لنا عبدالرحمن تفتح "صندوق الحياة" في ورشة الزيتون

  • 10/28/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في ندوتها النقدية التي تعقد كل يوم اثنين، استضافت "ورشة الزيتون الأدبية" ندوة لمناقشة المجموعة القصصية الجديدة “صندوق كرتونى يشبه الحياة”، للكاتبة والناقدة لنا عبدالرحمن، بحضور كل من الكاتب والناقد شعبان يوسف، والناقد د. محمد ابراهيم طه، والناقد أسامة ريان، والكاتبة عزة كامل. قدم للأمسية الكاتبة سامية أبو زيد، حيث ذكرت في البداية تعريفا عن الكاتبة وعن رحلتها مع الكتابة الروائية والنقدية، موضحة أنها كاتبة متميزة سواء فى رواياتها السابقة أو حين كتبت قصصا قصيرة، فضلا عن تميزها على المستوى النقدى، قائلة: "القصص ممتعة جدًا، وكتابات لنا عبدالرحمن بشكل عام مهمة، ولا بد من قراءتها بتعمق لاستكشاف خباياها سواء كتبت إبداعًا أو نقدا". تحدثت الكاتبة عزة كامل قائلة: يبدو للقراءة الأول لمجموعة "صندوق كرتوني يشبه الحياة" أنه لا يوجد تصاعد درامى، وربما كان هذا سر الانجذاب نحو هذه القصص، حيث هناك ولع بكسر التوقعات، تريد الكاتبة أن تكسر الصورة النمطية التي ينشغل بها الذهن، العالم الذي تقدمه عبدالرحمن سواء بالنسبة للرجال أو النساء فيه ألم ومرارة وغضب، رغم هذا فيه أمل بعيد لدى الأبطال؛ كما أنها ساردة متأنية لها فلسفتها الخاصة، هي مثلًا تحب العتمة وتكره الضوء الذي تنزعج من حضوره الطاغي، أيضا تترك للموقف استدعاء ما يلزمه من رؤى لإعادة طرحه بشكل أكثر عمقا ووضوحا، كما نجد مثلا في قصة "الضوء"، فقد لعبت على التناقض الواضح بين فكرة الضوء والعتمة، أيضا قصة "مدينة الألعاب"، والغموض الذي يكتنف الأبطال، نهايات القصص التي كتبتها لنا عبدالرحمن متفردة، وشخصيات القصص مختلفة ومستقلة لها حضورها الخاص، ونجد هذه السمة في معظم القصص التي شكلت فيها الوحدة والعزلة مكانة رئيسية في الحالة التي يعيشها الأبطال، وكأن الكاتبة تحكي عن الاغتراب الذي يعيشه الفرد المعاصر في وجوده معزولا في جزر منفصلة، كما رأينا هذا في معظم القصص وتحديدا القصة الأخيرة "محطة نيويورك، بئر استوكهولم". وختمت عزة كامل كلمتها بأن قصة "نيغاتيف مشوش لأيام الأسبوع" من وجهة نظرها لا تنتمي للسياق عينه في المجموعة حيث عملت الكاتبة على أنسنة الأيام وتقديمها كأشخاص يعيشون بيننا. • عزلة الكائن المعاصر قدم الناقد د. محمد ابراهيم طه رؤيته النقدية للمجموعة التي تتضمن ثلاثة عشر قصة معتبرا أن القصص كلها يجمعها خيط واحد هو الألم الداخلي، وعزلة الكائن المعاصر ككل وانشغاله بعالم الباطن أكثر من الخارج، وهذا يتجلى أكثر في تعمد الكاتبة تجهيل المكان، فهي تحدد الأماكن في ثلاث قصص فقط، في حين أن باقي القصص لا تذكر أماكنها بالضبط، وكأنها تريد أن تجعل من أبطالها من الممكن وجودهم في أي مكان، فالمعاناة التي يتحدثون عنها هي "العزلة" وغياب الآخر، وافتقاد البهجة لسبب ما، وهذه الحالات الإنسانية المشتركة بين البشر تسمح بأن تكون القصص متجاوزة لفكرة البلدان أو المدن، أو الانتماء لمكان محدد. في