دار في ذهني هذا التساؤل وأنا أقرأ دراسة أعدت عن الكلفة الحقيقية الاقتصادية والاجتماعية لنظام الاحتجاز في الولايات المتحدة الأميركية من قبل باحثين في جامعة واشنطن في مدينة سانت لويس الأميركية. خلصت إلى رقم مرعب يقدر بـ 1000 مليار دولار، هي التكلفة الفعلية السنوية لنظام الحجز في أميركا، ويدفع أكثر من نصف هذا المبلغ عائلات والمجتمعات المحلية للمساجين، بالإضافة إلى نتائج وخيمة اجتماعية على المساجين خلال الحجز وبعد إطلاق سراحهم وعلى أطفالهم وعائلاتهم والمجتمع، وحتى على معدل الجريمة نفسه، كما أشارت الدراسة إلى أرقام توحي أن نظام الاحتجاز تمارس فيه عنصرية عرقية كبيرة. استحقت الولايات المتحدة لقب أكبر سجان في العالم بالأرقام، فبينما يبلغ تعداد سكانها 5% من سكان الأرض، فإنها تحبس حوالي 25% من سجناء المعمورة على أراضيها، وهنالك أيضاً 7 ملايين شخص في أميركا تحت المراقبة أو الإطلاق المشروط (خارج السجون)، وتقدر الكلفة الرسمية لإدارة مرافق الاحتجاز بحوالي 80 مليار دولار سنوياً. لكن في هذه الدراسة الأولى من نوعها تبين أن هنالك أكثر من 10 دولارات مقابل كل دولار تدفعه الدولة من هذه الـ80 مليار تقع على كاهل أسر وأطفال والمجتمعات الصغيرة المحيطة بالمساجين. وجدت الدراسة أن من أطلق سراحه يجد صعوبة بالغة لإيجاد عمل على المدى البعيد، وتقدر هذه العطالة بخسارة حوالي 230 مليار دولار مدى الحياة وحوالي 70 مليار دولار فجوة في الأجور لمن وجد عمل سنوياً. وجدت الدراسة أن المحتجزين السابقين يواجهون أيضاً تمييزاً في العمل وضعفاً في التواصل الاجتماعي في شبكة العمل الاجتماعية وقيوداً مهنية. وجدت الدراسة أن المحتجزين سابقاً لديهم معدل وفاة أكبر بـ 3.5 ضعف عن الناس غير المحتجزين، مما يكلف الاقتصاد حوالي 60 مليار دولار. واحد من أكثر العوامل كلفة في نظام السجن والاحتجاز حسب الدراسة هو أن معدل الجريمة ارتفع في أوساط المحتجزين سابقاً بدل أن ينقص بسبب استراتيجيات البقاء على قيد الحياة التي طوروها داخل السجون، وقدر الباحثون كلفة هذه الطبيعة الجرمية على المجتمع بحوالي 285 مليار دولار. إن أبناء السجناء كانوا أكثر ميلاً بـ 5 أضعاف لأن يكونوا سجناء لاحقاً، ومن لم يسجن لديه اضطرابات عاطفية وسلوكية بالغة، وميل للفقر والبطالة والتشرد بلا مأوى. إن 10% من أطفال المساجين لم يستطيعوا إنهاء المرحلة الثانوية وانخرطوا بسوق العمل باكراً لتعويض النقص المادي في الأسرة. إن معدل الطلاق أكبر 3 أضعاف لدى المساجين مقارنة مع أقرانهم من مجرمين لم يوضعوا خلف القضبان. قدرت الدراسة بأن تبعات السجن على الأطفال قدرت بحوالي 185 مليار دولار. خلصت الدراسة إلى أن التكلفة الفعلية لنظام الحجز والسجون في الولايات المتحدة تقدر بـ6% من كامل الإنتاج القومي. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :