مكاسب لا تحصى للمرأة من الثورة الروسية

  • 10/29/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بوشكينو (روسيا) - حملت ثورة 1917 معها ايضا تغيرا كبيرا على صعيد الاخلاق والذهنيات في اولى سنوات روسيا السوفياتية مع تحرر النساء والترويج للحب الحر اي من دون رابط الزواج، قبل عودة التشدد سريعا. ويوضح المؤرخ فلاديسلاف اكسيونوف من معهد التاريخ الروسي ان "الثورات الجنسية غالبا ما رافقت الخضات التاريخية الكبرى". بعد الثورة، بدأت النساء الروسيات يناضلن من اجل نيل حقوقهن السياسية والتمكن من اختيار شريكهن الجنسي بحرية وتشريع الاجهاض. وقد حصل ذلك بدعم كبير من البلاشفة الذين يدافعون عن مبدأ مفاده ان "ممارسة الحب يجب ان يكون سهلا مثل شرب الماء". وفي البلاد بدأت تظهر جمعيات تدافع عن الحب الحر المتحرر من رابط الزواج، في حين راح مؤيدو التعري يسيرون بحرية في شوارع موسكو. وحاولت بعض المناطق حتى إقرار مراسيم تلغي "حصرية" العلاقة بين الازواج لتكون النساء "ملكا للدولة" وفي "متناول" كل عامل بروليتاري. وفي مؤشر الى تبدل الذهنية، اقر البلاشفة في ديسمبر/كانون الاول 1917 مرسوما يشرع الزواج المدني. ولم يعد الزواج الديني الزاميا. وسريعا باتت العائلة التقليدية تعتبر من مخلفات الماضي. وباتت الاسرة والاطفال تعتبر عوائق امام بناء "مستقبل ساطع" تعد به الشيوعية. ولتحرير النساء، فتحت دور حضانة ومقاصف ومواقع عامة لغسل الملابس في كل ارجاء البلاد. في العام 1917 "تقدمت روسيا على اوروبا والولايات المتحدة من خلال منحها المرأة حق الاقتراع" على ما يشير فلاديسلاف اكسيونوف. ولم تحصل الاميركيات على حق الاقتراع إلا في العام 1920 والفرنسيات في العام 1944. رائدات وحصلت هذا التقدم لان النساء لعبن ايضا دورا ناشطا في الثورة الروسية. ومن بين هؤلاء ناديا كروبسكايا زوجة لينين والكسندرا كولونتاي. وكانت هذه الاخيرة وزيرة للشؤون الاجتماعية في اول حكومة بولشيفية واصبحت هذه المعارضة للزواج من اوائل النساء اللواتي يعين سفراء في العالم. ومن بينهن ايضا الفرنسية إينيس ارمان التي يعكس كتاب سيرتها التبدلات في المجتمع الروسي. وقد وصلت الى روسيا في سن السادسة وهي تنتمي الى عائلة فنية باريسية و"ادركت منذ سن المراهقة ان دورها كامرأة في المجتمع الروسي لا تحسد عليه" على ما تقول قريبتها رينيه ارمان وهي صحافية وصاحبة كتابة عنها. وفي مطلع القرن العشرين، هجرت ارمان زوجها واطفالها الاربعة وحياتها البرجوازية في بوشينكو الواقعة شمال موكسو لتقيم مع شقيق زوجها فلاديمير الذي يصغرها بتسع سنوات. وقد انجبت منه طفلا خامسا وانخرطت في القضية البولشيفية. ويقول فسيفولود ايغوروف-فيدوسوف الذي يدير جمعية ورثة عائلات فرنسية في موسكو "كانت امرأة نشطة جدا. ربما كان الدم الفرنسي وصدى الثورة الفرنسية وراء ذلك". بعد وفاة فلاديمير في العام 1909، تعرفت اينيس ارمان على لينين الذي كانت تكن له اعجابا كبيرا. واصبحت سريعا ذراعه اليمنى اذ كان هذا الاخير يرسل من منفاه هذه المرأة التي تتحدث لغات عدة للمشاركة في مؤتمرات دولية. واسسا معا في العام 1914 صحيفة "ربوتنيتسا" (العاملة باللغة الروسية) المكرسة لنضال المرأة. وكانت تعتبر ان النساء هن عبدات يقمعهن العمل والحياة العائلية. وحدها الثورة يمكن ان تساعدهن على تحقيق المساواة في الحقوق مع الرجال. وتقول رينيه ارمان "سرت الكثير من الشائعات حول قصة حب جمعت بينهما. وكتب سياسي اشتراكي في تلك الفترة ان لينين لم يكن قادرا على تحييد نظره عن صديقته الفرنسية. الا ان زوجته ناديا كروبسكايا لم تكن تعلق اهمية عليها. فهي كانت تدرك ان حب لينين الوحيد هو الثورة". لكن التشدد عاد ليهيمن سريعا. ففي عهد ستالين تمت المحافظة على بعض مكاسب المرأة الاجتماعية الا ان الدولة عملت على الاشراف بشكل صارم على الحياة الخاصة لمواطنيها وعادت بنية العائلة التقليدية لتحتل مركزا بارزا. في العام 1986 وبعد بدايات البيريسترويكا وخلال برنامج تلفزيوني تخلله حوار بين اميركيين وسوفيات قالت امرأة روسية "لا نمارس الجنس هنا ونحن ضد ذلك قطعا!" وهو تصريح صادم أضحك ملايين السوفيات وجسد على طريقته عقودا من الاحتشام التي عاشتها البلاد حتى انهيار الاتحاد السوفياتي، بعيدا عن تجاوزات اولى سنوات الثورة.

مشاركة :