عالم لا يطيق بعضه

  • 10/30/2017
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

إقليم كتالونيا يقرر الانفصال بقرار برلماني، الأكراد في العراق يستفتون أنفسهم من أجل الانفصال، وفي سوريا، يتردد أن الأكراد يسعون للانفصال. كذلك فإن آلاف الأزواج يقررون الانفصال سنويا عن بعض، الأبناء ما ان يبلغوا أشدهم حتى يقرروا الانفصال عن الأهل، شعوب تريد الانفصال عن أنظمتها، وأنظمة لا تطيق شعوبها، حتى الشخص نفسه لم يعد يطيق نفسه ويريد الانفصال عن شكله بما يسميه «النيو لوك»، أو عمليات التجميل.. وحتى في بعض الرحلات، يقوم راكب ما بحجز مقعدين لنفسه كيلا يجلس بجانبه أحد. في السابق كان في المنزل هاتف واحد للجميع، له قرص دائري للأرقام، وحين كان الأب يخشى على أبنائه من الاستعمال الخاطئ للهاتف خشية «المغازلة» يقوم بوضع قفل صغير على قرص الهاتف، اليوم لكل كبير وصغير من أفراد العائلة هاتفه النقال وأصبح العكس، حيث الأبناء يضعون «الباسووردات» حتى لا يدخل الآباء كهوف أسرارهم. السؤال الغريب إذاً: كيف كانت العائلة في السابق تعيش بكامل أفرادها في بيت واحد، بما في ذلك أن الابن يتزوج ثم يأتي بزوجته لتعيش مع أهله، وينجبان أطفالاً ويظلان في البيت نفسه؟ ذاك المنزل كان يمثل كياناً أشبه بالدولة، الأب هو الزعيم، والأم هي السيدة الأولى، والأبناء والبنات وزوجات الأبناء هم الرعية. في السابق كان بإمكان الفرد أن ينجح بمفرده، ومع ذلك كان يفضل البقاء ضمن مجموعة بشرية ليقينه بالتكامل والتكافل. أعجبتني نصيحة ثمينة قدمها رجل الأعمال جواد بوخمسين في لقاء له على تلفزيون الكويت مع الإعلامي بركات الوقيان قبل فترة، حين قال إنه في السابق كان بإمكان الفرد أن يصنع مشروعه منفرداً وينجح فيه، ولكن اليوم نصيحتي للشباب أن يقوموا بمشاريعهم على شكل مجموعات. وهي نصيحة يفترض الأخذ بها من رجل خبير في هذا المجال. العالم يتفكك اليوم إلى جزئيات صغيرة. أصبحت البيوت موحشة والعالم مرعباً يرتدي أقنعة مثل أقنعة الهالوين الذي يصادف بعد غد الأربعاء، وعلى سيرة الهالوين، لم تعد الأقنعة التي يرتديها المحتفلون بيوم الرعب مخيفة، أصبح وجه الإنسان الطبيعي أكثر رعباً وهو يقتل أخاه الإنسان ويكشر عن جشعه وحقده، وأصبحت وجوه الأطفال وهي تحت الأنقاض أشد رعباً. فأقصى ما نشاهده في أقنعة الهالوين، جمجمة بعينين حمراوين وأسنان ملطخة بالدماء، ولكن في النهاية تبقى مجرد أقنعة يمكن خلعها بعد الاحتفال، ولكن كيف يمكن للإنسان أن يخلع وجهه الحقيقي؟! عدنان فرزات

مشاركة :