التصعيد السعودي - الأميركي ضد إيران إلى أين؟ بقلم: سلام السعدي

  • 11/11/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

التصعيد السعودي يبدو جديا إلى درجة تدفع إلى الاعتقاد بأن تزامنه مع وجود إرادة أميركية حقيقية لكبح نفوذ إيران على المدى القصير قد ينتج خلال الفترة القادمة تطورات هامة ستكون أقل من الحرب المباشرة وأكثر من التصعيد الخطابي.العرب سلام السعدي [نُشر في 2017/11/11، العدد: 10809، ص(8)] خطوات تصعيد متلاحقة اتخذتها المملكة العربية السعودية ضد إيران وحزب الله. بدأ ذلك باستقالة رئيس كتلة تيار المستقبل اللبناني سعد الحريري من منصب رئاسة الوزراء في ظل هيمنة متزايدة لحزب الله على صنع القرار اللبناني. وتلت ذلك تصريحات من مسؤولين سعوديين نظرت إلى الحكومة باعتبارها “حكومة إعلان حرب”على المملكة العربية السعودية. وقد اعتبرت السعودية هجوما صاروخيا، استطاعت اعتراضه، على المطار الدولي في العاصمة السعودية الرياض من قبل ميليشيات الحوثيين في اليمن “عملا حربيا” إيرانيا توعدت بمواجهته. تتصاعد إذن المواجهة السعودية الإيرانية في ظل حديث عن نية الرياض عكس المسار الحالي والذي هيمنت فيه إيران وحلفاؤها وعلى رأسهم حزب الله على لبنان وسوريا والعراق والعاصمة اليمنية صنعاء. ويذهب البعض إلى عدم استبعاد مواجهة عسكرية بين إيران والسعودية، وخصوصاً أن التصعيد السعودي كان قد سبقه تصعيد أميركي ضد طهران. والحال أن اندلاع حرب إقليمية مباشرة بين إيران والسعودية يبدو من المبالغات التي راجت بصورة كبيرة في الإعلام الأميركي خلال الأيام الماضية، وجرى تحميل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الداعم للموقف السعودي، مسؤولية الحرب حتى قبل اندلاعها الذي لا يبدو واقعيا. ولكن التصعيد السعودي يبدو جديا إلى درجة تدفع إلى الاعتقاد بأن تزامن هذا التصعيد مع وجود إرادة أميركية حقيقية لكبح نفوذ إيران على المدى القصير قد ينتج، خلال الفترة القادمة، تطورات هامة ستكون أقل من الحرب المباشرة وأكثر من التصعيد الخطابي. إن وُجدت إرادة أميركية حقيقية في مواجهة إيران، فلا يبدو أن هنالك مناصا من إلحاق هزيمة جزئية ولكن مؤثرة بطهران في أحد مواقع المواجهات المفتوحة: لبنان واليمن والعراق وسوريا. بدأ التصعيد السعودي في لبنان باستقالة سعد الحريري، ولكن ذلك لن يقود مباشرة إلى إلحاق هزيمة بإيران وحزب الله في لبنان. مثل هذه الهزيمة، وإن كانت جزئية، سوف تكون نتاج كبح هيمنة حزب الله، والتوصل إلى تفاهم وطني جديد ينزع سلاح الحزب ويحوله إلى لاعب سياسي كبقية اللاعبين. تلك النتيجة تحتاج إلى تغير موازين القوى الحالي في لبنان وقد يحتاج ذلك إلى مواجهة عسكرية مع حزب الله لا تبدو ممكنة حاليا. في العراق يبدو الوضع أكثر صعوبة، إذ تهمين إيران على بغداد بصورة أكبر من هيمنتها على بيروت، سواء عبر نفوذها الواسع على الحكومة العراقية، أو عبر هيمنتها المباشرة على ميليشيات الحشد الشعبي. يبقى كل من اليمن وسوريا كموقعي مواجهة يمكن فيهما إلحاق هزيمة جزئية بإيران تدفعها إلى كبح سلوكها العدواني في دول عربية عديدة. في كلا البلدين، سوريا واليمن، سوف تحتاج السعودية إلى دور أميركي فعال من أجل إحداث تغيير ما في المشهد هنالك بما يغير موازين القوى الإقليمية ويدفع طهران إلى مسارات جديدة. وبسبب التواجد الأميركي المباشر في سوريا، وانتهاء قوات التحالف الدولي قريبا من قتال تنظيم داعش بالسيطرة على كامل مدينة دير الزور وريفها، يتوقع البعض أن تتحول الميليشيات الإيرانية وحزب الله إلى الهدف الأميركي القادم في سوريا. يرجح هذا السيناريو تنفيذ ضربات عسكرية ضد مواقع حزب الله والميليشيات الشيعية الإيـرانية في سوريا، بل أيضا ضد مواقع عسكرية للنظام السوري. وباعتبار روسيا لاعبا رئيسيا في سوريا، يوفر لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الأميركي دونالد ترامب على هامش قمة التعاون الاقتصادي بين آسيا والباسفيك في فيتنام فرصة للتداول بشأن هذا السيناريو. سوف تعارض روسيا بشدة أي تحد عسكري لإيران في المنطقة سواء في اليمن أو في سوريا عبر ضرب ميليشياتها وعلى رأسها حزب الله. ويبدو أن الموقف الروسي يمثل التحدي الأكبر للمضي في أي عمل هجومي ضد إيران وميليشياتها في سوريا، حتى إن كان محدودا، ويهدف إلى تفعيل مسارات سياسية بديلة عن الحرب المباشرة. انطلاقا من ذلك، وجب التأكيد على أهمية توفر جدية وإرادة أميركيتين إن كان لسياسة مواجهة فعالة ضد إيران أن تتشكل. جدية وإرادة كانتا مفقودتين طيلة السنوات الماضية، إذ أظهرت أميركا أنها غير راغبة أو غير جاهزة لتحدي إيران في سوريا والعراق، فضلا عن تحدي روسيا إحدى القوى العسكرية العظمى في العالم والتي ليس من اليسير تقييد أو تغيير خياراتها السياسية والعسكرية. هنالك إدراك سعودي واضح بأن دفع إيران في عدد من ساحات المواجهة العربية بات أمرا حاسما في أهميته لوقف توسع النفوذ العسكري والسياسي الإيراني. إذ لا يبدو أن هنالك حدودا لنهم الهيمنة الإيرانية على المنطقة، وإن الموقف السلبي أو “المتعقل” حيال الهيجان الإيراني لم يعد يبدو عقلانيا بعد اليوم. كاتب فلسطيني سوريسلام السعدي

مشاركة :