هاجمني ولامني البعض على تهكمي بكلمة (الانتصار) التي ما فتئ زعماء حماس يطلقونها على نتيجة حربهم (العبثية) الأخيرة ضد إسرائيل. قال مسؤول في حركة (فتح): إن (حماس) كانت تعتقد أن تدمير غزة سوف يؤدي للخروج من أزمتها كفصيل سياسي، لهذا خطفت المستوطنين الثلاثة في الضفة الغربية ثم قتلتهم، ما قاد إلى سلسلة تداعيات خطيرة، من بينها الحرب على غزة، وأبلغت الرئيس محمود عباس في البداية بأنها لم تفعل، ثم عادت وأعلنت أنها فعلت ذلك-انتهى. إن مثل هذه (المماحكات) التي هي أشبه ما تكون بالحركات (الصبيانية) هي التي أرفضها وأستهجنها، خصوصا وأن نتائجها تؤدي إلى إزهاق أرواح بريئة، وخسائر لها أول وأشك أن يكون لها آخر. وتشير دراسات أولية متطابقة إلى أن إعادة بناء ما دمرته الحرب في قطاع غزة يتطلب بين خمسة إلى ستة مليارات دولار، ويستغرق خمس سنوات على أقل تقدير، وبينت الدراسات أن إزالة ركام البيوت والمباني المدمرة سيستغرق عاما كاملا في حال توافرت المعدات اللازمة لذلك -والله أعلم من هو الذي سوف (يكع) ذلك!! وعلى ذكر الانتصارات (المجانية)، فدلوني بالله عليكم على أية حرب خاضها العرب وانهزموا فيها، لم يقولوا في نهايتها: انتصرنا، انتصرنا؟! (الشقيري) كان يقول: نحن نحارب من الخنادق لا الفنادق، كان يقول ذلك بدون خجل وهو ساكن في أحد فنادق (عمان)، (وعرفات)، أخرج قسرا من بيروت مع كل الفصائل وهو يرفع شعار النصر، (وخالد مشعل)، يدير المعركة من خلال (سويته الملكي) من فندق (السبعة نجوم) في قطر، ولم تتحرك شعرة في رأسه بمقتل أكثر من (450) طفلا في غزة كان المفروض أن يحملوا أقلامهم ودفاترهم ويدخلوا مدارسهم مع بداية شهر سبتمبر. مع نهاية الحرب العالمية الأولى، وفي أوائل الثلاثينات الميلادية وقبل قيام دولة إسرائيل، كان هناك مشروع مطروح على أن يأخذ الفلسطينيون (80%) واليهود (20%) من الأرض، غير أن (القسام) أشعل ما يسمى بثورة (36)، وفي عام (1947م)، طرح التقسيم على أن يأخذ العرب (49%) وإسرائيل (51%) غير أن (الحسيني) رفض ذلك بكل (إباء وشمم)، وبعد هزيمة حرب (الأيام الستة) حاول (عبدالناصر) أن يقبلوا بحدود (67) وذلك قبل أن يكون في الضفة الغربية مستعمرة واحدة، غير أن عرفات رفض ذلك وآثر أن يخوض حرب (أيلول الأسود). لدينا مثل شعبي قديم ساذج يقول: (من بغاه كله، خلاه كله). يا خوفي أن هذا هو الذي سوف يحصل، ورحم الله (أبورقيبة) عندما خطب في الضفة الغربية قائلا للفلسطينيين: (خذوا وطالبوا)، وكانت النتيجة أن رجموه بالبندورة والشتائم المقذعة. إسرائيل لم تنتصر علينا بسلاحها، ولكنها انتصرت علينا (بغبائنا). فهل نحن فعلا: (زعماء الفرص الضائعة)؟!
مشاركة :