تنتابه لوعة، ويُخرج من أعماق قلبه تنهيدة عميقة وهو يتحدث عن غدر «الأقربين» ومن طعنوا في الظهر.. يقول سعادة الشيخ محمد بن أحمد بن جاسم آل ثاني وزير الاقتصاد والتجارة الأسبق: «كل قطري -وأنا واحد منهم- سيُحمل إلى القبر وفي قلبه غصة من غدر (الأشقّاء)».لن ننسى ولا يمكن أن ننسى. العلاقات بين قطر ودول الحصار لن تعود بأي حال إلى سابق عهدها، يصر الشيخ محمد بن أحمد على الضرر النفسي العميق الذي سببته طعنة من كان يضعهم القطريون في مرتبة الأخ والشقيق الأكبر الذي يكنون له كل الاحترام والتقدير وطيب المشاعر. في الواقع، كان سعادة الشيخ محمد بن أحمد واضحاً إلى أبعد الحدود كلما سُئل عن السعودية والإمارات. يقول لـ«العرب» في أول مقابلة صحافية له منذ مغادرته وزارة الاقتصاد والتجارة إنه لا يستطيع حتى الآن فهم الأسباب والدوافع الحقيقية لكل هذا الحقد الأعمى الذي أظهرته مرة واحدة هاتان الدولتان تجاه قطر، يضيف متسائلاً: «أين كان كل هذا الحقد مخبئاً؟! وكيف نجحوا في إخفائه بهذه الطريقة؟! هل هو الكيد والغل أم الشعور باليأس؟ ومن أين؟ ممن كانوا من أقرب الناس إليك ومن تربطك بهم وشائج الدين والأخوة والقرابة!». لا يطيل سعادة الشيخ محمد بن أحمد التفكير كثيراً للإجابة عن تساؤلاته. يقول: «إنه الحسد والغيرة من استقلالية قطر كما ذكرها سيدي سمو الأمير المفدى يحفظه الله.. الحسد والغيرة فقط من كل ما حققته وأنجزته قطر خلال فترة وجيزة، الغيرة من استقلالية وسيادة قطر؛ فهم يريدوننا دولة تابعة، ولا يريدون أن نسبقهم بسنوات، يريدون أن نبقى عند مستوياتهم ونشاركهم في أخطائهم، ويحزنهم كثيراً تطور قطر في كل القطاعات، ويحزنهم أكثر مكانة قطر التي تحتلها اليوم على خريطة العالم السياسي والاقتصادي، والاحترام والمصداقية التي تنعم بها من الجميع». سعادة الشيخ محمد بن أحمد يرى أن الشعب القطري لن يغفر لـ «الأشقّاء» غدرهم وخيانتهم بأي حال. يتساءل: «كيف نغفر لمن قطعوا أرحامنا وسعوا إلى تجويعنا واعتدوا على حرماتنا وحاولوا أن يعيثوا فساداً في وطننا؟! كيف نغفر لمن نهبوا أموالنا وشردوا أقرباءنا وطردوا مرضانا وطلابنا؟! كيف نغفر لمن نكث كل العهود والمواثيق وألغى كل المحرمات والخطوط الحمراء؟!». ومضى سعادة الشيخ محمد بن أحمد إلى القول: «السعودية أرادت أن تلعب على وتر إثارة النعرات القبلية في المجتمع القطري، ونسيت أن قطر دولة مدنية متطورة. على الأقل القبائل في قطر معززة مكرمة وتشغل مناصب عليا وبكفاءتها، على عكس السعودية». طول أمد الحصار ولا يخفي سعادة الشيخ محمد قدراً كبيراً من الواقعية عندما يقول بأن أمد الحصار الظالم المفروض على قطر قد يطول لأعوام، لكنه يشدد في الوقت ذاته على أن قطر تستطيع مواجهته والتصدي له، إلا أنه يؤكد بتفاؤل أن آثار الحصار ستختفي من السوق القطري مع بداية العام المقبل. ويتابع قائلاً: «قطر ستحقق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية والمواد الأساسية خلال عامين. هذا إنجاز كبير، لقد ساهم الحصار فعلياً في هذه الإنجازات. الاقتصاد القطري أصبح أقوى وأكثر استقلالية وتماسكاً واعتماداً على الذات أكثر من أي وقت مضى». الأهم من هذا وذلك أن الحصار أظهر مدى قوة الشعب القطري، ورسوخ حبه لوطنه وقيادته. يقول سعادة الشيخ محمد بن أحمد مضيفاً: «إن قطر أثبتت للعالم أن مصداقيتها أهم شيء؛ فاحترمت العقود، والملكيات الفردية، وسيادة القانون، على عكس السعودية والإمارات تماماً؛ فالإمارات بلد (السعادة والتسامح) استولت على ملكيات القطريين لديها، ونكثت كل العهود والمواثيق، لتسجل أمام العالم أنها دولة لا تحمي الاستثمارات والمستثمرين».;
مشاركة :