذ البلاغة والنقد بجامعة أم القرى الدكتور محمد مريسي الحارثي، انتقادا حادا من بعض الحضور في محاضرته «منطلقات الفكر الثقافي» البارحة الأولى بنادي مكة الأدبي، حينما قال: «إن الثقافة العربية لم يحملها سوى اللغة (الفصحى) ولم تحملها (العامية)»، التي اتهمها بأنها لم تنقل الثقافة العربية بكل وضوح. ومن المعترضين على ذلك الدكتور عبدالعزيز الطحي وعلي العيدروس ومشاعل العتيبي، الذين أوضحوا أن اللهجة العامية ساهمت بنقل الثقافة العربية وليست (الفصحى) فقط، والواقع يشهد على ذلك. في حين، أكد ابن مريسي في محاضرته أن منطلق اللغة هو المنطلق الثاني من منطلقات الثقافة بعد رابط الدين، مشيرا إلى أن الثقافة العربية ليست ملكا لأحد بل هي ملك شعب، لها قانونها الوضعي والإعرابي والتوسعي، الذي تواطأ العرب عليه ولم يخرجوا عنه إلا أثناء الزلل والخطأ، ولها مستوياتها، فالتخصص هو لغة الحقائق العلمية والبراهين العقلية، مبينا أن الشعبي صحيح لكنه من السهولة الوصول إليه وكشف أسراره، مشيرا إلى أن اللغة العربية الفصحى هي التي حملت الأساليب الراقية وليست اللغة العامية، منتقدا لغة القنوات التلفزيونية التي تستخدم اللغة القبلية العامية في برامجها مبتعدة عن الفصحى. وكان الحارثي، قد أكد بداية محاضرته أن العنصر العقدي الأيدلوجي العرفي هو المهيمن على الثقافة العربية، لأنها ثقافة نظرية، مبينا أن العقل العربي ليس عقلا علميا، وإنما عقلا حسيا، وهو العنصر المهيمن على بقية المنطلقات الأخرى، موضحا أن المثقف المنتج نادر الوجود والأغلب فهو المستهلك، وهذا ليس نقصانا في العقل العربي ولكن عبارة النظري لا تضيره. ووصف الحارثي، الشاعر نزار قباني بأنه يستخدم اللغة الشعبية في قوله «إنه يستخدم لغة شعبية استطاع عن طريقها إعادة العجائز صبايا في التغني بالشعر».
مشاركة :