حديقة الشهيد.. واجهة سياحية وحضارية في الكويت

  • 11/3/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الكويت: الحسيني البجلاتي وسط مدينة الكويت وأمام إحدى بواباتها الخمس القديمة (بوابة الشعب) تقع حديقة الشهيد، وهي أكبر من مجرد حديقة خضراء، إنها واجهة حضارية ومعلم سياحي ومتحف مصغر من التاريخ الوطني، فهي أقدم الحدائق التقليدية في الكويت، كان اسمها حديقة «الحزام الأخضر»، تم هدمها وإعادة بنائها من جديد برؤية كويتية ضاهت أجمل الحدائق العالمية، إذ تعد واحة خضراء وسط الأبراج الشاهقة الارتفاع في العاصمة فصارت الرئة التي تتنفس منها المدينة.خريطة «حديقة الشهيد» تقودك إلى وجهات عدة وتنتقل بك بين بوابة دسمان إلى شباك الطيور حتى المنخفض المالح وصولاً للشلالات التي تأخذك نحو منحوتة الدستور ثم الساحة الاحتفالية، المقر الدائم لرفع العلم في الاحتفالات الرسمية قرب بحيرة الحزام الأخضر هبوطًا نحو ساحة السلام والحدائق الصحراوية حتى منطقة الواحات، وطوال سيرك في هذه الجنان الخضراء تتوزع في خدمتك مجموعة شباب وشابات الكويت كمرشدين ومرشدات لهذا الصرح الفريد.تبلغ مساحة الحديقة 220 كيلو مترًا مربعًا 90% منها خضراء، وتحوي استراحات ومجموعة من النوافير وإضاءات حديثة ملونة، وتمت إعادة تطويرها وزراعتها بأشجار جديدة ملائمة للظروف المناخية فضلًا عن تشييد الصرح التذكاري الكبير لدستور الكويت والذي تم تصميمه من مادة التيتانيوم، وهي معدن خالٍ من الشوائب يمتاز بالصلابة والديمومة ليكون الأرضية الثابتة لاحتواء المادة 183 للدستور الصادر عام 1962، وشيدت مواد الدستور بطريقة مشابهة للسلم في إشارة إلى إمكانية استعمالها من المجتمع كوسيلة لبلوغ مستويات أعلى وأرقى، وصمم هيكل الصرح بطريقة تجعل من الممكن إضافة بنود جديدة تتلاءم وتطور الحياة المستمر.تضم الحديقة مرافق حيوية عدة على مساحة تبلغ ما يقارب 100 ألف متر مربع، وتمتاز بتصميمها الاستثنائي، حيث تحتضن شلالًا يمتد من أول الحديقة حتى نهايتها، وتتوسطه نافورة راقصة وبحيرة تسير بمحاذاة الدائري الأول، وتقع على ضفاف البحيرة مجموعة من المقاهي والمطاعم، إضافة إلى قاعة متعددة الأغراض تتسع لخمسمئة شخص وممر لهواة المشي وآخر للزوار إلى جانب موقف سيارات سعته 970 سيارة.وخصصت مساحة داخل الحديقة لتجسيد الكويت القديمة والحديثة، ليتمكن الزوار أثناء تجوالهم في المكان من التعرف إلى معالم الشارع الكويتي في القدم والهندسة المعمارية خلال كل حقبة من تاريخ البلاد، إلى جانب المعالم الحديثة والمتطورة لكي يختبروا النقلة الحضارية بين كويت الأمس واليوم.