حلم «المدارس اليابانية» يتحول إلى كابوس في مصر

  • 10/30/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

فصول متسعة ومنمقة، ومعلمون يهتمون بالقدرات العقلية على حساب الحفظ والتلقين، مع تكريس روح الحوار والمناقشات الموضوعية الشيقة؛ كان ذلك حلماً يراود طلاب وأولياء أمور إقليم القاهرة الكبرى المكتظ بملايين السكان، لتجربة تعليمية جديدة.الصخب الإعلامي الذي صاحب الإعلان عن مشروع المدارس اليابانية على مدار الشهور الماضية انتهى بلا شيء؛ وذلك بعدما قررت وزارة التربية والتعليم المصرية تأجيل الدراسة بتلك المدارس لأجل غير مسمى.القرار المفاجئ حوّل حلم التعليم في مدارس جديدة وبأسعار مناسبة إلى كابوس مزعج، أرّق أولياء الأمور، الذين تم قبول أطفالهم بالمدارس اليابانية، وأبدى عدد كبير من أولياء الأمور والمتابعين والخبراء غضبهم الشديد إزاء هذا القرار، لا سيما بعد تقدم نحو 29700 طالب للمدارس اليابانية، لم يقبل منهم سوى 1800 طالب فقط، وبسبب شروط القبول اضطر بعض أولياء الأمور إلى تغيير محل إقامتهم لتتناسب مع شرط الحيز السكني للمدارس الجديدة.يشار إلى أن فكرة المدارس اليابانية في مصر، وُلدت أثناء زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لطوكيو في فبراير (شباط) 2016، بعدما اتخذ قراراً بنقل التجربة اليابانية في مجال التعليم لمصر، من خلال بناء 100 مدرسة مصرية يابانية، لكن التجربة انتهت بالتأجيل.من جانبه، علق عبد الرحمن سعيد، 40 سنة، ولي أمر، وموظف بالقطاع الخاص، على قرار التأجيل قائلا: «صُدمنا من قرار تأجيل الدراسة بالمدارس اليابانية، لأنه أتى بشكل مفاجئ وغير متوقع، وكان من المفترض عدم فتح باب الالتحاق بهذه المدارس حتى يتم الانتهاء منها بنسبة 100 في المائة، وزارة التعليم أخطأت ولن يحاسبها أحد، وأولياء الأمور سيدفعون الثمن». وأضاف قائلا إن «القرار أثر على حياتنا تماما، لأننا قمنا بتغيير محل إقامتنا إلى منطقة حدائق الأهرام بالجيزة، لنتمكن من التقديم وفق شروط المدارس اليابانية، لكن بعد طول الانتظار تبخر حلمنا تماما بسبب عدم وجود رؤية واضحة للمسؤولين».خطة تدشين التجربة اليابانية في التعليم بدأت بترشيح 100 مدرسة قائمة بالفعل، بالإضافة إلى بناء 100 مدرسة أخرى خلال عامين، بمعدل 45 مدرسة كمرحلة أولى تدخل الخدمة في العام الدراسي الحالي 2017 - 2018، و55 مدرسة تدخل الخدمة العام المقبل 2018 - 2019، لكن تم تطبيق التجربة بـ12 مدرسة فقط. وسبق للهيئة الهندسية للقوات المسلحة المكلفة بأعمال الإنشاءات، الإعلان عن قدرتها على تسليم 28 مدرسة فقط، وليس 45. كما حددت وزارة التربية والتعليم، معياري السن والمربع السكني، كشرطين لقبول الطلاب بالمدارس المصرية اليابانية.بدوره، رفض الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم المصري «اتهام وزارته بالفشل في تجربة المدارس اليابانية»، مؤكداً أن «الوزارة نجحت في هذه التجربة، وأن الغرض من التأجيل هو الارتفاع بسقف الجودة».وشدد شوقي على أن «الجانب الياباني ليس من صلاحياته تقرير موعد فتح المدارس اليابانية، أو تأجيل الدراسة بها، مشيراً إلى أن الأمر يتم بالتوافق». وتابع الوزير قائلا: «بدء الدراسة لن يتم على حساب الطلاب وأولياء أمورهم، وبالتالي لن يتم الاستعجال، ولذلك تم تأجيل الدراسة بها إلى أجل غير مسمى».وزير التعليم برر أيضاً قرار التأجيل، بعدم قبول الرئيس عبد الفتاح السيسي ببدء التجربة، قبل أن تكوّن عوامل الجودة كافة، والاستمرارية موجودة بنسبة 100 في المائة»، مؤكداً «اتفاق الجانب الياباني مع الوزارة في هذه النقطة، لأنهم أكثر من يهتم بالجودة والدقة». مشيرا إلى «عودة كل الطلاب المحولين إلى مدارسهم الأصلية... أما المستجدون والبالغ عددهم 258 طفلاً بمرحلة رياض الأطفال فسيتم قبولهم بالمدارس التجريبية المحيطة وفق شروط السن». وأرجع خبراء ومتابعون قرار التأجيل إلى رفض الجانب الياباني رفع المصروفات إلى أكثر من 4 آلاف جنيه (الدولار الأميركي يعادل 17.60 جنيه مصري)، بعد طلب وزارة التعليم بزيادتها لأكثر من ذلك، بينما حدد الجانب الياباني مصروفات المدارس الجديدة بين 2000 و4000 جنيه، لتناسب المواطنين محدودي الدخل.إلى ذلك، قال الخبير التعليمي، كمال مغيث لـ«الشرق الأوسط»: «ما قامت به وزارة التربية والتعليم دليل واضح على حالة العبث والفشل، التي تعيشها الوزارة هذه الأيام، لأنهم لا يفكرون في المواطنين بشكل وطني وموضوعي». وأضاف مغيث: «لو تحدثنا بالمنطق وقلنا كيف تدعو وزارة التربية والتعليم المواطنين للتقديم وهي لم تنته من إعداد المدارس بشكل كامل، ستكون الإجابة (الفشل)، وهو ما أضر بمصالح المتقدمين وعددهم بالمئات». وتحدث عن التجربة اليابانية قائلا: «هذا مصطلح خاطئ، والأصح هو أن نقول (نظام التعليم الياباني)، وما روجت له الوزارة ليس جديدا، أو مُلهما، لأن التعليم في مصر بستينات القرن الماضي كان يعتمد على دعم الأنشطة، والقدرات العقلية للطلاب، وهو ما استفادت منه دول عديدة من بينها اليابان».وتابع قائلا: «كان من الضروري عرض الاتفاقية على الرأي العام المصري للتشاور بشأنها بدلاً من فرض السرية عليها، ولا يمكن وصف ما حدث بداية من عرض المشروع وانتهاء بقرار التأجيل إلا بالفشل».يذكر أن مصر تحتل المرتبة رقم 134 من إجمالي 139 دولة، في مؤشر جودة التعليم الابتدائي على مستوى العالم، وفقاً لتقارير التعليم التنافسية الدولية في عام 2016-2017.

مشاركة :