تُعدّ الشركات ذات المسؤولية المحدودة من أكثر أنواع الشركات انتشاراً لأنها تناسب العديد من المشاريع والأنشطة الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة والتي تعد عنصراً أساسياً في الحياة الاقتصادية بسبب تنوعها وتعددها، حيث تسمح هذه النوعية من الشركات لجميع الشركاء بتحديد مسؤولية كل شريك منهم بمقدار حصته في رأس المال، فضلاً عن العديد من المزايا الأخرى. وقد تناول نظام الشركات السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/6 وتاريخ 22/3/1385هـ، وتعديلاته، الشركة ذات المسؤولية المحدودة وأفرد لها الباب السابع وتناول أحكامها كافة بداية من المادة 157 وانتهاء بالمادة 180. وقد عرّفت المادة 157 من نظام الشركات الشركة ذات المسؤولية المحدودة بأنها: «الشركة التي تتكون من شريكين أو أكثر مسؤولين عن ديون الشركة بقدر حصصهم في رأس المال ولا يزيد عدد الشركاء في هذه الشركة عن خمسين». ويقوم الشركاء بتحديد رأس مال الشركة في عقد التأسيس دون اشتراط حد أدنى لرأس المال، مما يترتب على إثره زيادة النمو الاقتصادي وتهيئة مناخ الاستثمار للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. وتحتل الشركات ذات المسؤولية المحدودة مركزاً وسطاً بين شركات الأموال وشركات الأشخاص، فهي تتسم بمزيج من الخصائص والأحكام المختلطة التي تنفرد بها شركات الأموال وشركات الأشخاص. وينبغي أن نفرق بين مسؤولية الشركة عن ديونها، ومسؤولية الشركاء فيها، فمسؤولية الشركة ذات المسؤولية المحدودة عن ديونها تكون مطلقة في جميع أموالها وليست محدودة في مواجهة الشركة، بينما تكون مسؤولية الشركاء في الشركة محدودة فقط في ديون الشركة بمقدار حصة ونصيب كل شريك في رأس المال. فلا يسأل أي شريك عن ديون الشركة أو الالتزامات المترتبة عليها أو خسائرها إلا في حدود مقدار حصته في رأس مال الشركة. وهذا يعنى أن الشريك إذا قام بسداد مقدار حصته في رأس مال الشركة فإن مسؤوليته تكون محدودة وقاصرة على هذه الحصة ولا تتعداها. فإذا ترتب في ذمة الشركة ذات المسؤولية المحدودة ديون أو خسائر تتجاوز رأس مالها، ولم تتمكن من الوفاء بديونها أو جبر خسارتها، وتم شهر إفلاسها فلا يملك الدائنون إلا مطالبة الشركة بالوفاء بالتزاماتها، وإذا عجزت عن ذلك لأنها أصبحت شركة منحلة فلا يجوز لدائني الشركة الرجوع على الأموال الخاصة للشركاء لاستيفاء حقوقهم، ولكن يحق لهم التنفيذ على موجودات وأصول الشركة وتقسيمها بينهم قسمة غرماء. وهذا يعني أن مطالبة الدائنين لأحد الشركاء في ماله الخاص تكون غير ملزمة إذ تعتبر هذه الميزة من النظام العام ويبطل معها كل اتفاق ينص على مخالفتها. واستثناء مما سبق فإن مسؤولية الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة يمكن أن تتحول إلى مسؤولية شخصية أو تضامنية، وفقا لما ورد في نص المادة 180 من نظام الشركات التي نصت على أنه: «إذا بلغت ديون الشركة خمسين في المائة من رأس مالها وجب على المديرين دعوة الشركاء للاجتماع خلال مدة لا تزيد على ثلاثين يوماً من تاريخ بلوغ الخسارة هذا الحد للنظر في استمرار الشركة مع التزام الشركاء بدفع ديونها أو حلها قبل الأجل، ولا يكون قرار الشركاء صحيحاً إلا إذا صدر طبقاً للمادة 173 ويجب في جميع الأحوال شهر هذا القرار بالطرق المنصوص عليها في المادة 164 وإذا استمرت الشركة في مزاولة نشاطها دون صدور قرار باستمرارها بالشرط المتقدم أو حلها، أصبح الشركاء مسؤولين بالتضامن عن سداد جميع ديون الشركة». وبالتالي يستطيع دائنو الشركة استيفاء حقوقهم من الشركاء وتصبح مسؤولية الشركاء مسؤولية تضامنية. كما تتحول مسؤولية الشركاء أيضا إلى مسؤولية تضامنية إذا كان تأسيس الشركة باطلاً وذلك وفقاً لنص المادة 163 من نظام الشركات. والأمر ذاته ينطبق على المديرين حيث تتحول مسؤوليتهم إلى مسؤولية تضامنية في حال مخالفتهم لأحكام هذا النظام أو نصوص عقد الشركة أو صدور أخطاء منهم أثناء تأديتهم للعمل، وذلك وفقاً لما ورد في المادة 168 من نظام الشركات. وأخيراً نود أن ننوه إلى أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة لا تنقضي بأسباب الانقضاء المقررة بحق الشركات القائمة على الاعتبار الشخصي كوفاة أحد الشركاء أو إفلاسه أو الحجر عليه أو انسحابه من الشركة، فجميع هذه الأمور لا تؤدي إلى انقضاء الشركة إلا إذا تم النص على ما يخالف ذلك في عقد الشركة.
مشاركة :