صناعة السيارات بين «سيليكون فالي» و«ديترويت»

  • 10/29/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

منذ سيطرة السيارات ذاتية القيادة وتطبيقات الهواتف الخاصة بوسائل النقل، التي يقدمها «سيليكون فالي»، على خيال الناس، سيطرت كذلك احتمالات نشوب معركة ملحمية بين القوة الصناعية والقوة التكنولوجية على خيالهم. أصبح توقع حدوث مواجهة بين مجال تصنيع السيارات والتكنولوجيا أمراً حتمياً.مع ذلك بعد أول تراشق، واستثمارات تقدر بمليارات الدولارات، أصبح هناك مؤشرات تدل على أنه من الممكن ألا يكون حدوث صراع محتدم بين «سيليكون فالي» وديترويت الشهيرة بصناعة السيارات أمراً حتمياً. تشير التطورات الأخيرة إلى أن التكيف والتنوع هما اللذان يقودان إلى النجاح، لا المغالاة في استخدام القوة.يقف وراء هذا التحول إدراك أن ما يطلق عليه سوق وسائل النقل لن يصبح هو الإنترنت القادم الذي ينتظر التحول إلى عمليات قليلة أشبه بالاحتكار. تثبت شركة «تسلا»، التي كانت ذات يوم نموذجاً للطموحات اللامحدودة للتكنولوجيا المتقدمة أن تصنيع السيارات لم يكن قطاعاً مكوناً من بلهاء ينتظر مصيره من الدمار على أيدي ثقافة البرمجيات الناشئة. رغم أن الهجوم الأول المباشر الذي قام به «سيليكون فالي» على مجال السيارات ترك أثراً لا ينمحي، يوضح ما بذله من جهد فيما يتعلق بالجودة، والخدمة، وتكنولوجيا القيادة الذاتية، أن العمل الجاد لا يتعلق بامتلاك الرؤية فحسب، بل بتنفيذها أيضاً.وحتى رؤية «تسلا» تعاني من عجرفة التكنولوجيا المتقدمة الخاصة بها. بعدما أثبتت الشركة أن السيارات الكهربائية يمكن أن تصبح قوية، وطموحة، بات من الواضح أن قيم العلامة التجارية الطموحة للشركة تمنعها من استغلال الفرصة الحقيقية بالنسبة إلى السيارات الكهربائية التي تعد تكلفتها في متناول الأيدي وتصلح للمسافات القصيرة. أيضاً يبدو أن «أوبر»، التي شغلت قسم الروبوتات في جامعة «كارنيجي ميلون» من أجل تطوير تكنولوجيا القيادة الذاتية للسيارات الخاصة بها، أدركت أنها غير قادرة على تنفيذ مهمة تصنيع «سيارة الأجرة الآلية» وحدها؛ فهي مثل الكثير من الشركات الأخرى المتخصصة في التكنولوجيا، في حاجة إلى مساعدة في تطبيق معايير السلامة المعقدة.على الجانب الآخر، تجري «جنرال موتورز» نقاشات مع «أوبر»؛ لأن «ليفت»، شريكتها السابقة في مجال سيارات الأجرة، رأت إدارة «أوبر» المتعثرة فرصةً كبرى. ومن أجل استغلال هذه الفرصة تخلت «ليفت» عن شراكة مبكرة مع «جنرال موتورز» يمكن أن تقيد طموحها بأن تصبح منصة عالمية للسيارات الأجرة ذاتية القيادة. مع ذلك، هناك مستوى آخر من قصر النظر في الولايات المتحدة، ويتضح ذلك في التحليلات الخاصة بمستقبل وسائل النقل، ويمنع ذلك من إدراك أن العالم أكبر من «ديترويت» و«سيليكون فالي». هناك استثمارات ضخمة تقوم بها مؤسسات كبرى في آسيا لا يضعها في الاعتبار الكثير من الأميركيين، بل وحتى بعض الخبراء في هذا المجال. وتعد كل من «فوكسكون» و«أي دي جي كابيتال» هما الأحدث عهداً، حيث تتطلعان إلى جمع 1.5 مليار دولار لإنشاء صندوق تكنولوجي، لكنهما تحاولان في الوقت ذاته مواكبة الاستثمارات الحديثة في كل جانب محتمل لوسائل النقل المستقبلية التي يقوم بها صندوق «فيجن فاند» التابع لمؤسسة «سوفت بانك» الذي تبلغ قيمته 100 مليار دولار.في المقابل، يبدو أن شركة «بايدو» الصينية للتكنولوجيا أدركت الحاجة إلى التنوع قبل أكثر الشركات الأخرى، حيث تسعى لتدشين منصة لوسائل ذاتية القيادة طموحة ذات مصدر مفتوح تتطلع لأن تصبح «أندرويد» وسائل النقل في المستقبل. كذلك، توجد شركات عملاقة صينية أخرى، منها مجموعة «علي بابا»، وشركة «تينسنت»، تزيد الرهان على الكثير من المشروعات الناشئة، وتقيم شراكات مع شركات صينية وعالمية مصنعة للسيارات.من الصعب عدم رؤية تلك التطورات أمراً جيداً. لقد بدا أن المراحل الأولى لدورة تكنولوجيا وسائل النقل تركز على إيجاد الشركة التي تشبه «غوغل» و«فيسبوك» والتي ستهيمن على المشهد في المستقبل. وتعد كل من «أوبر» و«تسلا» نموذجين كلاسيكيين لهذه الدورة الأولى، فقد كان الطموح الهائل لكل منهما هو ما جعلهما تدفعان التقديرات نحو مستويات جنونية إلى حد جعل المضاربين الجدد في مجال النقل يراهنون على مستقبل متخيل يشبه فيه العالم الحقيقي عالم الإنترنت.يبدو أنك إذا كنت واثقا من أن شركة واحدة أو نوعية محددة من التكنولوجيا هي التي ستحكم مستقبل وسائل النقل، فأنت عالق على الأرجح داخل فقاعة كبيرة من المؤكد أنها ستنفجر. إذا رجعت خطوة إلى الوراء، وتأملت العالم، وسلسلة الوسائل التكنولوجية الضخمة اللازمة لجعل وسائل النقل ذاتية القيادة التي تعمل تحت الطلب واقعاً، ستدرك أن النهج الجديد الذي تتبعه الشركات الأكثر ذكاءً هو السعي نحو التنويع وإقامة تحالفات استراتيجية.* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»

مشاركة :