النصب التذكاريجاءت فكرة تنفيذ النصب التذكاري شديدة الرمزية، حيث يلخص تاريخ نهضة بلد، وليكون ممرًا من منطقة قديمة تمثل ما قبل الدستور إلى منطقة جديدة تمثل ما بعد الدستور، حيث تتمثل الحقبة القديمة بمنطقة غير منسقة ومبعثرة ووعرة وبلا معالم واضحة لكونها تفتقر إلى الدستور، فالنباتات الموجودة أقل تنوعًا وتفتقر لممرات واضحة وثابتة وتفصل الرمال والحجارة بينها غير قادرة على إهداء مكونات المجتمع آنذاك الوسيلة المناسبة للتلاقي وإدارة شؤون المجتمع، والعبور من الحقبة القديمة إلى المستقبل الذي يمثل الحقبة الجديدة، وهو أمر غير جائز ولا يمكن أن يتم إلاّ من خلال الصرح التذكاري في إشارة إلى أن بلوغ الحياة الجديدة أمر غير ممكن إلاّ من خلال الدستور.وينطلق الصرح التذكاري شامخًا بشغف نحو السماء متعاليًا متجردًا ولا يخلو من الإشارات التنويرية المعبرة، إذ إن ارتقاءه نحو السماء دلالة على الأهمية والشموخ والقوة والثبات في وجه الأعاصير.حدائق معلقةكحدائق بابل المعلقة المتفردة في نمطها تبدو «حديقة الشهيد» حيث تكسو النباتات الخضراء مباني الحديقة، وتحولها إلى تلال خضراء تبدو كالحدائق المعلقة طبقتها مهندسة المشروع هيفاء المهنا، فبعدما رأت بعض مباني ألمانيا تحيط بها النباتات المتسلقة، حادثت رؤساءها في العمل ولم تجد منهم إلا كل تشجيع وتذليل للمعوقات، ويرافق الحديقة متحف الشهيد الذي هو توثيق لكل شهيد على مر الحقب التاريخية التي مرت بها الكويت في كل حروبها منذ القدم، ما يشكل مادة علمية فنية ثرية تحكي عن معارك الرقة البحرية والرقعي والجهراء ومعركة الصريف والغزو العراقي لدولة الكويت، وهناك مبنى للضيوف ومبنى علمي فيه قاعات عرض ومبنى الدستور.وهناك كذلك مبنى «متحف النباتات البرية والطيور النادرة» وهو من أروع المتاحف وأكثرها متعة للزائرين والضيوف الذين يرون صورًا وأفلامًا وثائقية توثق الحياة الفطرية في الكويت، والطيور التي تعيش في فضاء المدينة وغيرها من الطيور المهاجرة ومنها الفلامنكو التي تختار غالبًا شاطئ الشويخ لتحط فيه كل عام محطة أساسية للراحة أثناء رحلتها، ناهيك عن شبك الطيور في الحديقة الذي تمتد مساحته 1500 متر مربع داخله تجمع أغلب الطيور كمحمية، لأن هناك نحو 400 نوع يمر على الكويت كل عام. مسرح مفتوح تضم الحديقة مسرحًا مفتوحًا مزودًا بالنوافير والبحيرات من حوله ويغطي مدرجاته السجاد الأخضر الطبيعي فيستمتع الحضور بالكساء النباتي، وهم يشاهدون الفعاليات الفنية المتنوعة من مسرحيات أو فرق فنية وغير ذلك من الاحتفاليات. وتشتمل الحديقة على 3 ممرات: ممر أميري ولكبار ضيوف الكويت، وممر للمشاة وهواة التريض، وممر للزوار الذين لا يريدون سوى التجوّل من مبنى لآخر، وتحيط بتلك الممرات المرصوفة من الرخام الفاخر المشكل بالرمادي والأبيض والرصاصي نباتات من كل مكان، ولم يهمل المصممون حاجة الزوار إلى مكان لأداء الصلوات، فبنوا مسجدًا على طراز فريد من نوعه، فالمنارة منفصلة والسطح مائل لتخفيف درجات الحرارة وانعكاس أشعة الشمس، ومما يلطف الأجواء رذاذ شلالات المياه قرب المسجد لتعطي شعورًا بالاسترخاء والتأمل.

مشاركة :