في كل عام في مثل هذا الموسم، موسم افتتاح معرض الشارقة للكتاب، يطلﱞ علينا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بإشراقة جديدة من الفكر النيّر والكلمة الصادقة الجريئة.معرض الكتاب في الشارقة بدأ قبل 35 سنة أي أنه اليوم في عام 2017 يعيش دورته السادسة والثلاثين، وفي كل عام يكبر المعرض ويتطور العرض والعارضون، حتى أصبحت الشارقة تستحق في هذا الوقت أن تسمى بعاصمة الثقافة العالمية بعد أن أحرزت لقب عاصمة الثقافة العربية ثم الثقافة الإسلامية.كيف لا والشارقة اليوم حاضنة لصروح علمية كبيرة، ومكتبات عامة كثيرة وهيئات ومؤسسات معرفية متنوعة.وبفضل توجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة أصبحت مكتبات الشارقة العامة وعاء لأكثر من مليوني كتاب، وأكثر من 620 كتاباً ترجمت من العربية إلى لغات أجنبية والعكس كذلك.ويذكر أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب أن مدينة الشارقة للنشر التي افتتحها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي هذا العام ستكون قبلة للناشرين في المستقبل، وباباً مشرعاً أمام سوق الكتاب العالمي، وينتظر أن تكون من روافدها أكثر من خمسمئة مؤسسة عاملة في قطاع النشر من كل أنحاء العالم.وسوف تصل قدرتها على الطباعة إلى مليون نسخة كتاب يومياً، وكل هذا يتحقق تباعاً منذ أول بذرة وضعها صاحب السمو حاكم الشارقة في أرض المعرض الأول في الشارقة عام 1982. ولم يكن أحد بالطبع يتصور أن معرض الكتاب في الشارقة ينجح ويحقق هذا القدر من الصيت العالمي من النجاح.لكن رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عاشق الكتاب ومحب المعرفة، ثم إصراره كقارئ نهم وباحث صبور ومؤرخ ومؤلف ذي مراس ومكثر، استطاعت كل هذه الميزات الموجودة في سموه أن تجعل من المستحيل واقعاً حاصلاً، ما يؤكد أن الإرادة القوية تذلك الصعاب، فكن إذن كما قال الشاعر: وكن رجلاً رجله في الثرى وهامة همته في الثريا إن الشارقة منذ أن كانت في بداياتها تحب العلم والثقافة، ففيها افتتحت أول مدرسة، وكانت تحتضن عدداً من العلماء والأدباء والمثقفين وقد أدرك سموه جزءاً من ذلك العصر وتثقف على يد عدد من ذلك الرعيل الأول.لكن سموه منذ أن تولى مقاليد الحكم في الشارقة اهتم بالعلم والثقافة بطريقة أخرى، وتناولهما من منظور جديد ومفهوم آخر، لأن التعليم لم يعد اليوم كتاتيب بل مدارس وجامعات تتعامل مع الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة.وسموه بما أنه خريج جامعات مصر فإنه تشرﱠب قلبه حب مصر أولاً، وما أدراك ما مصر، لم يصف أحد من الشعراء مصر كما وصفها شاعر النيل حافظ ابراهيم الذي يقول: كم ذا يكابد عاشق ويلاقي في حب مصر كثيرة العشّاق إنني لأحمل في هواك صبابة يا مصر قد خرجت عن الأطواق مصر الكنانة كانت معشوقة الجماهير ولا تزال لأن الله وضع فيها وفي أهلها من الخصائص ما لم يضعها في غيرها، لذلك فإن سموه المتيّم في هوى مصر أطرى في كلمته يوم افتتاح المعرض في الثناء على مصر حتى قال: لو رجعنا إلى التاريخ كله لوجدنا أن مصر هي الحصن الحصين، مصر منذ العهد المغولي حتى اليوم هي الصمام لهذا الأمان الذي نشهده.أجل.... سموه افتتح هذا المعرض الدولي العام للكتاب في الأول من نوفمبر من عام 2017 بحضور جمّ غفير من الشيوخ والأعيان وأصحاب دور النشر التي بلغ عددها في هذا العام 1650 دار نشر من 60 دولة، واستهل الحفل ببرنامج اشتمل على بعض الفقرات حول هذا الحدث.وفي الوقت نفسه كرّم سموه الشخصية الثقافية، وكانت جائزة هذا العام من نصيب مصر والمكرم هو الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة المصري الأسبق، وكرم أصحاب الكتب الفائزة، وهذا التكريم عادة سنوية ويشمل الشركاء ورعاة الجوائز أيضاً.ولوحظ أن المعرض ليس دُوراً لبيع الكتب فقط، وإنما مكتبات تعرض منوعات الكتب، وجوائز تمنح في مختلف المجالات وللخارج النصيب الأكبر.كما أن هناك أمسيات وندوات ولقاءات وحوارات على هامش المعرض تقام ويشترك فيها مثقفون وشعراء وأدباء وكتّاب وفي جانب آخر هناك كتّاب وشعراء يوقّعون كتبهم الجديدة أمام هذا الحشد الكبير من الجنسين، فهو معرض كتاب، وهو سوق عكاظ، وهو ملتقى الأدباء والمفكرين، وقد رُوعي فيه الأمزجة والأفكار والأعمار المختلفة.من أجل ذلك....فإن المعرض الدولي للكتاب في الشارقة استطاع بفضل الله تعالى بعد كل هذه التجارب والخبرة الطويلة، أن يكون أحد الثلاثة معارض الأهم في العالم.نعم... وكان كلام سموه يوم الافتتاح عن مصر ولذلك مدلول واضح ولاسيما عندما قال: نجابه الظلام بنور الكلمة والعلم النيّر، يريد أن يصل سموه بذلك إلى القول بأن ما يحصل في بلداننا العربية من فوضى فكرية ترجعنا إلى وراء، ومهاترات أخلاقية هابطة هو نتيجة الجهل.وما يحدث في بعض البلدان من حولنا ألقى بظلاله على بلداننا في الخليج أيضا، لكننا لا نجابه التطرف بالتطرف ( الظلام بالظلام ) ولا بالأسلحة، ولكن نجابه التطرف ( الجهل ) بالنور، نور العلم والمعرفة.إن المعرض وما يحتويه وما حوله مصدر تنوير وتثقيف، وسوف نرى أثره أكثر عندما تُفعّل مدينة الشارقة للنشر، وليس المعرض القادم ببعيد. شكراً صاحب السمو حاكم الشارقة على ما بذلتم وتبذلون، فالعلم بالتعلم كما أن الحلم بالتحلّم، وإن سياسة مواجهة الظلام بالنور هي سياسة قيادتنا الرشيدة في دولة الإمارات، فليحفظ الله دولة الإمارات وحكّامها المخلصين، ويديم الأمن والأمان.
مشاركة :