الحذيفي في خطبة الجمعة: فوقَ مرتَبَة الشُّكر على النِّعَم, الشُّكرُ على المصائِب والشُّرور،

  • 11/10/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

صراحة – فيصل القحطاني : ذكر فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبد الرحمن الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة اليوم أن الله سبحانه وتعالى منَّ علينا بالنِّعَم لتُسخَّرَ في طاعة الله وعبادتِه، وعمارةِ الأرض وإصلاحِها، قال الله تعالى: (كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) ، وقال تعالى : (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وأوضح فضيلته أن شُكرُ النِّعَم هو باجتماعِ أمورٍ محبَّة المُنعِمِ – جل وعلا – على نعمِه، والخُضوعِ لله لما أنعم عليك، مع تيقُّنِ القلبِ أن كل نعمةٍ تفضُّلٌ وإحسانٌ على العبدِ من جميعِ الوجوه، لا يستحِقُّها العبدُ على الله، والثناء على الربِّ باللسان بهذه النِّعَم ،والقبولِ لها بتلقِّيها بالفاقَة والفقرِ إلى الله، وتعظيمِ النِّعمة، واستِعمالِ النِّعَم فيما يحبُّ الله – تبارك وتعالى ويرضى ، فمن استخدَمَ آلاءَ الله فيما يحبُّ الله ويرضَى، وجعلَها عونًا على إقامةِ الدين في نفسِه، وأدَّى بها الواجِبات المفروضَة عليه فيها بالإحسان إلى الخلقِ منها؛ فقد شكَرَها. ومن استخدَمَ نعمَ الله فيما يُبغِضُ الله، أو منَعَ الحقوقَ الواجِبةَ فيها؛ فقد كفَرَ النِّعمةَ ، وألا تُبطِرَه النِّعَم، ويُداخِلَه الغرور، ويُوسوِسَ له الشيطانُ بأنه أفضلُ من غيرِه بهذه النِّعَم، وأنه ما خُصَّ بها إلا لمزِيَّةٍ على من سِواه. وتابعة فضيلته : وليعلَم المؤمن أن الله يبتلِي بالخير والشرِّ؛ ليعلَمَ الشاكرين والصابِرين ، والإيمانُ نِصفُه شُكر، ونِصفُه صبر؛ قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) . وأكد فضيلته : أن فوقَ مرتَبَة الشُّكر على النِّعَم: الشُّكرُ على المصائِب والشُّرور، والحمدُ لله على المكرُوهات التي تُصيبُ المُسلِم، والتي لا يقدِرُ على دفعِها، وأهلُ هذه المنزِلة أولُ من يُدعَى لدخولِ الجنة؛ لأنهم حمَّادُون على كل حال. وقد أمَرَنا ربُّنا- عز وجل – بشُكرِه؛ قال تعالى: (وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ). وقال النبيُّ – صلى الله عليه وسلم -: «أحِبُّوا اللهَ لما يغدُوكم به من نِعَمِه»؛ رواه الترمذيُّ وصحَّحه من حديثِ ابن عبَّاسٍ – رضي الله عنهما -.وأعظمُ الشُّكر: الإيمانُ بربِّ العالمين؛ فهو شُكرُ نعمةِ رسالةِ محمدٍ – صلى الله عليه وسلم – التي أرسلَه به رحمةً للناس، ويأتي بعدَها شُكرُ كل نعمةٍ بخُصوصِها إلى أصغَر نعمة، وليس في نعَمِ الله صغير. وحذر فضيلته بأن أعظمُ كُفرٍ للنِّعَم: الكُفرُ بالقرآن والسنَّة، ولا ينفَعُ شُكرٌ لأي نعمةٍ مع الكُفر بالإسلام؛ قال الله تعالى: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ). مضيفاً فضيلته بأن الله عز وجل قد وعَدَ الشاكرينَ بدوامِ النِّعَم وزيادتِها وبركاتِها؛ قال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ). وذكر فضيلته : أيها الشاكِر: دُم على الشُّكر والاستِقامة ، فمن وفَى مع الله وفَى الله له، قال الله تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) . وحذر فضيلته : لا يستزِلَّك الشيطانُ – أيها الشاكِر – فتُقصِّرَ في الشُّكر، أو تُغيِّره إلى كُفرٍ بالنِّعمة، فتتغيَّر عليك الأحوال من حسنِها إلى سُوئِها وشرِّها ؛ قال الله تعالى: (سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) . وفي الخطبة الثانية ذكر فضيلة أن العبدَ مهما أطاعَ ربَّه، وتقرَّبَ إليه بأنواعِ القُرُبات لن يقوم بشُكرِ ربِّه على الكمالِ والتَّمامِ، ولكن حسبُه أن يجتهد ويقومَ بالفرائِض، وينتهِيَ عن النواهِي، ويعلَم أنه لولا رحمةُ الله لكانَ من الخاسِرين، ويُلازِمَ الاستِغفارَ من التقصير، وأن يُكثِرَ الدعاءَ لربِّه بالمعُونَة والتوفيق، وأن يُكثِرَ من ذِكرِ الله تعالى؛ فالذِّكرُ يسبِقُ به إلى أجلِّ المقامات .عن ابنِ عباسٍ – رضي الله عنهما – أن رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – كان يدعُو: «ربِّ اجعَلني لك شكَّارًا، لك ذكَّارًا، لك رهَّابًا، لك مُطاوِعًا ،لك مُخبِتًا، إليك أوَّاهًا مُنيبًا، ربِّ تقبَّل توبَتي، واغسِل حوبَتي، وأجِب دعوَتي، وثبِّت حُجَّتي، واهدِ قلبي ،وسدِّد لِسانِي، واسلُل سخيمَةَ صدري» رواه أبو داود، والترمذي، وقال: “حديثٌ حسنٌ صحيح”. واختتم فضيلته الخطبة بالدعاء : اللهم ارضَ عنَّا بمنِّك وكرمِك ورحمتِك يا أرحم الراحمين اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشكرَ والمُشرِكين والكفر والكافرين يا رب العالمين ، اللهم انصُر دينَك وكتابَك وسُنَّة نبيِّك ، اللهم انصُر دينَك وكتابَك وسُنَّة نبيِّك، اللهم أظهِر هديَ نبيِّك محمدٍ – صلى الله عليه وسلم – في العالمين يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير ، اللهم أغثنا يا أرحم الراحمين ، اللهم أرِنا الحقَّ حقًّا وارزُقنا اتِّباعَه، وأرِنا الباطلَ باطلاً وارزُقنا اجتنابَه، اللهم وفِّق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لما تحبُّ وترضَى، اللهم أعِنه يا رب العالمين على كل خيرٍ، اللهم وفِّقه لهُداك اللهم أجعل مجمع الملك سلمان للحديث الشريف في ميزان حسناته يا رب العالمين وانفع به كما نفعت المسلمين بمجمع القرآن الكريم واجزيه عنهما أحسن جزاء ، واجعَل عملَه في رِضاك، اللهم اجعَله هاديًا مهديًّا، اللهم وفق ولي عهده الأمين لما تحبُّ وترضَى إنك على كل شيء قدير، اللهم وفِّقهما لما فيه الخيرُ للإسلام والمسلمين برحمتِك يا أرحم الراحمين .اللهم إنا نسألُك ألا تكِلَنا إلى أنفُسنا طرفةَ عينٍ، وأصلِح لنا شأنَنا كلَّه، واجعل أعمالَنا خالصةً لوجهِك يا رب العالمين.

مشاركة :