قال محللون ماليون وخبراء أسواق المال إن تدشين أدوات مالية جديدة في أسواق الأسهم المحلية من شأنها تنويع البدائل الاستثمارية وزيادة عمق السوق وتعزيز السيولة التي تواجه انحساراً كبيراً منذ مطلع العام الجاري. وأضاف المحللون والخبراء لـ«البيان الاقتصادي»، أن الأدوات المالية المتنوعة تمنح مديري الأصول والمستثمرين فرصة التحوط ضد أخطار استثماراتهم ما يشجعهم على زيادة الاستثمار والتنوع في الأسواق. وأشار المحللون والخبراء إلى ضرورة العمل على زيادة الوعي لدى المستثمرين بإيجابيات وسلبيات الآليات والأدوات الجديدة لا سيما في ظل جهل غالبية المستثمرين بكيفية التعامل معها وعدم وجود الوعي الكافي لتجنب مخاطرها. وأكدوا أن الجهات الرقابية في الأسواق المحلية عملت جاهدة خلال السنوات الماضية تعزيز بنيتها التحتية والتشريعية لضمان بيئة تداول استثمارية عادلة وآمنة وفق أفضل الممارسات العالمية، بهدف منح المستثمرين الفرصة لاستثمار مدخراتهم ضمن بيئة قانونية متقدمة تتميز بالعدالة في الإفصاح والشفافية. تنويع قال المحلل المالي وضاح الطه عضو المجلس الاستشاري الوطني بمعهد تشارترد للأوراق المالية والاستثمار في الإمارات، إن تنويع الآليات والأدوات الاستثمارية الجديدة في الأسواق ضرورة ملحة لتوفير أدوات إضافية تولد مزيداً من السيولة وتدخل مزيداً من اللاعبين بما يعزز من أداء أسواق الأسهم. وشدد الطه على ضرورة مراعاة بعض الأمور عند تطبيق أي آليات جديدة أهمها انخفاض معدلات الثقافة الاستثمارية لدى الكثير من المتعاملين وهو ما قد يعرضهم للكثير من المخاطر في المستقبل، مشيراً إلى أن هيئة الأوراق المالية يقع على عاتقها دور كبير لزيادة الوعي لدى المتعاملين في أسواق الأسهم عبر التثقيف التدريجي المتوازي لهذه الآليات وشرح مميزات الأدوات الاستثمارية الجديدة المقرر العمل بها في الأسواق حتى قبل تطبيقها. ودلل الطه على ذلك بجهل الكثير من المستثمرون بكيفية التعامل بآلية البيع على المكشوف المطبقة في سوق أبوظبي قبل أسبوعين، مشيراً إلى أن صغار المستثمرين يحتاجون إلى وقت كافٍ للتعرف على كيفية التعامل بتلك الآلية التي تعتبر سلاحاً ذا حدين وقد يكبدهم عدم فهمها خسائر طائلة. ونوه الطه بضرورة التوعية بسلبيات وإيجابيات هذه الآليات الجديدة عبر التوعية وقياس مدى الوعي واستيعاب الجمهور لها وذلك من خلال عقد مزيد من المحاضرات والندوات التثقيفية من خلال وسائل الإعلام المختلفة وعبر توعيات رسمية من هيئة الأوراق المالية. وقال الطه: يجب ألا نتسرع في تطبيق أي آليات جديدة خصوصاً أن بعض الآليات مركبة ومعقدة يصعب التعامل معها من جانب صغار المستثمرين، فضلاً عن أننا لا نزال سوقاً نائياً ونحتاج إلى مزيد من التهيئة حتى نكون سوقاً ناشئاً نموذجياً من خلال زيادة عمق السوق وزيادة الإفصاح وجذب رؤوس الأموال الأجنبية. بدائل وقال محمد الأعصر مدير إدارة البحوث لدى «الوطني للاستثمار»، إن تنويع الأدوات المالية في أي سوق مالي من شأنه زيادة عمق السوق وتوفير بدائل استثمارية وجذب شرائح جديدة من المتعاملين. وأشار الأعصر إلى أن نجاح أو فشل الأسواق المالية ليس في خلق أدوات جديدة ولكن بضرورة اقتران تلك الأدوات بتوافر الخبرات والكوادر وكذلك البنية التحتية اللازمة لضمان منح المستثمرين الفرصة لاستثمار مدخراتهم ضمن بيئة قانونية متقدمة. ولفت الأعصر إلى أن الأسواق الإماراتية تفتقد وجود المشتقات المالية التي تساعد كأدوات تحوط، في تخفيف حدة التقلبات بالأسواق، بالإضافة إلى عدم تفعيل نشاط صانع السوق بالشكل المطلوب، مطالباً بتهيئة البنية الأساسية والفنية قبل إطلاق أية أدوات مالية جديدة في