الحلقة 4 من كتاب هيلاري كلينتون «هذا ما حدث»

  • 10/31/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

بعد هزيمتها في الانتخابات الرئاسية أمام دونالد ترامب في نوفمبر الماضي، نشرت هيلاري كلينتون، روايتها الشخصية للانتخابات ونتائجها، في كتاب تحت عنوان: «هذا ما حدث»، اعترفت فيه بأنها تتحمّل المسؤولية الكبرى عن فشلها، لكنها وجّهت أصابع الاتهام أيضاً، إلى الــ «إف.بي.آي» وروسيا والإعلام الأميركي. وتحدثت عن «صدمة» ليلة الثامن من نوفمبر 2016، ولحظة الإعلان عن نتائج الانتخابات، حين كانت في غرفتها بفندق في نيويورك، والإحساس بـ«الإحباط» و«الحزن» و«خيبة الأمل» التي لم تفارقها على مدى أسابيع. وأكدت رفضها تناول الأدوية المضادة للاكتئاب أو استشارة أطباء نفسيين، وبدلاً من ذلك، لجأت إلى عائلتها، ومارست رياضة اليوغا، كما استعانت بالنبيذ. وكشفت كلينتون أنه «لم يمضِ يوم واحد منذ الثامن من نوفمبر 2016، لم أتساءل فيه: لماذا خسرت؟ أجد أحياناً صعوبة في التركيز علي أي مسألة أخرى». وتصف كلينتون حفل تنصيب دونالد ترامب (الذي لم تطلق عليه لقب «رئيس» أبداً في كتابها)، والذي شاركت فيه بصفتها سيدة أولى سابقة، وتصوّرت لو أنها كانت هي من تُلقي خطاب النصر، بدلاً منه. واستعرضت هيلاري العوامل التي تعتقد أنها أسهمت في هزيمتها، ومنها رغبة جمهور الناخبين في التغيير، ورفض البعض لشخصها، والعداء للنساء، وإحساس شرائح من الطبقات الشعبية البيضاء بأنها مهمّشة اقتصادياً. وكشفت كلينتون أن لديها قناعة راسخة بأن تدخّل مدير الــ «إف.بي.آي» جيمس كومي قبل أيام من الانتخابات رجّح كفّة ترامب، فضلاً عن القرصنة الروسية ونشر وثائق «ويكيليكس» وتركيز الصحافة على الأمر حد الهوس. واستشهدت بفرنسا، التي أحجمت وسائل الإعلام فيها عن تغطية القرصنة التي استهدفت إيمانويل ماكرون أواخر حملة الانتخابات الرئاسية. وقالت: «يبدو أن الناخبين الفرنسيين استخلصوا العبرة، ورفضوا التصويت لمارين لوبن. وربما يكون في حماية فرنسا وديموقراطيات أخرى، بعض العزاء لي». وأكدت كلينتون أنها لن تترشّح لانتخابات بعد اليوم. لكنها تعهّدت بأن «لن أنعزل، ولن ألتزم الصمت، وسأفعل كل ما في وسعي لمساندة المرشحين الديموقراطيين». وفيما يلي ملخص لأهم ما جاء في الكتاب. لأن انتخابات الرئاسة الأميركية تسير بوتيرة سريعة جداً، فإن كل يوم وكل ساعة وكل لحظة لها أهمية. لكن هناك عدداً كبيراً من الأيام يصل إلى حوالي 600 يوم، إذا افترضنا ان الحملة الانتخابية استغرقت عامي 2015 و2016 تقريبا، فعليك أن تحرص ألا ينقضي كل يوم منها دون أن تصل إلى خط النهاية. وقد ذكرني الرئيس اوباما بذلك حين ابديت استعداداي لخوض السباق الرئاسي، وقال لي إن علي أن أعمل بذكاء لا بجد فحسب، وذلك بالنظر إلى طول فترة الحملة الانتخابية. ولمزيد من الحرص، كان يطلب من مدير حملتي جون ونائبته هوما، أن يذكراني بهذه النصيحة. حاولت ان استمع لنصيحته، حيث قلت في نفسي انه افضل من يسدي النصيحة. ألم يفز في الانتخابات لدورتين متتاليتين؟رواد تغيير أحد التحديات المستمرة التي واجهتها كمرشحة كان تصوير البعض لي بأنني أدافع عن الوضع السائد، بينما حاول خصومي تسويق انفسهم باعتبارهم «رواد تغيير». الشيء ذاته حدث لي في انتخابات 2008، ولم أستطع تبديد هذا التصور تماماً. وربما يكون «التغيير» هو الكلمة الأقوى في السياسات الأميركية، ومن أصعب الكلمات تعريفا. ففي عام 1992 وعام 2008 كانت تعني انتخاب قادة شباب وديناميكيين يعدون بالأمل والتجديد. وفي عام 2016 كانت تعني تسليم عود ثقاب لشخص مهووس باشعال الحرائق.