قدم الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قائمة طلبات للصين تشمل بذل مزيد للمساعدة في مواجهة التهديد النووي لكوريا الشمالية، وخفض الاختلال في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة الأميركية. وبقيت بكين هادئة نسبياً؛ لكن خلال أول زيارة يقوم بها ترمب للصين، ربما يقتنص العملاق الآسيوي الفرصة لإظهار نفسه كقوة مساوية لواشنطن. ولن يضاهي النجف الكريستالي و«أجمل قطعة من كعكة شوكولاته» تم تقديمها خلال زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ لمنتجع ترمب في فلوريدا في أبريل (نيسان) الماضي، الاستقبال الحافل الذي ينتظر الرئيس الأميركي في بكين. وسيستقبل الرئيس الصيني نظيره الأميركي بحرس الشرف العسكري، وسوف يقيم مأدبة عشاء رسمية، وذلك بحسب ما قاله السفير الصيني في واشنطن تسوي تيانكاي. وتمتد زيارة ترمب لبكين من 8 إلى 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في إطار جولة آسيوية تشمل خمس دول، من المتوقع أن يقوم خلالها بتعزيز التحالفات ومناقشة القضية النووية الكورية الشمالية وتوقيع اتفاقيات استثمارية. وستكون هذه أول زيارة يقوم بها ترمب للصين كرئيس. ولكن إلى جانب مناقشات القضايا الأمنية والتجارية، فمن المتوقع أن يستغل شي جينبينغ الفرصة لترسيخ الصورة التي رسمها خلال مؤتمر سياسي مهم الشهر الماضي، وتظهر الصين وهي تتولى «مقعد القيادة» فيما يتعلق بالعلاقات الدولية كدولة «قوية» و«كقوة عظمى». وقال جيا قينغو، عميد العلاقات الدولية في جامعة بكين: «في الماضي، أميركا كانت قوية للغاية، لذلك اعتقدت أنه يجب على الصين الاستماع إليها» مضيفا: «لكن الآن، ربما لن تستمع الصين. هذا قد يكون أكبر اختلاف». وأفادت يو ينغلي، الخبيرة في شؤون شبه الجزيرة الكورية، بأنه فيما يتعلق بالحقائق على الأرض، مثل حجم الاقتصاد وقوة الجيش وقوة التحالفات الاستراتيجية، فإن أميركا ما زالت تتفوق على الصين. وأضافت: «لم يكن هناك تغير هدام في العلاقة»، موضحة: «لكن الفجوة تتقلص». وأصبح شي جينبينغ قويا بعدما عزز وضعه خلال مؤتمر الحزب الشيوعي، الذي يُعقد كل خمسة أعوام، حيث تم تضمين أفكاره السياسية في دستور الحزب باسمه، وهو شكل من أشكال التقدير حظي به فقط في السابق مؤسس الصين الشيوعية ماو تسي تونغ خلال حياته. العلاقات الاقتصادية قال جوناثان فينبي، المحلل في شركة «تي إس» الاقتصادية والبحثية: «في الإجمالي، أرى أن ترمب سوف يتوجه لهذه الزيارة وهو اللاعب الأضعف، وهو الموقف الذي فاقمه ترسيخ سلطات الرئيس الصيني في مؤتمر الحزب، والافتقار لسياسة أميركية - صينية مترابطة». ومع ذلك، وفيما يتعلق بالنتائج الفورية الملموسة، ربما يبدو ترمب المستفيد الأكبر من اللقاء. ومن المقرر أن يتوجه وفد تجاري، أغلبيته يمثل قطاع الطاقة الأميركية، للصين في نفس توقيت زيارة ترمب. ومن المتوقع أن يوقع ترمب وشي جينبينغ اتفاقيات استثمارية تقدر بمليارات الدولارات، مما سوف يعزز من صورة ترمب في أميركا، ويخدم هدفه بالحد من العجز التجاري مع الصين. وأشار تقرير لوكالة «بلومبيرغ» إلى أن الاتفاق الأبرز، الذي يجرى التفاوض بشأنه، ربما يكون استثمارات في مجال الطاقة تقدر بمليارات الدولارات من جانب شركة «تشاينا بتروليوم» المملوكة للصين في تكساس وجزر فيرجن الأميركية. وأفاد خبراء بأنه من المرجح أن توقع واشنطن وبكين اتفاقيات في مجال الطاقة، تشمل شراء الصين للغاز الطبيعي المسال من أميركا. وقال هو شيدغدو، المحلل الاقتصادي المستقل، إن الصين ربما أيضاً تخفف بعضاً من المخاوف الأميركية بشأن حقوق الملكية الفكرية. المخاوف الأمنية كما أكد مراقبون أن المخاوف الأمنية مثل اختبار كوريا الشمالية لأسلحة نووية، الذي يثير ردود أفعال شديدة خلال رئاسة ترمب، والوجود العسكري الصيني في منطقة بحر الصين الجنوبي، ربما تتراجع في قائمة أولويات القضايا المطروحة خلال الزيارة. وهذا سيكون الوضع، إذا لم يقرر زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون عرقلة سير الزيارة، من خلال القيام باختبار نووي أو صاروخي آخر.
مشاركة :