فساد فاخـر

  • 9/4/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كشفت وزارة العدل عن تحفظها على صكوك مزورة صادرة من كتابات عدل بعدد من المناطق، تتجاوز قيمتها المالية عشرات المليارات من الريالات، وقالت إن غالب ما يتم التحفظ عليه نتيجة عبث عدد من ضعاف النفوس، وغالبه يتركز على إضافة مساحات شاسعة على مشمول الصك وعلى تزوير الصكوك والحصول على صكوك لا رصيد لها، وأهابت الوزارة بكل من لديه إشكال أو شبهة فساد الرفع للجهات الرقابية التي لديها صلاحية الاطلاع على سجلات كتابات العدل كافة، ولم تنس الوزارة مطالبة القضاة وكتاب الضبط بكافة المحاكم وكتابات العدل وقف إجراءات نقل ملكيات أو إفراغ أية صكوك غير عادية أو مشبوهة وكذلك الصكوك التي لا أصول لها بالمحاكم (المدينة أول ذي القعدة الجاري) وبما أن الوزارة لم تشر إلى من اكتشف هذه العمليات المليارية أو كيف تم اكتشافها، مما يلزم شكر الوزارة على شفافيتها وجهودها في سبيل مكافحة الفساد، ومع اعتقادي بنزاهة القضاء ورجاله بشكل عام، بيد أني سألت نفسي: كيف تطور وتدرج الأمر ليبلغ المليارات، وعلى مدى كم من السنين نما وترعرع عبث ضعاف النفوس الذي تتحدث عنه الوزارة؟ لا أعلم حقيقة إن كان لدى الوزارة قسم أو جهاز رقابة ذاتية، كما هو مفترض في كل الوزارات، يتابع ويدقق في مسائل بالغة الأهمية تتعلق بالحق الخاص والحق العام، لكن وصوله للمليارات يشي بتراخي هذه الرقابة الذاتية. القول بنزاهة القضاء لا يمكن أن يلغي أو ينفي مقولة المصطفى عليه الصلاة والسلام «قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة» للتحذير من ثقل أمانة القضاء، والأمثلة على ذلك بدأت تتسرب إلى الإعلام بشكل متزايد منذ بداية التشديد على مكافحة الفساد. صحيح أن المواطن هو الجندي الأول في مكافحة الفساد، لكن طلب الوزارة من المواطنين الرفع للجهات الرقابية في حالة الارتياب في صك يوحي أن الوزارة لا تتعامل مباشرة في قضايا التبليغ هذه، فهل ما يمنع التظلم من حكم قاضٍ وطلب إحالة القضية لقاضٍ آخر؟ ثم، وهذه إحدى مكامن الفساد، قلة القضاة وتعاظم أعداد القضايا وطول فترة التقاضي يعطي الفاسد فرص الفوز بغنيمته، وقد كتبت سابقا أننا من بين أدنى الدول في نسبة القضاة إلى عدد السكان. سؤال أخير إذا أذنتم لي: ماذا تم بعد عملية الكشف، هل أحيلوا للمحاكمة أم سيكتفى كالعادة بإقالتهم للتمتع بالراتب التقاعدي؟ نعلم جميعا الدعم الخاص الذي يلقاه القضاء، نعلم جميعا عن مشاريع تطويره وتمكينه، لكنها جميعا تأخذ وقتا أطول من المعتاد، منذ نحو ثلث قرن ونحن نسمع عن المحاكم الخاصة، كالتجارية والأحوال الشخصية والمرور، ولما يظهر أي منها بعد. بجانب خبر الصكوك المزورة، نشر خبر موافقة المجلس الأعلى للقضاء على بدء بعض المحاكم الخاصة في خمس مدن ابتداء من 21 الجاري، هل يستحق خبر كهذا الانتظار سنوات وهو رافد كبير لتخفيف اكتظاظ المحاكم، أن تصل متأخرا يعني أحيانا أن مشكلاتك ربما كبرت على حلول مشروعك البطيء.

مشاركة :