قصة "خمسة وجوه لعالم حياة" نجد بطلة تحتفل بعيد ميلادها الخمسين، لكنها داخليا تعاني من وحدة مأساوية وترغب بالعزلة أكثر مما ترغب في لقاء أصدقائها والإدعاء أنها على ما يرام، هذا نجده أيضا في قصة "بيت الأربيسك"، والبطلة التي تكثف سرد قصتها منذ الطفولة وحتى وجودها في بيت زوج علاقتها به معقدة، لكنها أيضا بلا مكان محدد، بل من الممكن أن تنطبق على أي علاقة لامرأة تعيش في مجتمع شرقي. الشاعر والناقد شعبان يوسف قدم مداخلته المكتوبة ومما جاء فيها: "صندوق كرتونى يشبه الحياة" مجموعة قصصية ممتعة، رغم مأساوية الكائنات المطروحة فيها، ربما لأنها كائنات تشبه عصرنا المشوه والمعتوه، والذي يباغتنا كل يوم بمآس وحكايات سوريالية، تلك الحكايات التي نجد نظائرها وأشبهها في تلك القصص الجديرة بالقراءة، والتي تمنحنا تلك المتعة السحرية الخالصة. تستخدم الكاتبة تقنيات متعددة، ونلاحظ أنها لا تنفلت من ذكر عناصر ثقافية، تلك العناصر المأخوذة عن السينما أو الأدب أو الكتب، ونقرأ أشعارا لبدر شاكر السياب من قصيدته "أنشودة المطر"، ونقرأ استشهادا بمحمود درويش، ونجد استنادا إلى رواية "عالم بلا خرائط" لعبدالرحمن منيف، القصص تنطوي على تلك الإشارات الثقافية، دون أن نشعر بأنها مقحمة أو مدسوسة، ولكننا نقرأها بيسر وعذوبة وسهولة، رغم وعورة الأحداث، وهشاشة وارتباك الشخصيات. • لا شيء ثابت في الوجود القاص والناقد أسامة ريان رأى أن القصص كما لو أنها مكتوبة بيد سيناريست، تحديدا في القصة الأولى التي حملت عنوان المجموعة، والتي تحتل فيها المشهدية حيزا مهما، اختارت الكاتبة أن تتحدث عن أبطال تجاوز بعضهم الخمسين وكأنها بذلك تتحدث عن أشخاص يحملون خبراتهم الخاصة، ليقدموها للعالم، مؤكدة من خلال وجهة نظرهم على قضية فلسفية تشغل الإنسان باستمرار وهي "ثبوت التغير"، حيث لا شيء ثابت في الوجود إلا التغيير، هذا نراه واضحا في معظم القصص التي يعاني أبطالها من عدم اليقين، ومن إدراكهم أن اللاثبات قادم لا محالة، لذا فإن السرد في قصص لنا عبدالرحمن يميل لمحاكاة الزمن بأسلوب غير مباشر، من دون التطرق إليه بشكل واضح لكن كل المؤشرات تصب في إطار التساؤلات عن الزمن والجسد أيضا، في كل حالاته في شيخوخته كما في قصة "مكعبات السكر"، أو في سعيه للترفيه كما في قصة "آنهيمالا"، أو في اغترابه وقلقه كما في قصة "البحر يتجه شمالا". وإن كانت الكاتبة تلعب على فكرة "الأشياء السحرية" التي تنطلق من الصندوق الكرتوني، هذا التشبيه الذي نجده في القصة الأولى إلا أن هذه الأشياء السحرية نجدها في كل قصص المجموعة حيث الغرابة والمفاجآت لا تتوقف عند القصة الأولى، بل يمكن اعتبارها سمة تنطبق على سائر القصص. في ختام الأمسية تحدثت الكاتبة لنا عبدالرحمن عن علاقتها بفن القصة القصيرة قائلة: إن هذه المجموعة كتبت عبر عدة سنوات، خلال الاستراحة من كتابة الرواية، وأوضحت أنها تعتبر فن القصة من الفنون السردية الصعبة، لأنها تحتاج إلى تكثيف، وذكاء في اختيار البداية والنهاية واللغة الرشيقة. (خدمة وكالة الصحافة العربية)

مشاركة :