حالة خاصة من الاحتفاء الفني قُوبل بها معرض «حسن شريف: فنان العمل الواحد»، الذي فتح أبوابه للجمهور أول من أمس، بتنظيم من مؤسسة الشارقة للفنون، ليعيش الحضور تفاصيل مسيرة شريف التي امتدت لأكثر من خمسة عقود، كان نتاجها نتاجاً فنياً شديد التنوّع، ليأتي المعرض الاستعادي الأول بمثابة الفرصة للإبحار بشيء من التأني في بعض تفاصيل هذه البانوراما الفنية. أكثر من 300 عمل تحت مظلة واحدة تم انتقاؤها من قيّمة المعرض الشيخة حور القاسمي، وعدد من الفنانين والمتخصصين، لتكون بمثابة بانوراما فنية مفتوحة للجمهور حتى الرابع من فبراير المقبل، بعدها يصبح المعرض مرشحاً لاستضافات دولية خارجية متعددة. وقال عبدالرحيم شريف، شقيق الفنان الراحل في حواره مع «الإمارات اليوم»: «إن المعرض يسبر المكونات الجمالية والمفاهيمية للفنان حسن شريف ابتداءً من رسوم الكاريكاتير والأعمال التركيبية والتجميعية والأعمال شبه النظامية، للفنان منذ مطلع السبعينات حتى عام 2016 سنة رحيله عنا». أعمال حسن شريف الفنية كانت محل اهتمام واحتفاء دائمين خصوصاً من قبل مؤسسة الشارقة للفنون. التركة للجميع قال عبدالرحيم شريف: «إن التبرع باستوديو وورشة الفنان الراحل حسن شريف لصالح مؤسسة الشارقة للفنون، جاء بموافقة جميع أفراد أسرة الفنان الراحل». وأضاف لـ«الإمارات اليوم»: «تركة الفنان في حقيقتها تبقى للجميع، فالمؤسسة الوطنية أكثر قدرة على الاحتفاظ بتلك الثروة العصية عن التقدير المادي». الصمت أكثر بلاغة اختار عبدالرحيم شريف الصمت، لغة للتعبير عن حالة شجن تملكته أثناء افتتاح معرض شقيقه، مضيفاً: «الصمت يبقى أكثر بلاغة من أي تعليق لن يتمكن من استيعاب مشاعري، ربما وحده النتاج الفني القادر على التماهي مع تلك الحالة». وأكد أن «شقيقه كان يرفض بشدة إقامة معرض شامل استعادي لأعماله أثناء حياته، كان محقاً في قناعته، بأن هذه النوعية من المعارض تعني أننا بصدد المحطة الأخيرة في رحلة العطاء الفني». 300 عمل تمثل بانوراما متنوّعة من إبداعات حسن شريف يضمها المعرض. وأضاف: «يتوزع المعرض على سبعة أقسام تغطي مختلف اشتغالاته الفنية وتخطيطاته وكتاباته والمشروعات غير المنجزة، وبالتالي يمثل رحلة معمقة في غضون تجربة الراحل الفنية». أرفع تكريم وتابع عبدالرحيم شريف، الذي أسهم بدور رئيس في توفير مقتنيات المعرض وإنجاز إقامته، أن «حرص صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على حضور افتتاح المعرض، بمثابة أرفع تكريم لمسيرة الراحل». وعن الأمنية الوحيدة التي ألحت عليه خلال انطلاقة المعرض، ولحظات الاحتفاء بالراحل، قال عبدالرحيم شريف: «ليته كان بيننا ليعايش كل حالات الاستغراق والتأمل في أعماله». وأضاف: «أختلف مع من يرون أن شريف لم يحظ بالتكريم اللائق في حياته، إذ كانت أعماله محل اهتمام واحتفاء دائمين، خصوصاً من قبل مؤسسة الشارقة للفنون، ورئيستها الشيخة حور القاسمي». وأكد أن المعرض الاستعادي لن يكون بمثابة نهاية المطاف، وطياً لمعارض تستوعب أعمال شقيقه الراحل: «بل هو بداية مطاف ربما أكثر إشراقاً لحضور أعماله، فهناك الكثير من المشروعات المستقبلية المرتبطة بحسن شريف، تعتزم مؤسسة الشارقة للفنون إنجازها، أبرزها معارض خارجية متعددة». مشاعر الأخ وحول مشاعر الأخ والفنان الذي لازمته، ليلة افتتاح أول معرض استعادي منذ رحيل شريف، قال عبدالرحيم شريف: «تمنيت أن لو كان حسن بيننا، أول من أمس، يفصلني بيني وبينه عام، لصالحي زمنياً، لكنه كان الصديق والفنان الذي يُلهمني، ويشكل بفنه إطلالة مختلفة لي على العالم، لذلك كنت الأمين على نتاجه، وهي المهمة التي يقوم بها الآن الفنان الشاب محمد عبدالرحيم شريف». وأكمل: «لم أجد أفصح تعبيراً عن مشاعري في تلك الليلة أكثر بلاغة من الصمت، وتتبع استغراق روّاد المعرض في أعمال الراحل، فرغم أنها أعمال استعادية، إلا أنها بدت لدى كثيرين وكأنهم يبحرون في تفاصيلها للمرة الأولى». وتابع: «كثير من الفنانين أكدوا لي أنهم رأوا كثيراً من العمال في الحدث الافتتاحي، برؤية تختلف تماماً عن مشاهداتهم السابقة، لذلك فإن زيارة واحدة لمعرض شريف غير كافية إطلاقاً لاستغراق جمالياته ومعايشة تفاصيله». وأشار شقيق الفنان الراحل: «لم يحظ الشريف بهكذا معرض طوال حياته، بناء على خياراته الفنية الذاتية، فمع وجود معرض شخصي سابق له بالشارقة، كانت قناعته بأن المعرض الاستعادي هو بمثابة المحطة الأخيرة في حياة الفنان، وقد كان محقاً في ذلك». وأكد عبدالرحيم شريف أهمية إبراز الفنان الإماراتي عموماً في محافل تشكيلية عالمية، معتبراً أنه «لا يوجد ترويج مناسب للفن الإماراتي خارجياً، لدرجة أن بعض القائمين على معارض عالمية كبرى، لا يتصورون وجود تجارب تشكيلية جادة بالدولة». واستطرد: «يعود آخر معرض مهم شارك به فنانون إماراتيون خارج الدولة إلى عام 2002، في لودفيج بألمانيا، لمجموعة (5 فنانين إماراتيين)، وهم إلى جانب الراحل حسن شريف كل من: حسين شريف، محمد أحمد إبراهيم، محمد كاظم، عبدالله السعدي، وهي المجموعة نفسها التي أقامت معرضاً في التسعينات بهولندا». وأكد وجود حاجة ماسة لأن يتعرف الجمهور المحلي إلى أعمال الفنانين الإماراتيين وخصائصها، ما يصب في مصلحة تطوير الذائقة الجمالية المرتبطة بالتشكيل، من خلال إقامة مثل هذه المعارض المهمة، التي تمثل أيضاً فرصة لإبراز هذا الموروث الفني المرتبط بتاريخ الفنون البصرية الإماراتية المعاصرة، وما يستتبعها من دراسات جادة».
مشاركة :