سعد الحريري... مسيرة سياسية حافلة واستقالة مثيرة للجدل

  • 11/4/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يعد سعد الحريري من أبرز الزعماء السياسيين في لبنان، اعتلى سدة رئاسة الوزراء اللبنانية مرتين خلال مسيرته السياسية التي أبصرت النور إثر اغتيال والده عام 2005. وبعد سنة على تكليفه برئاسة الحكومة التي شكلها في أواخر العام 2016، أعلن الحريري من الرياض استقالته من منصبه في خطاب هاجم فيه إيران و"حزب الله". سعد الحريري الذي أعلن استقالته السبت من رئاسة الحكومة اللبنانية بشكل مفاجئ خلال تواجده في السعودية حاملا على إيران وحزب الله بشكل خاص، هو الوريث السياسي لرئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري الذي اغتيل في 2005. سطع نجم سعد الحريري (46 عاما) في العام 2005، زعيما سياسيا بعدما قاد فريق "قوى 14 آذار" المعادي لسوريا إلى فوز كبير في البرلمان، ساعده في ذلك التعاطف معه بعد مقتل والده في تفجير مروع وسط بيروت، والضغط الشعبي الذي تلاه وساهم في إخراج الجيش السوري من لبنان بعد نحو ثلاثين سنة من تواجده فيه. وقد أحدث ذلك في حينه، انقلابا في المشهد السياسي اللبناني الذي كانت دمشق اللاعب الأكثر نفوذا فيه على مدى عقود. في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 تولى رئاسة الحكومة اللبنانية للمرة الثانية. وكانت المرة الأولى بين 2009 و2011 حين ترأس حكومة وحدة وطنية ضمت معظم الأطراف اللبنانيين، وأسقطها "حزب الله" وحلفاؤه وعلى رأسهم ميشال عون بسحب وزرائهم منها. في المرة الثانية، عاد الحريري بناء على تسوية اتفق عليها مع ميشال عون الذي انتخب رئيسا للجمهورية في تشرين الأول/أكتوبر العام 2016، بعد عامين ونصف من الفراغ الرئاسي. وبعد سنة على تكليفه رئاسة الحكومة التي شكلها في أواخر العام 2016، أعلن الحريري من الرياض استقالته من منصبه في خطاب هاجم فيه إيران و"حزب الله". وقال الحريري إن إيران "ما تحل في مكان إلا وتزرع فيه الفتن والدمار والخراب، ويشهد على ذلك تدخلاتها في الشؤون الداخلية للبلدان العربية في لبنان وسوريا والعراق واليمن". ووصف الحريري "حزب الله"، المشارك في الحكومة، بـ"الذراع الإيراني ليس في لبنان فحسب بل في البلدان العربية". تنازلات لم يعمل سعد الحريري في السياسة بتاتا خلال حياة والده. وسمته العائلة ليخلفه في العمل السياسي بسبب "دبلوماسيته"، بحسب مقربين. طويل القامة، وتتسم إطلالاته الإعلامية غالبا بالهدوء. إلا أنه تعلم على مدى السنوات الماضية كيف يصبح خطيبا يحرك الحماسة بين أنصاره، بعدما انتقده معارضوه كثيرا لعدم قدرته على التعبير بشكل جيد باللغة العربية. برغم من القاعدة الشعبية العريضة التي انطلق منها، لم يحقق الكثير في مشواره السياسي بسبب عمق الانقسامات في لبنان، بل اتسمت مسيرته بكثير من التنازلات وخصوصا خلال مواجهات سياسية عديدة مع خصمه الأبرز "حزب الله". واتهم سعد الحريري النظام السوري بالوقوف وراء اغتيال والده، لكنه اضطر بعد تسلمه رئاسة الحكومة في 2009 وتحت وطأة الضغوط السياسية إلى القيام بزيارات عدة إلى دمشق، وصولا إلى إعلانه في آب/أغسطس 2011 أن اتهامه لسوريا كان "سياسيا". كما أعلن مرارا أنه لن يقبل بحكومات وفاق وطني يعرقل فيها "حزب الله" اتخاذ القرارات، قبل أن يشارك تيار المستقبل الذي يتزعمه في الحكومات المتتالية. ورفض وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية بشدة على مدى سنوات، قبل أن يعمد إلى ترشيحه بنفسه في 20 تشرين الأول/أكتوبر، ضامنا له أكثرية نيابية أوصلته إلى الرئاسة. لكن الحريري نجح في التغلب على "حزب الله" مرة ثانية في الانتخابات النيابية في 2009، ولم تجر انتخابات منذ ذلك الوقت. ولم يخضع للضغوط التي تعرض لها من الحزب الشيعي خلال ترؤسه الحكومة، للتنصل من المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال والده والتي وجهت اتهامات إلى خمسة عناصر من حزب الله. عاش سعد الحريري بين العامين 2005 و2007 لفترات طويلة خارج لبنان في مرحلة كانت تشهد اغتيالات استهدفت شخصيات سياسية وإعلامية مؤيدة لخطه السياسي. وبعد إسقاط حكومته في 2011، تصاعد التوتر بينه وبين "حزب الله" على خلفية تدخل الأخير في سوريا وقتاله إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد. وأمضى الحريري مجددا معظم السنوات الماضية خارج البلاد "لأسباب أمنية"، بحسب المقربين منه. الثروة والأعمال ولد سعد الحريري في 18 نيسان/أبريل 1970. وهو يحمل إجازة في الاقتصاد من جامعة جورج تاون في واشنطن. وهو متزوج من لارا بشير العظم التي تنتمي إلى عائلة سورية عريقة شاركت في السلطة في سوريا خلال الخمسينات، وأولاده حسام وعبد العزيز ولولوة. ويروي مقربون منه أنه يهوى الطبخ، ويطبخ أحيانا لأصدقائه. كما يهوى القيام بتمارين رياضية منتظمة. ورث الحريري عن والده، بالإضافة إلى السياسة، ثروة ضخمة وشبكة واسعة من العلاقات حول العالم. وكان يتولى إدارة شركة "سعودي-أوجيه" للبناء والتعهدات التي كانت الركيزة الأساسية في بناء ثروة رفيق الحريري. في الآونة الأخيرة، تفاقمت مشاكل الحريري المالية مع مواجهة "سعودي-أوجيه" عثرات كبيرة أجبرتها على الاستغناء عن مئات الموظفين والعاملين لديها في السعودية، ما انعكس سلبا على المؤسسات التي يملكها في لبنان. وترافقت مصاعب الحريري المالية مع تراجع اهتمام السعودية التي كانت تضخ أموالا ومساعدات على نطاق واسع للبنان ولحلفائها، وعلى رأسهم الحريري، بلبنان الذي تأخذ عليه خضوعه لإرادة "حزب الله". ولكن خطاب الحريري من السعودية مؤشر على فتح فصل جديد من الحرب الباردة بين الرياض وطهران على الساحة اللبنانية. فرانس24/أ ف ب نشرت في : 04/11/2017

مشاركة :