الألماني كريستوف بيترس: «حجرة في دار الحرب» قراءة لأفكار المتطرفين

  • 10/28/2017
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

من ألمانيا أرسل لي أعماله التي سبق ترجمتها إلى اللغة العربية, رواية (حجرة في دار الحرب) ومجموعته القصصية (استئناس الغربة). استلمتهما في حائل, وقرأتهما. كانت الرواية تتحدث عن شاب ألماني يدخل الإسلام ثم ينخرط في إحدى الجماعات الإرهابية, وهي من الروايات الجريئة بدخولها هذا الموضوع الشائك. كريستوف بيترس روائي وشاعر ألماني مسلم. تواصلت معه فوجدت رجلا منفتحا عميقا شغوفا بالمعرفة والانفتاح على الآخر, أترككم معه في هذا الحوار. كتبت روايتك (حجرة في دار الحرب) عن الجماعات المتطرفة, وهي قضية شائكة, لماذا اخترت هذا الموضوع؟ كنت مهتما على الدوام بالفكر الديني المتشدد, فقد درست في مدرسة كاثوليكية محلية محافظة للغاية, وأصبحت فيما بين عاميّ الرابع عشر والسادس عشر عضوا في الزمرة الأكثر راديكالية. وبعد أن انتابتني المزيد من الشكوك حول الحقيقة العالمية للدين المسيحي, بدأت البحث في مختلف أنحاء العالم للحصول على الإجابات الأخرى التي لدى البشرية حول الأسئلة الكونية. زرت مصر للمرة الأولى عام 1993م, وكنت في سن الثالثة والعشرين. كانت أختي غير الشقيقة تعيش هناك, وقد تزوجت مصريا وأسلمت. ناقشت كل الذين التقيت بهم من أقارب وأصدقاء أو غيرهم كيف أن الدور الإسلامي سيحسن معيشة الشعب أو العكس. ففكرت: أنني أعرف المتطرف الديني وكيف هو شعوره داخليا, وأفهم بعض دوافعه العاطفية, ولدي أيضا أبعاد كبيرة مع جميع أنواع الأفكار الأصولية التي ينبغي أن تكون قاعدة جيدة للكتابة عن هذه الظواهر, التي في الواقع لا أحد تقريبا في الغرب يستوعبها. لاقت الرواية جدلا واسعا وردود فعل غاضبة في كلا الجانبين, المسلمين والألمان. حدثنا عن هذه القصة؟ كان الهدف الأول الذي اتبعته حينما حاولت الدخول في عقل الإرهابي, هو تعقب أفكاره . كنت أود اكتشاف ما إذا كان لديه أسباب منطقية ونفسية واجتماعية وسياسية معقولة ليصبح كذلك. لذا كان علي أن ألج إلى أفكاره بعمق, وأجعله يجادل بقوة. حتى أنني اتهمت حينما تم تدشين الرواية من قبل ما يسمى بالتنويريين من صحفيين ونقاد بأنني كتبت نوعا من الدفاع عن الإرهاب . وفي الجانب الآخر, قال بعض المسلمين أنني صورت الإسلام كدين عنيف. أعتقد أن كلا الفريقين كان مخطئا. أنا فقط حاولت أن أفهم بدلا من أن أحكم. على كل قارئ للرواية أن يبدأ جدله الخاص مع أفكار بطل الرواية: عبدالله سافاتسكي. تختار غالبا في رواياتك شخصيات راديكالية, لماذا؟ لأنني أخاف على نفسي ان اتطرف, لذا أحاول حينما أكتب فهم كيف تعمل الأفكار الراديكالية وأرى كلا جانبيها الصالح والطالح. هذا يحميني من أن أكون متطرفا, أحتاج ككاتب أن احتفظ بمسافة وأبقى محايدا. إنها عن فهم جوهر طبيعة الإنسان. ألم تخش الوقوع في فخ الأيديولوجيا عند الكتابة عن مثل هذه القضايا ؟ زيارتي لمصر سبب اعتناقي الإسلام العالم أسرة بشرية واحدة متعددة الثقافات أعتقد أنه كان لي مرحلة أيديولوجية إبّان شبابي ومراهقتي. وبعد ذلك, الملاحظة الذاتية القريبة, التي هي واحدة من الأمور الأساسية للأدب الجيد, فضلا عن المنهج الديني المتوازن, جعلاني بعيدا عن الأيديولوجيا المتطرفة. بحثت لعدة سنوات في تاريخ الجماعات المتطرفة. حدثنا عن ذلك؟ حينما بدأت العمل في هذا الموضوع, في عام 1995م, لم يكن ثمة أي معلومات تقريبا وحتى الكتب عن ذلك لم تكن متوفرة في ألمانيا. لاحقا تم السماح بكتب (جيل كيبل), وحصلت على الطبعة الإنجليزية لكتاب سيد قطب (معالم في الطريق), لذا قرأت كل ما يمكن أن أحصل عليه. لكن أهم مساعدة للتعمق في ذلك حينما التقيت بالناس في الاماكن العامة وتعرفت على الكثير من الافكار والمعلومات. حدّثنا عن قصة دخولك للإسلام؟ ما الذي شدك للإسلام؟ انتابتني في سن السادسة عشرة المزيد والمزيد من الشكوك حول المفهوم المسيحي للثالوث وفكرة أن عيسى عليه السلام هو ابن الله أو الله نفسه. لم أحبذ هذه الفكرة, وكنت بحاجة إلى استكناه جميع المفاهيم الدينية المتعلقة بذلك. لذا قرأت في الديانات الأخرى كالشامانية والبوذية والطاوية... وتحدثت كثيرا مع صهري المصري حينما كنت في القاهرة, فقال لي: الإسلام دين بسيط, تؤمن أن ثمة إلهاً واحداً فقط, وأنه أرسل الرسل لجميع البشر وكان آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم, وتصلي خمس صلوات في اليوم, وتصوم رمضان وتؤدي الزكاة وتؤدي فريضة الحج إلى مكة المكرمة مرة واحدة إذا ما كنت مستطيعا لذلك. هذا كل شيء, إنه سهل للغاية, ليس ثمة حاجة إلى كهنة أو وسطاء آخرين بينك وبين الله. لذا بدأت القراءة عن الإسلام, وأدركت بالطبع أنه ليس بهذه البساطة.. وإن كان بشكل ما كذلك. نطقت الشهادة ذات يوم قبل عشرين عاما, وقد كانت المرة الأولى لنفسي فقط, ثم أمام أب لبناني وابنته في مكتبة نيويورك, ثم أمام إمام تركي, ثم امام عالم جليل في المسجد النبوي في المدينة المنورة. ما هو حجم المسلمين في أوربا؟ وما أبرز التحديات التي يواجهونها اليوم؟ أعتقد أن تقبل أي ممارسة دينية جادة في أوربا آخذ في الانخفاض منذ ثلاثة أو أربعة عقود. فعند قولك أنا مؤمن وأتبع نهجا دينيا ما فهذا يجعلك غريبا نوعا ما, لاسيما في الأوساط الفكرية, بغض النظر عمّا إذا كنت مسيحيا أو مسلما أو بوذيا أو أيا كان. كما أن لدى العديد من الغربيين نوع من التحيزات خصوصا ضد الإسلام, وهذا بالطبع بسبب الحوادث الأخيرة والأسباب التاريخية. ومع ذلك فإن الدين في أوربا شأن خاص. يمكنك أن تؤمن بما تشاء وتمارس ما تريد طالما أنك تحترم القوانين المدنية. ثمة مئات المساجد في ألمانيا , الكبيرة منها والصغيرة, ولا أحد يهتم عادة إذا ما ذهبت إلى هناك. لذا آمل أن يسود المتسامحون الذين يحترمون طريقة عيش الآخرين وخياراتهم. بعض الإمبراطوريات الإسلامية في الماضي نماذج عظيمة لكيفية تعايش أمم وديانات مختلفة معا في سلام واحترام, علينا جميعا أن نتعلم منهم في هذه الأيام التجارة الموسعة, والهجرة والعولمة الثقافية. *هل يمكن أن تحدثنا عن الأدب الألماني اليوم؟ وكيف تقيمه؟ -يملك الأدب الألماني مفاهيم وأساليب مختلفة ومتنوعة بشكل كبير, وثمة العديد من الكتاب المثيرين للاهتمام, لكنني في الحقيقة لا اقرأ الروايات كثيرا الآن, لأنني اكتب لنفسي في المقام الأول, ومن ثم الصوت المختلف الذي يتقاطع مع أسلوبي. كما أن لدي الكثير من المواضيع في الثقافة والتاريخ والدين, وأنا منصرف للبحث لذا فإن غالب قراءتي من الكتب غير السردية.هل أنت على إطلاع كاف على الأدب العربي؟ إنني متوسط الدراية به. قرأت لمعظم الكتاب المصريين مثل نجيب محفوظ وعلاء الأسواني وخالد خميسي, وأعجبت بهم, كما أعجبتني كثيرا رواية صبري موسى السوداوية للغاية (فساد الأمكنة). ولكن من الصعب أن أقول شيئا محكما حيالها, لأن لغتي العربية ما تزال قاصرة جدا في القراءة للمبدعين, ومن أكثر الأمور أهمية للأدب الجيد هو جمال وقوة اللغة. لديك زيارة قريبة قادمة للمملكة العربية السعودية, ما الذي ستفعله هنا؟ وماذا تود أن تقول لقرائك في السعودية في نهاية هذه المقابلة؟ أتطلع إلى زيارة المملكة العربية السعودية مجددا. فقد ذهبت إلى مكة والمدينة قبل ست سنوات لتأدية مناسك العمرة . آمل أن اجتمع بالكثير من الناس المثيرين للاهتمام وأعرف كيف يفكرون في الحياة والدين والسياسة والمجتمع والأدب. سافرت خلال السنوات الماضية كثيرا في جميع أنحاء العالم وزرت العديد من البلدان خاصة في العالم الإسلامي مثل مصر وباكستان والمغرب ولبنان وتركيا. ورأيت الطرق المختلفة للحياة. أعتقد أن أكثر ما أدهشني في السفر هو إدراك أن تنوع الشعوب والثقافات هو أفضل وسيلة لفهم أننا جميعا من أسرة بشرية واحدة, فكما يقول القرآن :"وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا". كريستوف بيترس الرواية تتعقب أفكار الارهابيين

مشاركة :