الأسواق. سيولة وقال المحلل الاقتصادي علي الحمودي، الرئيس التنفيذي السابق لدى «أداء» للخدمات المالية، إن الآليات الجديدة التي تطبق في الأسواق المحلية وعلى رأسها البيع على المكشوف ستسهم بلا شك في زيادة معدلات السيولة المتدنية. وأوضح الحمودي، أن آلية البيع على المكشوف على سبيل المثال من الممكن أن يستعملها المستثمرون للتحوط كما أنها ستساهم في عدم المبالغة في رفع الأسعار فوق قيمتها العادلة أو خلق فقاعات، فضلاً عن كونها ستساعد في الكشف عن التلاعبات في البيانات المالية للشركات للتأثير في الأسواق، وبالتالي يمكن أن يؤدي البيع على المكشوف دوراً في وقف فقاعة أسعار الأسهم خلال فترات طفرتها. ويرى الحمودي أن الأسواق تحتاج في المستقبل إلى إدخال الخيارات على أسهم الشركات المدرجة لتواكب أسواق الأسهم المتقدمة مثل نيويورك ولندن. توسع من جهته، قال إياد عارف المدير التنفيذي لشركة «نمازون» للبحوث والاستشارات، إن التوسع في تطبيق مزيد من الآليات الحديثة مثل البيع على المكشوف وتنظيم عمليات الشراء بالهامش لها مميزات إيجابية كبيرة في سوق الأسهم إذ تسهم في الحد من عمليات جني الأرباح القوية بسبب تعادل قوى البيع والشراء الحقيقي. وأضاف ان هناك مخاوف في الأسواق حالياً بعد تطبيق آلية البيع على المكشوف إذ يرى الكثيرون أن الوقت غير مناسب خصوصاً مع انخفاض أسعار الأسهم وهذا أمر غير صحيح، خصوصاً جميع الأسواق العالمية تطبق وتستخدم هذه الآليات منذ عقود ماضية ولم تؤثر هذه الآليات عليها سلباً بل أضافت لها مزيداً من القوة والمتانة والنضج. ولفت إلى أن أي عملية بيع على المكشوف سيتم اتخاذها سيعقبها عملية شراء لإغلاق المركز وهذه النقطة كفيلة بخلق توازن سعري وطبيعي في الأسواق. حسابات وقال المحلل المالي مناف الملوحي، إن الأسواق الإماراتية من الأسواق الناشئة وبالتالي فإن إضافة أي آليات جديدة لا بد أن تكون بشكل متأنٍ حتى لا يتسبب ذلك في إرباك حسابات المستثمرين، مشيراً إلى أن الأسواق في الفترة الحالية لا تحتاج إلى تطبيق أي أدوات جديدة حتى يستوعب المستثمرون الأدوات المطبقة حالياً ويعرفون كيفية التعامل بها. وأضاف الملوحي، أن أي أدوات مالية تطبق تعتبر جديدة على المستخدمين الحاليين وبالتالي تحتاج إلى مزيد من الوقت حتى يدرك المستثمرون كيفية التعامل معها، مشيراً إلى أن آلية البيع على المكشوف تحتاج إلى مزيد من حملات التوعية والتثقيف لشرح مميزاتها وعيوبها للمستثمرين، خصوصاً وأن تلك الآلية مخصصة في الأساس للمستثمرين المؤهلين، كما أن الشركات والمؤسسات تستخدمها كأداة للتحوط من أي تراجع وبالتالي فهي ليست أداة للمضاربة. آليات قال خبير أسواق المال مهند دياك، إن الشراء بالهامش وعقود المؤشرات والبيع على المكشوف المطبقة في أسواقنا المحلية من أهم آليات التداول في جميع الأسواق العالمية المتطورة والتي تميزها عن الأسواق الناشئة وهو ما يضع أسواقنا في مصاف الأسواق المتقدمة مقارنة بباقي أسواق المنطقة. وبين دياك أن تلك الآليات ضرورية لرفع مستوى السيولة اليومية في الأسواق التي تعاني بالفعل من تراجع ملحوظ على مدار الشهور الماضية، بالإضافة إلى استقطاب شرائح جديدة من المستثمرين المختصين والمتمرسين بهذه الأدوات والآليات. وأوضح أن آلية الشراء بالهامش تستقطب الكثير من صغار المستثمرين الذين يتفادون السوق المحلي لعدم وجود رافعة مالية كافية لتصبح التداولات مجزية بالنسبة لهم، مشيراً إلى أن الرافعة المالية تزيد من نسبة المخاطر على المتداول ولكن مع وجود البيع على المكشوف او الشورت سيلينج سيساعد المستثمر والمتداول بإجراء صفقات تحوط (hedging) لعمليات الشراء.
مشاركة :