سعد الحريري ورحلته المثيرة للجدل إلى المملكة العربية السعودية

  • 12/26/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" تمّت الإشارة إلى أنّ تفاصيل رحلة الحريري لا تزال مجهولة خاصة وأنّ رئيس الوزراء اللبناني لم يتحدث عنها منذ تدخل فرنسا وإخراجه. وكشف تقرير "نيويورك تايمز" استدعاء سعد الحريري في حدود الثامنة والنصف صباحا إلى الديوان الملكي السعودي، وهو التوقيت الذي لم تتعود المراسيم الملكية على اعتماده لاستقبال الضيوف. وأشارت الصحيفة إلى أنّ الحريري كان يعتقد أنه ذاهب في نزهة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وعلى هذا الأساس، فقد ارتدى سروالا من نوع الجينز وقميصا عاديا. النقطة المثيرة في هذه المسألة هي تجريد الحريري من هاتفه الجوال وحرمانه من حرسه باستثناء حارس واحد فقط، كما ترددت أنباء عن تعرض حرسه للشتيمة من قبل رجال الأمن السعودي، وبعد ذلك تمّ تسليمه خطاب الاستقالة الذي أعدّ مسبقا وأجبر على قراءته على التلفزيون السعودي. وأوضح التقرير أنّ الحرس احضروا بدلة الحريري ليرتديها أثناء قراءته للاستقالة "الجبرية" التي قدّم خلالها انتقادات إلى إيران، وذكر التقرير أنّ الحريري ظهر وكأنه "موظف" وليس رئيس وزراء "دولة ذات سيادة". واعتبر التقرير أنّ ما حدث مع الحريري هو بمثابة جزء من خطة الأمير الطموح، الذي يسعى إلى إحداث تغيير في بلده والمنطقة، ففي الخارج شنّ وليّ العهد حملة ضد قطر واليمن واستغلّ الحريري في معركته لمواجهة إيران. وذكر التقرير أنّ عددا من المسؤولين في لبنان حاولوا الاتصال بالحريري في المملكة العربية السعودية ولكن دون جدوى، إلاّ أنه تمت الإشارة إلى أنه قضى مساء الاستقالة مع ولي العهد في الصحراء، حسب مسؤول لبناني مقرب من الحريري. وتزامنت استقالة الحريري حسب تقرير "نيويورك تايمز" استهداف الرياض بصاروخ، إضافة إلى حملة الاعتقالات التي طالت أمراء ومسؤولين، وكل هذه الأمور مرتبطة بولي العهد السعودي الذي شنّ حربا ضد الحوثيين في اليمن وقام بمحاصرة قطر التي تقرّبت من إيران ثمّ محاولته إجبار الحريري على الاستقالة في رسالة ضمنية للحدّ من طموحات إيران وحليفها حزب الله اللبناني. واعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" تصرف الأمير الذي تسبب في غياب الحريري لمدة شهر بأنه مثال على زعيم متهور جديد يحاول تغيير الطريقة التي عملت فيها السعودية في الماضي، لكنه يحصل على نتائج غير متوقعة، خاصة وأن رئيس الوزراء اللبناني ظلّ في السلطة وبشعبية أكبر، كما تدعّم موقع حزب الله اللبناني بشكل أقوى. ويجد التقرير أن "اليد الحديدية المتهورة وأساليب السعودية نفرت حتى حلفاء الولايات المتحدة الأشداء على غرار الكويت، الأردن، مصر، ومعظم أعضاء كتلة المستقبل التي يتزعمها الحريري حسب بعض المختصين. وأشارت مصادر سعودية إلى أنّه تمّ التعامل بأعلى درجات الاحترام مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري حيث أكدت نفس المصادر أنّ "استقالة الحريري كانت نابعة عن إرادته وأنه صديق للرياض ويحظر بدعمها" تقرير "نيويورك تايمز" نوّه بسرعة التحرك السعودي بداية تشرين الثاني-نوفمبر حيث تمّ اجبار الحريري على الاستقالة وتمّ توجيه اتهامات إلى إيران ولبنان بشنّ الحرب على خلفية إطلاق الحوثيين لصاروخ على الرياض، كما تمّ اعتقال عدة أمراء ومسؤولين ورجال أعمال، وانتهى الأمر بدعوة السعودية رعاياها لمغادرة لبنان ما غذى المخاوف من دخول لبنان في دوامة العنف. ويوضح التقرير أنّ جهود المسؤولين اللبنانيين تكاتفت لمنع تنفيذ "خطة سعودية" لزعزعة استقرار المخيمات الفلسطينية في لبنان وإثارة نزاع داخلي، حيث ظهرت بوادر قلق في بيروت عن محاولات سعودية لإنشاء مليشيا معادية لحزب الله في المخيمات أو مناطق أخرى، بحسب ما أكده مسؤولون لبنانيون وغربيون، وهو ما تنفيه السعودية. واعتبر التقرير أنّ "السعودية حاولت إعادة تشكيل السياسة اللبنانية، وتخفيف دور حزب الله في السلطة عبر تفكيك حكومة الحريري، التي تضم حزب الله وحلفاءه"، فالسعودية تعتبر نفسها هي من صنعت مجد عائلة الحريري في مجال المال والأعمال، لكن الحريري كرئيس للوزراء يقدم الكثير من التنازلات لحزب الله، وهو ما يقلق الرياض. وأشار التقرير إلى أنّ السعودية كانت تملك خيارات أخرى للضغط على الحريري كطرد 250 ألف عامل لبناني في السعودية، بشكل يدمر اقتصاد لبنان، و"لأن الحريري يحمل الجنسية السعودية، ولديه مصالح مالية واسعة، حيث تعد الرشاوى أمرا عاديا فلربما هدّدوه شخصيا، وقال مسؤول عربي إن الحريري هدد بتوجيه اتهامات فساد ضده". وأكد التقرير أنّ رسالة الاستقالة التي قرأها الحريري عند الساعة 2.30 مساء قدمت من غرفة تقع تحت مكتب الأمير، حيث اتسم الخطاب بلوم حزب الله، وزعم فيه أن حياته تعرضت للخطر، واستخدم كلمات لم تكن تعبر عنه، كما أكد أحد المقربين منه. وأورد التقرير أنّ الحريري وضع بعد ذلك في قسم الضيافة في بيته تحت حراسة سعودية، وكان وحيدا، ومنع من مشاهدة أبنائه وزوجته، وزاره عدد من الدبلوماسيين الغربيين، وخرجوا بانطباعات متعددة حول حريته. كما أنّ مدير الاستخبارات اللبنانية الجنرال عباس إبراهيم أعرب عن دهشته من الطريقة التي يجبر فيها رئيس وزراء على الاستقالة خارج بلده. وتناول التقرير أيضا زيارة الوزير السعودي ثامر السبهان، الذي سبق وأن تحدث عن "مفاجآت قريبة في الأفق" وحذر حزب الله من شن حرب على السعودية، إلى واشنطن، حيث طلب منه مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد توضيح أسباب قيام السعودية بزعزعة استقرار لبنان، وتبعت ذلك دبلوماسية واسعة من فرنسا والولايات المتحدة ومصر، أدت إلى صفقة تسمح للحريري بالمغادرة. ونوّه التقرير بأنّ الأمير محمد بن سلمان أرسل السبهان إلى لبنان لطلب إخراج مقاتلي حزب الله من اليمن، حسب بعض المسؤولين اللبنانيين والغربيين، والذين اعتبروا أنّ وليّ العهد السعودي لا يعرف بشكل دقيق ما يحدث في اليمن، وقد ترددت انباء عن وجود 50 مقاتلا فقط لحزب الله في اليمن، فيما تؤدي إيران دورا أكبر في تدريب ومساعدة الحوثيين هناك حسب بعض المسؤولين. واعتبر التقرير أنّ السعودية استفادت نوعا ما من الاضطراب الذي أحدثته في لبنان، على خلفية تخفيف لهجة حزب الله ضد الرياض، وهو ما طلبه الحريري قبل قضية الاستقالة، إضافة إلى طلب إغلاق قناة تابعة للحوثيين تبث من بيروت. وتساءل تقرير "تقرير نيويورك تايمز" عمّا إذا كان الحريري سيحقق مآرب المملكة العربية السعودية حيث لوحظ في الفترة الأخيرة أن الحريري حذف انتقاداته لمحمد بن سلمان، ودعا إلى إيجاد تسوية سلمية في اليمن.

مشاركة :