طالب محللون سياسيون ودبلوماسيون بالإسراع في إصدار قرار من مجلس التعاون الخليجي بتجميد عضوية قطر بالمجلس، حفاظاً على أمن دول مجلس التعاون، بسبب استمرار حكام الدوحة في سياساتهم التي تمثل تهديداً مباشراً لمصالح الدول الخليجية. وأوضح المحللون في تصريحات متفرقة لـ «البيان» أن قطر دأبت على عدم احترام الاتفاقيات الدولية المبرمة معها، وخصوصا تلك الخاصة بمكافحة الإرهاب، وعدم إيواء مطلوبين على ذمة قضايا لها علاقة بالجماعات الإرهابية، مشددين في الوقت نفسه على أن قطر ثبت بالدليل القاطع الذي لا يقبل أي شك تمويلها للإرهابيين في أكثر من مكان. وتربط التقارير بين دعم قطر للإخوان والتنظيمات المتطرفة والجماعات الإرهابية، وبداية حكم أمير قطر السابق إثر انقلابه الأبيض على والده منتصف التسعينيات. وقال عضو مجلس النواب البحريني جلال كاظم المحفوظ إن «أي توجه لتجميد عضوية قطر بمجلس التعاون الخليجي محل ترحيب، لإضفاء المزيد من الحماية للأمن القومي والسياسي للدول المتضررة من الرعاية القطرية المستمرة للإرهاب العالمي، بمقدمتها دول المقاطعة». وأكد كاظم بتصريحه لـ «البيان» أن «الاتجاه لتجميد عضوية قطر لا مفر منه، وإن تأخر، في ظل التعنت القطري الراهن، واستمرار مراهنة الجارة الصغيرة على التدخلات الأجنبية، وتسخيرها للإعلام المعادي بشكل مهين». وأضاف إن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب «مدعوة لعزل النظام القطري عن محيطه بشكل أكبر، وبما يتوافق مع المواثيق والعهود الدولية، حماية للأوطان من جار يمعن في الإساءة اليهم، ويسخر الأموال لزعزعة الأمن والاستقرار بها، وبشكل غير مبرّر، وغير مفهوم، حتى يعود هذا النظام لجادة العقل والصواب». حفاظاً على البيت الخليجي الى ذلك، قال النائب محمد يوسف المعرفي إن موقف البحرين سيظل ثابتاً وراسخاً تجاه قطر، وبما يَصْب في حماية البيت الخليجي، من كافة المؤامرات والمخططات والدسائس، والتي تعيها شعوب المنطقة جيدا. وأوضح المعرفي بأننا «نقف صفاً واحداً خلف قرارات قادتنا الكرام، في البحرين، والسعودية، والإمارات، وبكل ما فيه مصلحة للأمن الخليجي، ودون استغلال هذه الوحدة لدولة على حساب دولة أخرى». وواصل «إن ما تم كشفه بوسائل الإعلام ليؤكد بأن مملكة البحرين مستهدفه أمنياً وسيادياً من قبل الجارة قطر، وإن الحزم والعزم أصبح الحل الوحيد لدولة لا تعرف حسن الجوار، ولا تراعي الأعراف والمواثيق الدولية». أمننا أولاً وأشار المحلل السياسي يوسف الهرمي إلى أن «الإرهاب الأسود الذي تعاني منه البحرين في السنوات الأخيرة، والذي أكدت التسجيلات والتقارير الاستخباراتية بأن النظام القطري يقف خلف جزء كبير منه، يمنح البحرين وبقية جيرانها الحق في اتخاذ كل القرارات السياسية الذي يضمن حماية نفسها من هذه التدخلات العدوانية». وأكمل الهرمي «ما يعانيه أبناء شعبنا من إرهاب يومي بالشوارع، ومن استهداف ضد دوريات ومراكز الشرطة، بالقنابل الحارقة والأسياخ الحديدية، وهو ما أسفر عن وفاة العدد من العناصر الأمنية، وما تمخض من ضرر البالغ إزاء هذه الممارسات، طال بمضاره المصالح الاقتصادية والاستثمارية للدولة، كلها ممارسات لا يمكن السكوت عنها». وتابع «تجميد عضوية قطر خطوة متوقعة ومأمولة، وستتبعها خطوات أخرى إن لم يصحح النظام القطري مساره، فحماية مصالح الشعوب ومكتسباتها، خصوصا في الجانب الأمني والسيادي، خط أحمر لا نقبل المساومة عليه». مطلب ملح وتوقع مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق، السفير محمد حجازي، صدور قرار خلال أيام بتجميد عضوية قطر في مجلس التعاون، مشيراً إلى أن دول المجلس نفد صبرها ولن تستطيع تحمّل جنون وجنوح النظام القطري الذي سارع إلى التحالف مع إيران وعقد اتفاقيات أمنية واقتصادية بما يتعارض مع أمن الخليج كله. حجازي في تصريحات لـ «البيان» توقع استمرار قطر في عنادها وعدم استماعها إلى صوت العقل قائلاً: أتوقّع استمرار النظام القطري في عناده ومكابرته ورفضه للمطالب التي تقدمت بها الدول العربية المقاطعة للدوحة نتيجة لمواقف الأخيرة من الإرهاب ودعمها للجماعات الإرهابية، وبالتالي فإن صدور قرار بتجميد عضويتها في مجلس التعاون هو أقل رد على تعاليها على جيرانها من دول الخليج. ودعا حجازي جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم مع النظام القطري حتى لو وصل الأمر إلى تجميد عضوية قطر في الجامعة، خصوصاً وأن حكام الدوحة مستمرون في دعم الإرهاب وتمويله، مطالباً في الوقت نفسه بألا يتوقف تصعيد الدول العربية المقاطعة ضد قطر عند هذا الحد بل يجب ــ وفقاً لرأيه ــ أن يمتد إلى فضح نشاط الدوحة رسمياً في مجلس الأمن وتقديم أدلة تدين النظام القطري لمعاقبته وتوقيع عقوبات دولية ضده، بالإضافة إلى الضغط السياسي والتجاري على الأطراف الإقليمية الداعمة والأوروبية والغربية المترددة والانتهازية لإثنائهم عن موقفهم الداعم للنظام القطري. خطوات تصعيدية من جانبه أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، د.سعيد اللاوندي، لـ «البيان» أن قطر دأبت خلال السنوات الأخيرة على نقض كافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تجرم دعم الجماعات الإرهابية وتقديم الدعم لها، مشيرا إلى أن قرار تجميد قطر في مجلس التعاون الخليجي تأخر كثيراً، مشدداً على أن الدول الخليجية منحت قطر الفرصة تلو الأخرى حتى تعود الى صوابها وتستعيد علاقاتها الطيبة بجيرانها لكن النظام القطر القابع على رأس السلطة في الدوحة كان له رأي آخر. اللاوندي أوضح أن قطر متهمة بشكل أو آخر بدعمها الإرهاب وإيوائها عدداً كبيراً من التنظيمات الإرهابية على أرضها، وهذا يؤكد أن قطر على علاقة مشبوهة بالتنظيمات الإرهابية التي تعيث فساداً في سوريا وليبيا ومؤخرا في مصر. وأشار إلى أن الدوحة تحتضن عناصر إرهابية على علاقة وثيقة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة»، بالإضافة إلى قيادات جماعة الإخوان الموضوعة على رأس الجماعات الإرهابية بحكم قضائي، وكل ذلك يصب في اتجاه دعم قطر للإرهاب، وتوفير الملاذ الآمن والدعم المالي والإعلامي للجماعات الإرهابية، وهذا الدعم يؤكد أن المنطقة العربية تتجه إلى ظروف سياسية صعبة وانقسامات بسبب دعم الدوحة لتلك التنظيمات. ودعا اللاوندي إلى اتخاذ مزيد من الخطوات التصعيدية ضد النظام القطري، مشيراً الى أن قطر تحولت إلى «مخلب قط» تستخدمه بعض القوى الغربية والإقليمية لإثارة القلاقل في المنطقة العربية بشكل يهدد بتفجير الأوضاع، لافتا في الوقت نفسه إلى أن الصبر على قطر يعطيها فرصة للتواصل مع الغرب وتكوين وبناء تحالفات جديدة تحميها من العقوبات مستقبلاً. خيار حاسم وقال عضو مجلس الأعيان الأردني أسامة ملكاوي لـ «البيان» إن قرار التجميد حتى هذه اللحظة يمثل وجهة نظر البحرين، ومن الممكن أن يتم الإجماع عليه من قبل الدول الأخرى، وهو شكل من أشكال التصعيد ومحاولة لتحريك الأزمة من أجل الإسراع في إيجاد حل. ويرى المحلل السياسي د.عامر السبايلة أن تجميد العضوية هو من الأدوات من أجل إنهاء العلاقة بين قطر والدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، مضيفاً «في هذه اللحظة يظهر أن النظام القطري لا يرغب في تلبية المطالب سواء بعضها أو كلها، والتلويح بعزلها تماما عن دول مجلس التعاون الخليجي يأتي كتصعيد جديد يجب أن تنظر له قطر بكل جدية». وقال إن الخاسر الأكبر في النهاية من هذه المقاطعة هو قطر، وكلما طال أمد المقاطعة كلما زاد حجم الخسائر وأصبحت المعادلة أكثر تعقيداً جراء المواقف التي تتراكم. دراسة سبق أن نشرت «مؤسسة دعم الديمقراطية» الأميركية دراسة بعنوان «قطر وتمويل الإرهاب»، خُصص الجزء الأول منها للعقد الأخير من القرن الماضي والأول من الحالي، وخصص الجزء الثاني لفترة تولي الأمير تميم بن حمد منذ 2013 حتى يناير من هذا العام، وهو موعد صدور التقرير. وأكد التقرير أن قيادات في تنظيم القاعدة تلقوا دعماً من مانحين قطريين أو مقيمين في قطر، وذلك بالإضافة إلى القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وحركة الشباب (الصومال)، والقاعدة في شبه القارة الهندية والقاعدة في العراق (التي أصبحت «داعش»).
مشاركة :