الكتاب المسموع.. الأذن تقرأ

  • 11/1/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: «الخليج» «الكتاب المسموع»، هو أحد تجليات الثورة التكنولوجية في مجال الثقافة، وقد سعت بعض دور النشر لتحويل بعض الكتب الورقية في مجالات الإبداع المختلفة إلى كتاب مسموع على أشرطة، وأسطوانات مدمجة سعياً منها إلى تسويق أكبر للإبداع.يؤكد الشاعر زين العابدين فؤاد أن الكتاب المسموع انتشر في الفترة الأخيرة، لعدة أسباب أولها الطفرة الهائلة في وسائل الاتصالات، والتي جعلت المبدع قريبا ممن حوله وزادت من فرصة المعرفة والاطلاع على المنجز الإبداعي العالمي، من خلال تكوين صداقات مع مبدعين من مختلف أقطار العالم عبر «فيسبوك»، و«تويتر»، وغيرها.فلم يعد المبدع بحاجة إلى انتظار دوره في طابور النشر الورقي، فهناك الكتاب الإلكتروني و«الكتاب المسموع»، الذي يتميز بالأداء الصوتي، خاصة أن كثيرا من تجاربه تقوم على أداء المبدع لإبداع سواء في الشعر أو القصة، والنقد أحيانا.ويضيف زين العابدين قائلا: ربما يكون الشعر هو الأكثر حظا في عملية إنتاج الكتاب المسموع، بما فيه من جرس موسيقي يكون قريبا من المتلقي، وقد سجل بعض الشعراء أعمالهم الكاملة على أسطوانات مسموعة، وهذا ما حدث مع الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي، وهناك تسجيلات لبعض أعمال محمود درويش ونزار قباني وفاروق جويدة وغيرهم، وهو أمر جيد، لكنه بحاجة إلى المزيد، لأن ذلك سوف يضاف إلى تراث هؤلاء المبدعين. فالقارئ يحب أن يسمع القصيدة من مؤلفها وتكون أكثر حميمية. ويرى زين العابدين أنه يمكن الاستفادة من تراث الإذاعة المصرية في هذا الجانب خاصة الحلقات التي سجلت مع بعض الشعراء والروائيين الكبار الراحلين أمثال طه حسين وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس ومحمود حسن إسماعيل وصلاح عبد الصبور وغيرهم، بوضع هذه الحلقات على أسطوانات مدمجة ليستفيد منها المستمع. أما الشاعر عبد العزيز موافي فيقول: بالنسبة للأجيال الجديدة يناسبها كثيرا الكتاب المسموع، أما الأجيال القديمة فيناسبها أكثر الكتاب المطبوع، لأن المسألة تحولت إلى عادة سلوكية بالنسبة لهم، وأرى أن انتشار الكتاب المسموع يضيف للحياة الثقافية كثيرا فهو في النهاية أمر جيد، لأنه يواكب تطورات العصر الحديث.ويضيف موافي قائلا: الشعر الحديث أفضل شيء فيه القراءة لا السماع، الاستمتاع يكون بطريقة الأداء، التفاعل مع القصيدة بالشكل المباشر دون وسيط أفضل، فالاستمتاع بالشعر يكون استمتاعاً بالقراءة وليس بالاستماع. أما شعر العامية فقريب من الوجدان الشعبي قد يكون الاستماع مفيدا، خاصة إذا كان الشاعر جيدا مثل عبد الرحمن الأبنودي، شعره جميل وإلقاؤه أجمل مما يضيف للقصيدة من خلال تسجيلها على أسطوانة، وشعر محمود درويش الحديث جميل عندما تحول إلى شرائط مسموعة، بالإضافة إلى قيمته العالية من خلال قراءته في دواوين مطبوعة ورقية.ويرى الروائي السيد نجم أن الكتاب المسموع هو أحد تجليات وسائل الاتصال الحديثة، فهو يساعد على تسويق الإبداع بشكل جيد، فالمستقبل الحقيقي للإبداع يكمن في انتشار الأدب الرقمي الذي أصبح موجودا على الخريطة الثقافية العالمية بشكل كبير وهناك مؤسسات نشر كبرى - على مستوى العالم - تعمل على صناعة المنتج الأدبي والثقافي الرقمي.