كان مُقدَّراً للزيارة التي يقوم بها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للسعودية مطلع الأسبوع ان تكون «تاريخية» في بُعدها المتصل بكون «سيد بكركي» أول شخصية دينية مسيحية وأول بطريرك تستقبله المملكة الساعية الى تكريس نهج الانفتاح الذي يقوده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. إلا أنّ هذه الزيارة سرعان ما اكتسبتْ أهمية موازية ترتبط بالمناخ المستجدّ سواء في بيروت في ضوء استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري أو على خط العلاقة اللبنانية - السعودية في ظلّ «العين الحمراء» من المملكة على لبنان بفعل أدوار «حزب الله» الخارجية وتهديده أمنها انطلاقاً من اليمن وخصوصاً إشراكه بالمسؤولية عن الصاروخ البالستي الذي وُجه الى الرياض حيث تم اعــتراضه. وعلى وقع بدء رزمة إجراءات بحق لبنان، ثمة تعويل على محادثات الراعي في السعودية سواء مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز او ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في محاولةٍ لاحتواء التأزم بين بيروت والرياض وتهدئة الأجواء، ولا سيما بعدما اختار رأس الكنيسة المارونية المضيّ في تلبية دعوة المملكة رغم ضغوطٍ سعى البعض الى ممارستها عليه لثنيه عن الزيارة بحجة عدم إدخالها في مدار الاندفاعة السعودية غير المسبوقة بوجه إيران و«حزب الله» ولا الأخذ والردّ حيال ملابسات استقالة الحريري. وفيما عكس إصرار الراعي على زيارة الرياض تَحسُّبه لأي تداعيات غير مرغوبة يمكن ان تترتّب على طلبه تأجيلها وتقديره للايجابيات التي ستحملها على صعيد تأكيد دور المسيحيين في المنطقة وتَفاعُلهم مع محيطهم، فــــإن معلوماتٍ متقـــــاطعة تشير الى ان البطريرك الماروني الذي كان زار اول من امـــــــس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا يحمل أي مقاربات سياسية تفصيلية بل رسالةً لقيادة المملكة في شأن تحييد لبنان عن المحاور والصراعات الإقليمية وانه لا يرغب ان تكون بـــــــــــيروت ساحة صراع إيراني - سعودي، أو أي صراع آخر. كما ان جانباً آخر من الزيارة يتم ترقُّبه ويتمثّل في المعلومات عن ان البطريرك تلقى رداً إيجابياً من مسؤولين سعوديين في شأن احتمال الاجتماع مع الرئيس الحريري، اذا كان ما زال في الرياض، بما يقطع الطريق على المشككين في ظروف إقامة رئيس الحكومة المستقيل في المملكة. وقد نُقل عن المسؤول الاعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض أن اجتماعاً سيُعقد «من حيث المبدأ» بين الراعي والحريري، لافتاً الى انه من الطبيعي ان يلتقي البطريرك ورئيس الحكومة ما دام الأخير موجوداً في السعودية، وهما سيتشاوران في ظروف الاستقالة والخلفيات التي أدت اليها، في محاولة لوقف ارتدادات الأزمة على لبنان.
مشاركة :