القاهرة: أحمد الروبي في الآونة الأخيرة ظهرت العديد من الأعمال المقتبسة التي حققت نجاحات كبيرة، وكان ذلك موضع تساؤل بالنسبة للمختصين وغيرهم عن الأزمة التي قد تترتب على وجود أعمال مقتبسة بشكل كبير في سوق الدراما والسينما المصرية، خصوصاً أن بعض الأعمال قام بالاقتباس دون أي تنويه للأمر أو الإشارة للعمل المأخوذ عنه، وهو ما يجعل الأمر يصنف تحت مسمى «الاستيلاء على القصص والأفكار دون استئذان مالكها». ومن خلال التحقيق التالي استطلعنا آراء عدد من النقاد وكتاب السيناريو والمخرجين، حول مدى تأثير الأعمال المقتبسة على الصناعة، وهل نجاحها يعتبر جرس إنذار لوجود أزمة في كتابة الأعمال المصرية؟بداية علّق الناقد طارق الشناوي قائلاً: الاقتباس من السينما والدراما العالمية أمر متبع في كافة أنحاء العالم، وليس محصوراً بمصر أو بأعمال معينة، ونجاح التجربة من عدمه يتوقف على عدة عوامل أهمها أن يكون هناك مذاق خاص للعمل المصري بعيدًا عن الأجنبي. وأضاف الشناوي: الأسلوب المتبع في هذه الأعمال هو اللعب على نفس الحبكة، مع إضافة الطابع المصري، علماً أن هناك العديد من الأعمال اتبعت هذا الأسلوب، وحققت نجاحاً كبيراً منها «جراند أوتيل»، و«طريقي»، والعمل من كتابة السيناريست تامر حبيب. وتابع الناقد: «ليس كل من يقرر أن يدخل في مسألة الاقتباس، و«الفورمات» ينجح، فالموضوع أن تصيب هدفك وتحصل على رضا الجمهور أمر نسبي، ولا يمكن لأحد الجزم فيه. أما في حال عدم نسب مصدر اقتباس العمل، فذلك يُعد سرقة لأفكار الآخرين». مضيفًا أن مسألة اقتباس الأعمال والحصول على «الفورمات» أمر اقتصادي بحت.أما الناقد يوسف شريف رزق الله، فأكد أن الاقتباس لا يُضر بالصناعة بل على العكس تمامًا، مشيرًا إلى أن جميع دول العالم تقتبس الأعمال.ودلل رزق الله على صحة كلامه بأن السينما الأمريكية تقتبس من الإيطالية والمكسيكية، وروسيا تقتبس أعمالاً مسرحية إنجليزية، ف «الجميع يقتبس ولكن ذكر مصدر الاقتباس هو ما يجعل الأمر شرعياً».في المقابل رفض رزق الله اعتبار أن الاقتباس يضر بالسينما والدراما المصرية، مؤكدًا أن الأفكار موجودة، لكن الاقتباس يقدم وجهة نظر مختلفة، مضيفًا أن هناك أعمالا تقتبس خطوطاً عريضة وتضع عليها الطابع المصري كفيلم «القرد بيتكلم».السيناريست فداء الشندويلي اختلف مع الآراء التي تعتبر أن الدراما المصرية لا تعاني أزمة، حيث قال إن «الاقتباس من الأعمال الأجنبية هو فقر في الأفكار». وأضاف الشندويلي أن «الأزمة الحقيقية تكمن في أن كاتب السيناريو أصبح مطالباً بأن يكون روائيًا، يوجد القصة ويكتبها بشكل السيناريو، وهذا أمر شاق». وتابع: الاقتباس بعضه نجح في مصر في أعمال كثيرة، والبعض الآخر لم يلق القبول، وأصبح مسخًا من الأعمال الأجنبية. وطالب السيناريست بأن يتم تمصير الأعمال المقتبسة وعدم اقتباسها نصًا، مؤكداً أن نصف الأعمال الرمضانية في كل عام يكون مقتبساً. الناقدة