نجحت موسكو خلال اجتماعات آستانة في تحويل الاهتمام إلى «مؤتمر الحوار الوطني» الذي تعدّ له في سوتشي الروسية لبحث الدستور السوري، وأعلنت الدول الضامنة موافقتها على بحثه في إطار عملية جنيف، في وقت أبلغ الوفد الأميركي وفد المعارضة بأن واشنطن لا تضع رحيل الرئيس بشار الأسد شرطاً للعملية السياسية.وحسب البيان الختامي للمؤتمر الصادر من الدول الضامنة في ختام «آستانة»، أمس، «وافقت تركيا وإيران على مناقشة مقترح روسيا بعقد المؤتمر في إطار عملية جنيف التي تقودها الأمم المتحدة، على أن يكون الاجتماع المقبل لدبلوماسيين من الدول الثلاث في آستانة في النصف الثاني من ديسمبر (كانون الأول) المقبل»، بينما أكد رئيس وفد النظام بشار الجعفري، أن المؤتمر سيُعقد في روسيا بعدما كان مقرراً عقده في سوريا، معلناً الاستعداد للمشاركة فيه، ومنتقداً الدخول العسكري التركي، قائلاً: «اتفاق (آستانة 6) كان ينص فقط على نشر قوات مراقبة من الشرطة على مواقع محددة، لكننا فوجئنا بأن الجانب التركي دخل بعربات عسكرية، وهذا خرق».ورغم وضوح بيان الدول الضامنة بأن فكرة المؤتمر الذي كان قد سُمي «مؤتمر الشعوب السورية» ستُبحث في «جنيف» من دون أن يُحسم القرار بشأنه، أعلنت روسيا أمس، أنها دعت إليه 33 مجموعة وحزباً سياسياً. وفي هذا الإطار، قال مصدر في الوفد لـ«الشرق الأوسط» إن المعارضة ستبحث مع «الهيئة العليا التفاوضية» موضوع «مؤتمر سوتشي»، معتبراً أن روسيا تحاول القفز فوق «جنيف» والانتقال السياسي عبر طرح بحث الدستور، كما تحاول الضغط على المعارضة في آستانة عبر الحملة العسكرية على الغوطة الشرقية وتكثيف القصف لقبول المشاركة في هذا المؤتمر. من جهته، نفى العميد فاتح حسون المشارك في آستانة، أن يكون حسم قرار عقد المؤتمر في سوتشي، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الموضوع لم يُحسم، بل على العكس تم الاتفاق على بحثه في جولة مفاوضات جنيف المقبلة ومع الأمم المتحدة».وعن الموقف الأميركي حول «مؤتمر سوتشي»، قال مصدر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط»: إن «الوفد الأميركي أبدى دعمه لمؤتمر الرياض 2، بينما اشترط موافقته على ما سماه الروس (مؤتمر الحوار الوطني) بموافقة الأمم المتحدة في حال وجدته كافياً ويفي بالحل السياسي»، مشيراً إلى أن موقف الأمم المتحدة بشأنه كان اشتراطها تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ببيان جنيف والقرار 2245، وهو ما رأت فيه المعارضة رفضاً مبطناً.وعلى خط قضية المعتقلين التي كانت المعارضة تنتظر أجوبة بشأنها من الوفد الروسي، لم تنجح المباحثات الشاقة التي استمرت طوال يوم أمس، بين الدول الضامنة في التوصل إلى نتائج بشأنها كما بالنسبة إلى قضايا عدة أبرزها إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة وتثبيت وقف إطلاق النار. وقالت مصادر في وفد المعارضة لـ«الشرق الأوسط»: «رفض وفد النظام ومن خلفه الوفد الإيراني إعطاء أي وعود، أو التوقيع على اتفاق بشأن قضية المعتقلين أو حتى إعطاء أي ورقة في هذا الملف»، معتبرةً في الوقت عينه «أن التقدم الذي تحقق هو وضع هذه القضية على الطاولة وانتقالها من اقتراح تبادل أسرى إلى إطلاق سراح المعتقلين». وأوضحت أن الاقتراح كان ينصّ على تشكيل مجموعة عمل برعاية الأمم المتحدة وبالتعاون مع منظمات إنسانية يُسمح لها بالدخول إلى السجون، وهو ما لاقى رفضاً من قبل النظام وطهران.