أثار مواطنو مدينة الإسكندرية انتفاضة إلكترونية بعد تداول منشور استغاثة عبر موقع «فيسبوك» يحذر من وجود شبهة تخطيط لهدم قصر عزيزة فهمي بجليم؛ في محاولة لإنقاذ ما بقي من مباني الإسكندرية التراثية. أزمة القصر بدأت منذ عدة أعوام حينما وجد الإسكندريون لافتة تفيد بأن القصر أصبح ملكا لشركة «إيجوث» وهي شركة سياحية حكومية مصرية، تدير عددا من الفنادق والمنشآت السياحية. لكن بسبب وجود نزاعات قضائية بين الملاك والشركة، تجمد الحديث حول هدم القصر. ومنذ أيام تملك الخوف أهل المدينة بسبب خطوط جيرية تحدد الأراضي المحيطة بالقصر وتقسيم حديقته، ويأتي ذلك بعد أن فقدت الإسكندرية عشرات المباني التاريخية وآخرها فيلا أغيون وفيلا أمبرون وقصر عدلي يكن باشا، وفيلا شيكوريل، وذلك بسبب الثغرة الموجودة بالقانون رقم 144 لسنة 2006 التي يستغلها المقاولون لإخراج المباني من قائمة التراث. يقع القصر على مساحة 15 ألف متر مربع في موقع فريد على شاطئ منطقة جليم (جليمونوبلو)، ويعتبر أحد معالم المدينة بطرازه المعماري الفريد ونسقه المعماري المتناغم مع التراث الثقافي والحضاري للمدينة، ويعتبر واحدا من أفخم القصور في مصر، وكان مملوكا لعزيزة هانم فهمي، كريمة علي باشا فهمي، كبير المهندسين في عهد الملك فؤاد، وتزوجت من محمد باشا رفعت الروزنامجي. ويعتبر القصر من التحف المعمارية التي لا تزال تقاوم معاول الهدم وجشع المقاولين، الذين شوهوا حي جليم الراقي بعمارات ذات ارتفاعات شاهقة، لا تتناسب مع التخطيط العمراني لشوارعه، وقد هدمت جميع الفيلات والقصور المحيطة بقصر عزيزة فهمي، ليبقى وحيداً أمام صفحة البحر المتوسط مذكراً بالإسكندرية التي كانت. وعن حقيقة هدم القصر، يقول المعماري الكبير د. محمد عوض، رئيس لجنة حماية التراث المعماري بالإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «القصر مسجل على قائمة المباني التراثية ذات الطراز المعماري المميز، وقد تقدمت الشركة المالكة له بمشروع منذ عامين لتحويله لمنشأة سياحية، لكن تم رفضه بسبب أن التصميمات ستشوه النسق المعماري للمنطقة المحيطة بالقصر، وأقرت اللجنة وقتها إمكانية تحويله فقط إلى (بوتيك أوتيل) للحفاظ على طرازه المعماري الفريد». ويضيف د. عوض: «لا يمكن لأي من الملاك الحاليين تقسيم الأرض واستغلالها وفقا لذلك، لأنه قانونا يتم التعامل مع المباني المسجلة كقطعة أرض واحدة تضم الحديقة أيضا، ولا يمكن لأي فرد التلاعب بالقانون واستغلال الأرض من دون قرار وزاري أو بعد أن تنظر قضية أمام هيئة قضاء الدولة». وأكد عوض «يرجع تاريخ إنشاء القصر لعام 1927 أثناء تشييد وبناء كورنيش الإسكندرية الشهير، والقصر مصمم على الطراز المعماري الخاص بعصر النهضة» نيو رينيسانس «وهو مستوحى من تصميمات المعماري الإيطالي أندريا بالاديو، التي تتميز بالطابع الكلاسيكي الروماني، ويعتبر فعلا من القصور النادرة في مصر». وفي حديثه مع «الشرق الأوسط»، نفى المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وجود أي أنباء مؤكدة عن هدم القصر أو المساس به، وأن الأمر كله متعلق بمنشور عبر «فيسبوك». وأكد «تحركت لجنة هندسية من محافظة الإسكندرية لمعاينة حالة القصر ولم تجد أي مخالفات»، لافتا إلى أنّ «القصر لا يجوز المساس به لأنّه مبنى تراثي ومسجل، وإذا حدث أي تعد من الشركة المالكة سيتدخل الجهاز القومي بشكل مباشر، لمنع هدم واحد من أهم القصور المصرية». وأكد: «لو كان هناك أي شروع في الهدم، لكن الجهاز تدخل فورا متخذا كافة الإجراءات القانونية». من جانبها، نفت ميرفت حطبة، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للسياحة والفنادق، عرض قصر عزيزة فهمي الأثري للبيع، أو هدمه. وقالت في تصريحات صحافية وتلفزيونية: «كل ما يتم تداوله بشأن هدم القصر غير صحيح، كان هناك نزاع قضائي بين الشركة والورثة قائم منذ 54 عاماً. وانتهى أخيراً». وقالت: «اتفقنا على حصول الدولة ممثلة في شركة (إيجوث) إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة للسياحة والفنادق، على مساحة ٨ آلاف متر شاملة القصر، ليكون نصيب الورثة 7 آلاف متر من الأرض المحيطة بالقصر، وفور تسلم القصر سنبدأ دراسة تطويره مرة أخرى وترميمه، بعد الانتهاء من دراسة الجدوى على المشروع الذي تبلغ تكلفته 600 مليون جنيه». كما صرح محمد شعبان، معاون محافظ الإسكندرية في مداخلة مع الإعلامي رامي رضوان: «إن الخطوط الجيرية التي تقسم القصر هي إجراء لتحديد مساحات بين الملاك وفقا للقانون، لكن لن يتم استخدام المساحة المحيطة به إلا بقرار من مجلس الوزراء». ومن الطريف أنّ قصة القصر والتنازع القضائي عليه تم تناولها في فيلم «ابن القنصل» بطولة أحمد السقا وغادة عادل حيث كانت قصة نزاع الملاك الحقيقيين على القصر في المحاكم مستمرة منذ أكثر من 54 عاما.
مشاركة :