والسيناريست هالة الزغندي اختلفت مع رؤية فداء الشندويلي، حيث اعتبرت أن مصر لا تعاني من نقص القصص والسيناريوهات، فالمؤلفون لا يكرهون أبدًا أن يقوموا بكتابة سيناريو من الألف للياء دون اقتباس، لكن المشكلة في أن شركات الإنتاج تنقصها الجرأة لتبنّي أفكار مؤلفين جدد. أضافت الزغندي: «هوليوود» المكان الأعظم في الإنتاج السينمائي، تقوم بشراء «فورمات» لأعمال غير أمريكية، أبرزها على سبيل المثال المسلسل الأمريكي «آجلي بيتي» الذي كان في الأساس عملاً كولمبياً حقق نجاحاً كبيراً، وتم تحويله في مصر لمسلسل «هبة رجل الغراب» وحقق نجاحاً منقطع النظير. وأوضحت أن فكرة شراء «الفورمات» تكون نابعة من المنتج لشعوره أن العمل سيلقى نجاحاً في الداخل كما نجح في الخارج، وتكون مخاطرته بإنتاج العمل أقل. متابعة: أجد أن شراء «الفورمات» طريقة مشروعة، لأن المنتج يشتريها من المنتج الأصلي مثل شراء الرواية، وهو أمر مقبول أخلاقيًا، ومتعارف عليه في كافة دول العالم.واختتمت الزغندي قائلة: بالطبع كل ما ذكرته في السابق يختلف تمامًا عن سرقة الأفكار دون التنويه عنها، وهذا أمر غير أخلاقي ومرفوض. من جهة أخرى رأى المخرج إبراهيم فخر، أن هناك كتّاب سيناريو على مستوى رائع، يعرفون كيف يقومون بتمصير الأعمال الأجنبية، مشيرًا إلى أن هناك أعمالاً مثل «طريقي» و«جراند أوتيل» استطاعت أن تحقق نجاحات كبيرة.أضاف فخر: بعض الأفلام أيضاً مثل فيلم «شمس الزناتي»، تم تقديمه بأكثر من لغة وفي أكثر من دولة في العالم، فلا توجد مشكلة في الاقتباس بحد ذاته، إنما تكمن المشكلة الحقيقية في النقل الحرفي للعمل دون تطويعه للبيئة المصرية.وأرجع المخرج سبب تلك الأزمة إلى «أننا أصبحنا شعوباً تحصل على ثقافتها من الأعمال المرئية وليس القراءة، بدليل أن أعظم فترة مرت بها السينما المصرية، هي تلك التي اعتمدت فيها على الأدب والروايات المصرية الخالصة، مثل أعمال الأديب نجيب محفوظ، ويوسف إدريس ويوسف السباعي، وغيرهم..».واصل فخر أن معيار النجاح دائمًا لا يكون وفق معايير «التواصل الاجتماعي»، إنما يرتكز على مدى تأثير العمل على الجمهور في الشارع، ومدى حبه له وتفاعله معه، مشيرا إلى أننا نفتقد آلية تقيس معيار نجاح الأعمال الفنية المختلفة بشكل دقيق.أما المخرج علاء الشريف، فصنف الأعمال إلى أربعة أنواع هي: الاقتباس، والتمصير، والسرقة، والفورمات. وأوضح علاء: «الفورمات» متاح في كافة أنحاء العالم، وهو لا يختلف عن الاقتباس، سوى في نوعية العمل وطريقة العمل عليه، أما «التمصير» فيعني أن نقوم بجعله يناسب الأجواء المصرية إن كان العمل الأجنبي لا يتناسب مع البيئة الخاصة بنا، مع المحافظة على الخط الدرامي للعمل. تابع الشريف: تلك الأعمال تشكل خطراً على الصناعة، لكن الأزمة الحقيقية في الاعتماد على هذه الأنواع دون إبداع نابع من البيئة نفسها، تماماً كأنما نقوم باستيراد التكنولوجيا وعدم الدخول في صناعتها.
مشاركة :