يقول الله تعالى في سورة الحجرات «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)» من منطلق هذه الآية الكريمة كنت وما زلت أبحث بشكل دائم للتعرف على عديد من الثقافات بحثاً عن كل ما هو جديد، ومن ضمن سياق ديننا الحنيف، وبما لا يتنافى مع سياسة دولتنا الغراء. وطالما كان السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية حلما يراودني منذ الطفولة، فإذا بالقنصلية الأمريكية في الظهران التي نحتفل سوية بإتمامها 70 عاما من التميز، و70 عاما من العلاقات الإيجابية بين مملكتنا الحبيبة والولايات المتحدة الأمريكية تعلن عن البرنامج الذي يُعد اللحظة الأولى لتحقيق ذلك الحلم! في عام 2012، كانت لي تجربة أعتبرها أكبر النقلات النوعية في حياتي، وهي عندما تم اختياري للمشاركة في برنامج مبادرة الشراكة الشرق أوسطية MEPI حيث التحقت بأكثر من 118 طالبا من مختلف البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتعزيز ريادتنا وتحفيزنا لاكتساب مهارات قيادية جديدة في سبيل المضي قدما في تطوير مجتمعاتنا نحو الأفضل، وعلى الرغم من أنني كانت لدي عديد من المشاركات في مختلف البرامج غير الأكاديمية منذ الطفولة، إلا أنني أفتخر جداً بانضمامي لهذا البرنامج، حيث أظهر لي المعنى الحقيقي للقيادة ومما عزز جسور التواصل مع زملائي من مختلف دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والاستفادة من خبراتهم في شتى مجالات الحياة. قد تم اختياري للانضمام إلى البرنامج في جامعة كبيرة تسمى جامعة روجر ويليامز، حيث تقع في بلدة صغيرة في ولاية رود آيلاند، أصغر ولاية في البلاد. قضيت ستة أسابيع في الجامعة وزرنا من خلالها أكثر من أربع ولايات أمريكية مختلفة، شاركنا ثقافتنا وحضارتنا مع مجموعة متنوعة من أفراد المجتمع الأمريكي، معتزين بثوابتنا الوطنية والدينية. كانت هذه الفرصة المناسبة لتجربة الثقافة الأمريكية بشكل حقيقي وباختلاف جذري عما كنا نراه من خلال الإعلام! استمتعنا بالضيافة الأمريكية وعشنا في تبادل ثقافي واجتماعي وحضاري غني في تجربة فريدة لا يمكن نسيانها. من خلال كل هذه التجارب تعلَّمنا دروسا قيمة عن القيادة والمشاركة المدنية، وحل المشكلات، والتفكير النقدي والإيجابي، وغيرها مما لا يمكن حصره هنا. وقد شجعنا على التفكير فيما تعلمناه ضمن السياق الأمريكي والنظر في الكيفية التي يمكن تطبيق هذه الدروس وتكييفها لصالح المجتمعات في أوطاننا. في صيف عام 2013 وعام 2014، كان لي شرف أن أكون أول شاب يتم اختياره كأول خريج من هذا البرنامج كمساعد لمسؤول تطوير البرامج في الجامعة. ساهمت من خلال ذلك في تصميم البرنامج المقدم للطلاب في ذلك العام وحصلت على فرصة لأكون زميلا في معهد القيادة. محققاً إحدى أمنياتي من خلال المساهمة في تعليم وتطوير شباب الوطن العربي. من خلال هذه التجربة كنت قد تعلمت كثيراً من زملائي الموظفين والطلاب وتوسيع دائرة معارفي بشكل أكبر وأكبر. MEPI هي مرحلة تمثل النقلة النوعية في حياتي، إذ ساهمت في اكتشاف نفسي أكثر، وساعدتني في معرفة مزيد من الأصدقاء الذين أدين لهم بكثير، حيث إنني تعلمت من عديد منهم من مختلف الثقافات. في هذه الأيام، نحتفل بالذكرى السبعين للولايات المتحدة القنصلية العامة في الظهران، وأنا فخور جداً كوني أحد المشاركين السابقين في برامج التبادل الثقافي التي يتم تشغيلها من خلال القنصلية، أعد دائماً بأنني سأكون فخورا بكوني مواطنا سعوديا ساهم في حفظ العلاقة العظيمة التي بدأناها سويًّا قبل سبعين عاماً من خلال هذا المكان الرائع.
مشاركة :