أفكار خاطئة والرغبة في التغيير تنبثق من أعماق شخصية مجتمعنا الذي يسعى دائما الى البحث واعادة اكتشاف الذات وهذا من أسباب جعل أميركا عظيمة. لكننا لا تنقضي دائما وقتا كافيا في التفكير بالشروط اللازمة لجعل التغيير – فعلياً – هو التغيير الذي نصبو إليه. التغيير أمر شاق. ولذلك، نخدع كثيرا بقادة يصورون لنا أنه من السهل احداث التغيير، في حين لا تكون لديهم أي فكرة عن عمل أي شيء. وكثيرا ما أهدرنا فرصا حقيقة للتغيير بسبب افكار خاطئة او التباطؤ او التسرع. لقد فكرت في معنى أن أكون صانعة تغيير طوال حياتي. وأخذتني الرحلة من ناشطة طلابية إلى مدافعة عن حقوق المواطن الى صانعة قرار سياسي. وطال مشواري، لم اتوقف أبدا عن البحث وعن التوازن الصحيح بين المثالية والواقعية. وكان عليّ أحيانا ان أقدم تنازلات مؤلمة. لكني حظيت ايضا بأفضلية لقاء أناس أصبحت حياتهم أفضل بفضل ما قمت به من عمل. واليوم، وبالرغم من خسارتي للانتخابات أصبحت أكثر قناعة أن التقدم في ظل ديموقراطيتنا يتطلب مزيجاً من المبادئ والبراغماتية وقدراً هائلاً من العمل الدؤوب.تغيير من الداخل لقد تعزز إيماني بالعمل كناشطة بفضل الاضطرابات الاجتماعية في الستينات والسبعينات، ففي الجامعة وكلية الحقوق، قضيت مع اصدقائي وصديقاتي ليالي طويلة في مناقشة مدى اخلاقية وفعالية العصيان المدني والاشكال الاخرى من المقاومة، وسبل وضع حد للحرب غير العادلة في فيتنام، وتوسيع الحقوق المدنية وحقوق المرأة ومحاربة الفقر والظلم، وهل ينبغي أن يكون عملنا اصلاحياً أم تفجير ثورة؟ التوصل إلى اجماع أم صراع؟ ان ننظم الاحتجاجات أم نشارك؟ «اليسار» الذي كنا نعتبر أنفسنا جزءا منه، كان منقسماً على نفسه، الراديكاليون كانوا يتحدثون عن الثورة، وآمنوا أن الصراع هو السبيل الوحيد لإحداث التغيير. ولا عجب، أن اكون اقرب الى الليبراليين الذين جادلوا بأن هناك حاجة إلى تغيير النظام من الداخل. لقد حاولت في جامعة ويليسلي، دفع الجامعة إلى اتخاذ مواقف أكثر تقدمية من خلال المفاوضات بدلاً من التعطيل، وترشحت لاتحاد الطلبة عام 1968، بهدف اقناع إدارة الجامعة بالتغيير الذي كان يطالب به الطلبة. وفي ذلك الصيف، كنت في منتزه شيكاغو الكبير حين اندلعت تظاهرات احتجاج ضد الحرب خارج مقر الحزب الديموقراطي سرعان ما تحولت الى انقسام صدم الأمة، وكنت اخشى من أن التظاهرات تحدث تأثيراً عكسياً من شأنه المساعدة في انتخاب ريتشارد نيكسون وإطالة أمد الحرب. لقد كانت أوقاتنا مخيفة ومثيرة للجنون والاجهاد، لا سيما بالنسبة لناشطة أميركية شابة.نشطاء تقدميون وعلى الرغم من أنني لم أفكر يوماً بالترشح إلى أي منصب، الا انني ادركت ان السياسات الحزبية هي السبيل الأكثر فاعلية في أي بلد ديموقراطي لتحقيق تقدم دائم وذي أهمية. لقد كان عدد كبير من النشطاء التقدميون – كما الآن – يفضلون النأي بأنفسهم عن السياسات الحزبية. بل ان بعضهم كان ينظر إلى الحزبين باعتبارهما مؤسستين فاسدتين ومتواطئتين، واخرون اصيبوا بالاحباط نتيجة الفشل المتكرر، لقد كنا نشعر بالاحباط في كل مرة يمنى فيها الديموقراطيون بالهزيمة خلال الفترة من 68 – 1988، وهي الفترة التي لم يدخل فيها الديموقراطيون البيت الأبيض سوى مرة واحدة، ولكن على الرغم من كل ذلك، وجدت نفسي انجذب نحو السياسة، وحتى حين تحررت من الوهم، ادركت ان الفوز في الانتخابات كان المفتاح الذي يوصل إلى التغيير الذي تحتاجه بلادنا، ولذلك، شاركت بفاعلية في دعم مرشحي الحزب الديموقراطي جورج مكارثي في تكساس وجيمي كارتر في انديانا، ثم دعمت ترشح بيل في الانتخابات في اركنسو.