وقد انتبه العالم العربي إلى هذه الطفرة خلال السنوات الأخيرة فتم تدشين اتحاد كتاب الإنترنت العرب، والذي يشارك في عضويته عدد كبير من الكتاب العرب، وشخصيا قد حضرت عددا من المؤتمرات التي أقيمت في الإمارات لمناقشة مستقبل الأدب الرقمي في عالمنا العربي، واستمعت إلى محاضرات وآراء بالغة الروعة في هذا الإطار.ويرى نجم أن على دور النشر الحكومية في مصر مثل الهيئة المصرية العامة للكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة، أدواراً كبيرة في إنتاج الكتاب المسموع، بجانب الكتاب المطبوع ورقيا، لأن ذلك يوسع من دائرة الثقافة، ويجعلها قريبة من الجمهور، كما يعمل على تنمية الذوق العام، لأن الكتاب المسموع يصل إلى قاعدة أكبر من الجمهور، فإمكان المواطن العادي، الذي لا يجيد القراءة والكتابة، أن يستمع إلى ديوان شعر أو مجموعة قصصية على شريط كاسيت أو أسطوانة، مثلما يستمع إلى الأغاني والموسيقى، ويمكن الاستفادة من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية في بث هذه الأعمال، هنا تكون القاعدة الجماهيرية لتلقي الأدب والثقافة أكبر، بالاستفادة من علم الوسائط الإلكترونية.ويتفق مع هذه الرؤية الروائي سعيد سالم قائلا: الكتاب المسموع هو إضافة حقيقية للثقافة لأنه يوسع من دائرة معرفة القارئ والمستمع بالأديب، رغم أن هذا النوع من الكتب يحتاج إلى ميزانية خاصة للنشر. وعلى مؤسسات الدولة العلمية والثقافية أن تفعل هذا الجانب، حيث يمكن الاستفادة منه في تطوير التعليم المصري في مراحله المختلفة، فهناك كتب على سبيل المثال، لتعليم اللغات، وكتب مدون عليها النظريات العلمية الحديثة، وكتب في التاريخ وغيرها، لأنه مع كثرة انتشار وسائل الاتصال الحديثة أصبح الإنسان المعاصر أكثر وعيا وفهما للأمور، وأصبح يتطلع إلى زيادة حصيلته الثقافية والمعرفية.يقول القاص طلعت رضوان: أنا مع أي تطور حداثي يحدث في عالم صناعة الكتاب سواء تفاعل معها القارئ أو لم يتفاعل، لأن «فيسبوك»، و«تويتر»، ووسائل الاتصال أصبحت سائدة وهو أمر يدعو للتفاؤل فقد اتسع حقل المعرفة ووسائل توصيلها، الكتاب المسموع يكون أفضل في العلوم النظرية والكتابات الأدبية مثل الشعر والقصة والمسرح، ولا يفيد كثيرا في الفنون التشكيلية التي تحتاج إلى متابعة بصرية.ويتفق مع هذا الرأي الكاتب المسرحي عبد الغني داود قائلا: ما نراه الآن من تنوع مصادر المعرفة أمر يدعو للتفاؤل حول مستقبل الأدب والثقافة العربية بشكل عام. وأتمنى أن تسجل المسرحيات المكتوبة - التي لم يكن لها حظ العرض على خشبة المسرح - بشكل درامي على أسطوانات مسموعة فإن ذلك يعمل على انتشارها خاصة إذا كانت بإلقاء المؤلف، أو من خلال أداء تمثيلي لبعض الفنانين. هذا سيضيف ثراء للحركة المسرحية، كذلك يمكن تحويل بعض المسرحيات المعروضة إلى تسجيلات صوتية، ويرى داود أن الإبداع الأكثر قربا من الكتاب المسموع هو الشعر، لأنه يعبر عن العواطف الإنسانية في جمل مختصرة تؤثر في المستمع، وقد وعى بعض الناشرين ذلك فبدؤوا منذ سنوات في إنتاج كتب مسموعة لبعض الشعراء البارزين.وإن كانت بعض الفنون والألوان الإبداعية الأخرى من الممكن تحويلها إلى هذا الإطار مثل القصة القصيرة والقصة الومضة والمسرحيات ذات الفصل الواحد. لكن المسألة تحتاج إلى جهد مؤسسي كبير، خاصة إذا كنا نطمح كمبدعين إلى تحويل بعض عيون التراث الأدبي والفكر العربي إلى هذا النوع من الكتب فإذا تم ذلك سيكون هناك حالة من التنوير الذي نتمناه جميعا، حيث تكون الثقافة زاداً يوميا للمواطن العادي.

مشاركة :