قانون ضرائب ترمب يفيد الأثرياء

  • 11/11/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

مع مشروع القانون الجديد الذي يهدف إلى خفض الضرائب على الأثرياء، ويعصف بعجز الموازنة الفيدرالية في البلاد، بات من الواضح تماماً لأية جهة تحديداً يعمل الرئيس دونالد ترمب وأعضاء مجلس النواب من الجمهوريين - أي نسبة 1 في المائة من الشعب الأميركي - ومن هي الفئة التي يعتبرونها يسهل الاستغناء عنها. حسناً، إنهم وإلى حد كبير جموع الشعب الأميركي الآخرين.ويشتمل مشروع القانون، الذي كشف عنه زعماء مجلس النواب بالكونغرس يوم الخميس بعد أسابيع من مفاوضات الغرف المغلقة التي كان الأعضاء الجمهوريون وحدهم على اطلاع بشأنها، على منح بمليارات الدولارات للشركات، وعمالقة «وول ستريت»، والعائلات الأميركية الثرية.وفي حين أن هناك بعض الفتات الملقى للأسر من الطبقات محدودة ومتوسطة الدخل، فإن كثيراً من الناس من أصحاب الإمكانات المتواضعة، الذين يستفيدون من الاستقطاعات والاعتمادات لتغطية المصاريف الأساسية مثل الإسكان، وضرائب الولايات والضرائب المحلية، ونفقات الرعاية الطبية، وتكاليف التعليم، قد انتهى بهم الأمر لأن يسددوا المزيد من الضرائب للحكومة.وفي هذه الأثناء، من شأن مشروع القانون الجديد أن يضيف 1.51 تريليون دولار إلى الدين الفيدرالي العام عبر السنوات العشر المقبلة.وعلى مدى الأعوام المقبلة، سوف يشير الأعضاء الجمهوريون بكل تأكيد إلى هذا الدين المتضخم للغاية ويتحججون بأنه من اللازم والضروري أن يخفض الكونغرس من الإنفاق العام على مشاريع البنية التحتية، والرعاية الصحية، والمساعدات الطبية، والضمان الاجتماعي.فمن أين نبدأ حديثنا؟ إن الغرض الأساسي لمشروع القانون هو تخفيض الضرائب على أرباح الشركات إلى نحو 20 في المائة، من واقع نسبة 35 في المائة السابقة. ويتفوه أتباع السيد ترمب داخل البيت الأبيض والكونغرس بالترهات والحجج القديمة ذاتها؛ بأن الشركات سوف تأخذ الأموال المتوفرة من الضرائب وإنفاقها على توظيف المزيد من العمالة وتحويل تلك الأموال إلى الموظفين لديهم في صورة زيادات في الأجور ومكافآت وبدلات للعمل. إن كان ذلك سيحدث. ويعتقد خبراء الاقتصاد الموثوق فيهم أن فوائد التخفيضات الضريبية سوف تذهب وبشكل حصري إلى المساهمين والمديرين التنفيذيين في كبرى الشركات.وفي حقيقة الأمر، فسوف تتدفق نحو 70 مليار دولار في العام، أو ما يساوي 35 في المائة من الأرباح، إلى المستثمرين الأجانب الذين يمتلكون أسهما كبيرة في الشركات الأميركية، وفقاً إلى ستيفن روزنتال بمركز السياسات الضريبية التابع لمعهد بروكينغز الحضري.ومن شأن مشروع القانون الجديد أن يعود بالفائدة السخية على الشركات العقارية، وصناديق التحوط، وغير ذلك من الأعمال التجارية ذات التمويل العابر، التي تذهب الأرباح فيها مباشرة إلى أصحابها من دون سداد الضرائب. ويريد الأعضاء الجمهوريون يريدون من أصحاب الشركات أن يسددوا ما قيمته 25 في المائة من دخولهم، بدلاً من المعدلات المقررة، التي تصل إلى 39.6 في المائة.ويقول الأعضاء الجمهوريون إن القانون الجديد سيعود بالفائدة على الشركات الصغيرة. وفي واقع الأمر، فإن الغالبية العظمى من أصحاب الشركات الصغيرة يسددون بالفعل معدلات ضريبية شخصية أدنى من 25 في المائة، وهو الأمر الذي سيساعد مجموعة مصغرة من المطورين، والمستثمرين، وغيرهم من أصحاب الأعمال الذين يعملون في مهن أو صناعات يسهل فيها نسبيّاً إنشاء الشركات ذات التمويل العابر. أجل، مثل السيد ترمب وعائلته، الذين يكسبون الأموال الطائلة من إحدى هذه الصناعات: العقارات. ولا ننسى أن السيد ترمب لم يفصح حتى الآن عن إقراراته الضريبية كما يقتضي القانون، وهو الأمر الذي فعله كل مرشح رئاسي آخر من الأحزاب الرئيسية العاملة في البلاد منذ ما يربو على 40 عاماً.