نشوة النصر ولذلك، لم أكن يوماً أكن احتراماً كبيراً للنشطاء الذين يريدون مقاطعة الانتخابات وإضاعة أصواتهم وتمزيق تحالف اليسار بدلاً من الانخراط الإيجابي، انه أمر يتسم بقصر النظر أن تناهض قوى الخير وستكون له آثار عكسية. وحين يتحدث بعض عناصر اليسار عن عدم وجود أي اختلاف بين الجمهوريين والديموقراطيين أو أن انتخاب يميني جمهوري من شأنه أن يسرع «الثورة» فهذا خطأ فادح. حين كنت اتولى حقيبة الخارجية، التقيت في القاهرة بمجموعة من النشطاء المصريين الشباب ممن شاركوا في تنظيم التظاهرات في ميدان التحرير والتي صدمت العالم وأدت الى اسقاط الرئيس حسني مبارك، في اوائل عام 2011 لقد كانوا يشعرونني بالنشوة من قوة احتجاجاتهم، لكنهم لم يبدوا كثيراً من الاهتمام بتشكيل أحزاب سياسية، أو طرح برامج سياسية، أو الدفع بمرشحين، أو بناء تحالفات. وقالوا إنهم يمقتون السياسة، فتملكني الخوف على ما يعنيه ذلك بالنسبة لمستقبلهم، وكنت أعتقد أنهم ــ بذلك ــ يسلّمون البلاد للقوتين الأكثر تنظيماً في مصر: الإخوان المسلمين والجيش، وتحققت مخاوفي خلال السنوات التالية.عنصرية ممنهجة   لقد جرت مناقشات مماثلة بيني وبين نشطاء «حياة السود مهمة»، خلال حملتي الانتخابية لعام 2016، واحترمت انخراطهم في الحوار الوطني وحين شرفوني بمنحي تأييدهم لي، ولكنني شعرت بالقلق حين أبدى نشطاء آخرون اهتماماً أكبر بالتعطيل والمواجهة بدل العمل من أجل تغيير السياسات التي أسهمت في تكريس العنصرية الممنهجة. كان ذلك في بالي خلال لقائي بمجموعة من النشطاء الشباب في أغسطس 2015، كانوا قد جاءوا من بوسطن لحضور أحد لقاءاتي الانتخابية في نيوهامشاير، ولكنهم جاءوا لتعطيل اللقاء، وتحويل مسار الحديث إلى مقتل عدد من السود في صدامات مع الشرطة، إضافة إلى العنصرية الممنهجة والتمييز ضد السود في التعليم والإسكان والتوظيف والنظام القضائي. وباختصار كانت قضية تستحق الدفاع من أجلها.تسوية صعبة لكن العثور على التوازن الصحيح بين المبدأ والبراغماتية ليس بالأمر السهل. ومن الأمثلة على ذلك بالنسبة لي، كان محاولة إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية في التسعينات، الذي تم على أساس تسوية صعبة ومثيرة للجدل. لقد آمنا ــ بيل وأنا ــ بالحاجة إلى التغيير لمساعدة المزيد من الناس على الحصول على الأدوات والدعم للتحول من الرعاية الاجتماعية إلى العمل. لكن الجمهوريين في الكونغرس كانوا عازمين على تمزيق شبكة الأمان الاجتماعي. وطالبوا بتخفض التمويل والضمانات للرعاية الاجتماعية والصحية والمدارس والإعانات الغذائية، وحرمان المهاجرين ــ حتى القانونيين منهم ــ من المنافع، وعرضوا تقديم مساعدات طفيفة للناس، الذين يريدون أن يعملوا. لقد شجعت بيل على نقض خطة الجمهوريين، وهذا ما فعله، فقدموا صيغة معدلة أكثر توازناً. (يتبع) العدالة المجردة لقد نشأت على قيم ترجيح قوة المنطق والدليل والمجادلة، وعلى أهمية العدالة والمساواة. وكليبرالية عاشت إثارة الحقبة الجامعية في الستينات، فإنني آخذ بعين الاعتبار مسألة رفع مستوى الوعي في المجتمع، لكن الحديث عن العدالة المجردة لا يكفي، فمن الضروري رفع درجة الوعي، لكن لا يكفي لإقناع المدارس بتغيير سياساتها، وتوظيف وتدريب طاقم جديد لتوفير التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة على قدم المساواة مع نظرائهم الآخرين، فهذا الجهد أكثر جدوى من انتظار اندلاع الثورة. تغيير المواقف تجربتي في برنامج الرعاية الاجتماعية جعلتني مقتنعة بأفضل السبل لإحداث التغيير في أميركا، أي خطوة خطوة، وعاماً بعد عام، وأحياناً من باب إلى باب، فأنت بحاجة إلى استشارة الرأي العام، وممارسة الضغط على صناع القرار السياسي. عليك أن تحول مسار السياسات والموارد، وأنت بحاجة للفوز في الانتخابات كي تصبح قادراً على التغيير، أنت بحاجة إلى تغيير المواقف من أجل تغيير القوانين.هيلاري في حفل تخرجها في جامعة ويليسلي عام 1969-(مجلة التايم)

مشاركة :