«العودة إلى سفر التكوين» رواية باللغة الفرنسية للكاتبة اللبنانية منيرة أبي زيد صدرت حديثاً عن دار الفارابي. وتم اختيار الرواية من بين الروايات العشرة المرشحة لجائزة أدالف فرنسا- لبنان. إنها قصة العودة إلى الأصول إثر انهيار التجربة الشيوعية التي تسردها الكاتبة الفرنكوفونية الشابة. وتعرض مجموعة من الشخصيات اليسارية التي تتأرجح بين الضياع، والإبداع، والخيبة. فبعض هذه الشخصيات يختار الجمال المقدس ملجأً، أما البعض الآخر فيغوص في عالم الاستهلاك المادي. تطرح الرواية مسائل التحول والثبات في ظل المتغيرات الكبرى التي عصفت بأواخر القرن العشرين. وتقدّم لأجواء القرن الحادي والعشرين الذي طغى خلاله التدين بدل الآيديولوجيا. أين هو ألبير؟ تساءل رواد مقهى «أبو خالد» اليساريون الذين اعتادوا رؤية الوجوه نفسها كل يوم. ما عاد ألبير يأتي كعادته إلى المقهى بعد أن عاش خيبة إنهيار الاتحاد السوفياتي، ومأساة وفاة زوجته سلوى المفاجئ. ماتت زوجته بعد أن كانت على وشك تحقيق حلمها في أن تكون راقصة، وهي التي كانت تؤمن بإمكان بلوغ الخلود من خلال الفن. بعد تلقّيه كل هذه الصدمات، نأى ألبير بنفسه في كوخ جبلي ليغوص في عالم الروحانيات في حضن الطبيعة الرائعة. وأجمل المشاهد التي تماهى معها غياب الشمس الذي رمز له إلى موت الآيديولوجيا، وموت الحب من خلال موت النهار، واندثار نوره في الأفق. في هذه الأثناء، بقي أولاد ألبير الثلاثة صوفي، مارسيل وجان في المدينة، فجسدوا مع رواد المقهى نماذج لليساريين الضائعين الذين يبحثون عن معنى لحياتهم. اختار ابنه مارسيل الفن الديني للتعبير عن أزمته، فقام برسم حواء في لوحتين. في اللوحة الأولى، تظهر حواء حرة قبل قضمها التفاحة، أما في الثانية فتظهر مذنبة بعد أن عصت أوامر الله. هكذا، تطرح الرواية مسألة التفاعل بين المرأة والدين، بخاصة من خلال شخصية يسرا التي رفض رياض الزواج منها لأنها ليست عذراء. أما ابن ألبير جان فيقع في غرام ليز، وينجذبان إلى دنيا الأعمال، فيغرقان معاً في عالم البورجوازية والإستهلاك المادي. الإبنة صوفي لا تتغير كثيراً برغم المأساة التي حلّت بالعائلة، بل تحافظ على شخصيتها وكيانها، وتعيش قصة حب مع أنور. سليم، أحد رواد المقهى الذي يعاني من الوحدة، يلجأ إلى الأســلمة. وأناســتازيا، الــتي كانت تعاني من عدم القدرة على إنجاب الأطفال تبحث عن ألبير، وتجده في كوخه الجبلي. يعيشان معاً تجربة روحانية عميقة من خلال تجوالهما في الجبال. يعود ألبير أخيراً إلى المدينة حيث تنتظره الصدمة الكبرى، فقد تمّ إغلاق مقهى «أبو خالد».
مشاركة :