يقول المشرعون الجمهوريون في الكونغرس إنهم سوف يدرجون مواد لحماية ومنع الناس من تحويل رواتبهم إلى دخول التمويل العابر. بيد أن وعودهم ليست سوى كلام أجوف عندما نعلم أنهم لا يكلفون أنفسهم عناء إغلاق ثغرة الفائدة المحملة التي يستخدمها أصحاب الأسهم الخاصة ومديرو صناديق التحوط للتعامل مع بعض من دخولهم كأرباح رأسمالية تخضع للضرائب عند معدلات أدنى من الأجور.وفيما يتعلق بضرائب الدخل الشخصي، يقول النواب الجمهوريون إنهم يبسطون ويخفضون الضرائب بالنسبة لأغلب شرائح المجتمع الأميركي. غير أن هذا ليس صحيحاً بالمرة. إنهم يقترحون تخفيض عدد الشرائح الضريبية من 7 إلى 4 فقط، في حين أنهم يرفعون الشريحة الدنيا من 10 إلى 12 في المائة. كما أنهم يرغبون في مضاعفة الخصومات المعيارية من خلال إلغاء الإعفاءات الشخصية. ومن الفوائد الجديدة التي من شأنها مساعدة كثير من العائلات هي الائتمان الضريبي بواقع 300 دولار لمقدمي الإقرارات الضريبية ومَن يعولون ممن يتجاوزون 17 عاماً من العمر، كما هو الحال لدى أحد الوالدين المسنين. ومن المستغرب، أن هذه المادة سوف ينقضي العمل بها في غضون خمس سنوات.وعلى النقيض من ذلك، فإن التخفيضات التي يشرعنها القانون للشركات وغيرها من الضرائب الأعمال التجارية سوف تكون مستديمة.والتغييرات الأصعب التي يمكن أن تؤثر على أسر الطبقة المتوسطة تتضمن القضاء على خصومات ضرائب الولايات وضرائب الدخل المحلية. وسوف يبلغ الحد الأقصى للخصومات على ضرائب الممتلكات 10 آلاف دولار. وبعض الناس في الولايات عالية الضرائب، مثل ولاية كاليفورنيا ونيوجيرسي ونيويورك، سوف يتعرضون لصعوبات خاصة جراء ذلك. ومن شأن هذه العائلات أن تتعرض لضغوط شديدة من مقترح القانون الذي سيفرض سقفاً على خصم فوائد الرهن العقاري لشراء المنازل بدءاً من يوم الخميس، اليوم الذي تم فيه تقديم مشروع القانون، عند مبلغ نصف مليون دولار. وتخفيض هذا الخصم يستحق النظر والاعتبار، ولكن يجب أن يكون جزءاً من الإصلاح الشامل لإعانات المساكن، التي لن تضع مشتريي المنازل في المناطق عالية التكلفة في وضع غير مناسب.وأحد التغييرات القاسية للغاية من شأنها إلغاء الخصم على النفقات الطبية، الذي يستخدم في المقام الأول بواسطة الأشخاص الذين يعانون من الأمراض الخطيرة والمزمنة. ومن البنود الملغاة أيضاً سوف تكون الإعفاءات الضريبية والخصومات المهمة للرسوم الدراسية والفوائد على القروض الطلابية.ومما لا يثير الاستغراب، أن مشروع قانون الضرائب يحتوي على حُكمَين صُمما لصالح زمرة السيد ترمب وغيرهم من أمثالهم. وسوف يتخلص مشروع القانون من الضريبة البديلة الدنيا، التي تُسدِّدها في الأساس عائلات ذات دخول مرتفعة مع كثير من الخصومات. وكانت هذه الضريبة تشكل الغالبية العظمى من ضريبة الدخل التي سددها السيد ترمب في عام 2005، وفقاً لنسخة مسربة من عائداته. ومن شأن زمرة السيد ترمب أن يستفيدوا أيضاً من التغييرات التي يقترحها القانون الجديد على ضريبة الدخل. وتنطبق هذه الضريبة في الوقت الراهن على الثروات الموروثة التي تتجاوز مبلغ 5.5 مليون دولار. وسوف يعفي النواب الجمهوريون الثروة التي تصل إلى 11 مليون دولار ابتداء من العام المقبل، مع القضاء على تلك الضريبة تماماً في غضون ست سنوات. ومن شأن ذلك أن يُفيد الورثة بنسبة لا تتجاوز 0.2 في المائة من المواطنين الذين يتوفون كل عام، ولكنها سوف تكلف الحكومة 269 مليون دولار على مدى عقد من الزمان.وسوف يستغرق الخبراء أسابيع في تحليل مشروع قانون الضرائب المقترح من مجلس النواب، ولكن ما نعلمه عنه بالفعل يبعث على الفزع بدرجة كافية. وليس هناك عضو جمهوري يهتم بالعدل والإنصاف، والحس الاقتصادي السليم، والسلامة المالية للحكومة يمكن أن يؤيد، وبضمير واعٍ، تحويل الثروات المخزي.* خدمة «نيويورك تايمز»

مشاركة :