وشهد، أمس، لقاءات عدّة كان أبرزها الاجتماع الذي عقدته المعارضة مع الوفد الأميركي ومساعد وزير الخارجية للشرق الأوسط والوفد الروسي، كما بيّن وفد النظام والوفد الإيراني والروسي.ونقل الوفد الأميركي إلى المعارضة أن واشنطن لا تضع رحيل رئيس النظام بشار الأسد شرطاً للعملية السياسية، معتبرة في الوقت عينه أن رحيله هو نتيجة طبيعية لمخرجات الحل السياسي، وقال: «لدينا إصرار كبير على الحل السياسي واستبدال المنظومة الحاكمة في سوريا مع وحدة أراضيها بكل أطيافها، والمجتمع الدولي لن يعترف بمنتصر في سوريا، ولن تكون هناك إعادة أعمار دون عملية سياسية شاملة ذات مصداقية ترعاها الأمم المتحدة»، حسب ما نقل عنه الوفد.ودعا الوفد الأميركي، المعارضة، للمشاركة بفعالية في كل اللقاءات والمؤتمرات واتخاذ قرارات مصيرية ومهمة للوصول إلى الحل السياسي، مؤكداً له «أن الانخراط في العملية السياسية أمر رئيسي وأساسي، وعلى كل الأطراف أخذ دوركم الحالي بمحمل الجدية».وفي حين أكد الوفد الأميركي أن حملة القضاء على «داعش» في سوريا والعراق واضحة النهاية في غضون عدة أشهر على أبعد تقدير، شدّد على أن الولايات المتحدة لا تدعم تشكيل أي كيان كردي في الشمال السوري، وترى سوريا وحدة واحدة، لافتاً إلى أن لديه تفاهمات مع الروس في دير الزور بحيث لا تحدث أي تصادمات بين الطرفين، وأن نهاية «داعش» في هذه المنطقة ستكون قريبة.ورأت واشنطن على لسان وفدها أن مناطق خفض التصعيد تشهد انخفاضاً كبيراً ملموساً للعنف، في وقت تسعى لوقف الخروقات في بعض المناطق، محملاً مسؤوليتها لموسكو بصفتها دولة ضامنة، كما رأت أن الفيتو الروسي لن يغير الحقائق ولا قناعة المجتمع الدولي عن حقيقة استخدام نظام الأسد السلاح الكيميائي.وفي لقائها مع الوفد الروسي إلى كازخستان، بحثت المعارضة المسائل العالقة والملفات الخلافية، حسبما أعلنت، ونقلت عنه تأكيده العمل على إيصال المساعدات الإنسانية والتحضير لإرسال عدة أرتال من المساعدات الإغاثية إلى ريف حمص ودوما وجنوب دمشق، كما سلمته ملفات تتعلق بجرائم جديدة للنظام السوري والقوات الروسية الميدانية والخروقات المتكررة في مناطق خفض التصعيد، وأهمها الانتهاكات في سجن حمص المركزي واستخدام الكيماوي في نفق في الرستن مع توثيق بالصور والشهادات وبحضور ضباط روس شاهدين على ذلك، وملف آخر يتعلق بمجزرة القريتين يثبت قيام النظام بها بالتنسيق مع «داعش» من دون تسجيل أي تحرك للطيران الروسي، وأدلة تؤكد تورط قادة روس في كيماوي نفق الرستن وتكريمهم للضابط المسؤول عن العملية، وهو الأمر الذي أكد الوفد أنه سيشكل لجنة خاصة للتحقيق في الحادثة، وذلك بعدما كانت قد تسلمتها الأمم المتحدة وستعمل على إحالتها إلى الجهات المختصة.
مشاركة :