أحيا الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة أمس، الذكرى السنوية الثالثة عشرة لرحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات. في غزة احتشد عشرات الآلاف من أعضاء وأنصار حركة «فتح» في ساحة السرايا وسط المدينة السبت لإحياء هذه الذكرى، في مهرجان مركزي تنظمه الحركة للمرة الأولى منذ سيطرة حركة «حماس» على القطاع قبل عشر سنوات، فيما قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمة مسجلة بثت خلال الاحتفال: «إننا ماضون قدماً في مسيرة المصالحة الفلسطينية، وصولاً لسلطة واحدة، وقانون واحد، وسلاح شرعي واحد». وتوافد المئات إلى وسط غزة يرتدون الكوفية التي ميزت عرفات منذ الصباح الباكر من مختلف أنحاء قطاع غزة للمشاركة في المهرجان الذي تنظمه حركة «فتح» ورفعت خلاله أعلام فلسطين وصور عرفات والرئيس محمود عباس ورايات الحركة ولافتات كتب عليها «عاشت فتح» و «وحدة وحدة وطنية» و «دولة وعلم وهوية». وهذه أول مرة تسمح «حماس» بإحياء ذكرى عرفات منذ 2007. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية التابعة لحركة «حماس» في غزة إياد البزم أن «الأجهزة الأمنية والشرطية (أجرت) ترتيباتها لتأمين وتسهيل إقامة المهرجان بعد استكمال كافة الترتيبات بين وفد من قيادة حركة فتح والأجهزة الأمنية بما يضمن إقامة المهرجان في شكل يليق بشعبنا وبالذكرى». وتولى تأمين المهرجان من الداخل مئات من رجال الشرطة والأمن من عناصر «فتح» يرتدون سترات صفراء مميزة كتب عليها «فتح»، في حين تولى عناصر شرطة «حماس» تأمينه من الخارج وفي الشوارع المؤدية إلى ساحة السرايا. وقال عباس في كلمة مسجلة بثت في مهرجان غزة أمس، إن «التنفيذ الدقيق للاتفاق والتمكين الكامل للحكومة سيقود حتماً إلى تخفيف المعاناة وبعث الأمل لمستقبل أفضل لنا جميعاً». وأضاف: «لا يوجد من هو أحرص منا على شعبنا في قطاع غزة، نحن شعب واحد، مصيرنا واحد ولا يقبل القسمة والتجزئة، وأقول أنه لا دولة في غزة ولا دولة من دون غزة». وشدد على أن «نضالكم وتضحياتكم وعطاءكم لشعبكم وقضيتكم العادلة، عبر نصف قرن ويزيد، قد سجل أروع معاني العزة والكرامة والكبرياء، وإن فلسطين ستبقى نابضة بالوفاء والإخلاص للقادة الكبار الذين ضحوا بأنفسهم من أجلها. وإننا نعيد التأكيد بأن نمضي قدماً نحو تحقيق حلم أبناء شعبنا الفلسطيني في الحرية والسيادة والاستقلال على ترابنا الوطني الفلسطيني الطاهر». وأشار إلى أن «فلسطين التي حاولوا أن يخرجوها من دائرة التاريخ والجغرافيا، منذ عام 1917 عادت بتضحيات أبناء شعبنا من الشهداء والجرحى والأسرى لتقول أنها باقية، فكانت تسمى فلسطين وستظل تسمى فلسطين، وإن الشعب الذي نكبوه وشردوه واقتلعوه من أرضه ودياره، ما زال يتمسك بحقوقه، فالهوية الوطنية الفلسطينية راسخة وثابتة». وتابع: «بعد أن حصلنا في 2012 على صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة، ورفعنا العلم الفلسطيني على مقراتها، وأصبحنا أعضاء كاملي العضوية في العديد من الوكالات والمعاهدات الدولية، فإن جهودنا ومساعينا ستستمر لنيل العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة، وصولاً إلى إنهاء الاحتلال وزوال آثاره عن أرضنا، فإرادة الشعوب لا تقهر، وشعبنا التواق للحرية لن يتخلى عن تحقيق أهدافه الوطنية مهما كانت التضحيات». وأضاف إن «ما يثير الاستغراب والاستهجان هو أن الحكومة البريطانية احتفلت قبل بضعة أيام بمرور مئة عام على وعد بلفور الظالم والمشؤوم، الذي تسبب في مأساة ونكبة أكثر من اثني عشر مليون فلسطيني وحرمانهم من حقوقهم السياسية والقانونية والإنسانية». وأكد الرئيس الفلسطيني أنه «على رغم كل المعوقات التي يفرضها علينا الاحتلال الإسرائيلي، ونشاطاته الاستيطانية الاستعمارية القائمة على سياسة الأبرتهايد؛ فإننا متمسكون بثقافة السلام، ومحاربة الإرهاب في منطقتنا والعالم، ومصممون على البقاء على أرضنا، والتمسك بحقوقنا التي كفلتها الشرعية الدولية، ونواصل جهودنا لبناء مؤسسات دولتنا على أساس سيادة القانون، وتمكين المرأة والشباب، والنهوض باقتصادنا الوطني، والمضي قدماً في سعينا لترسيخ مكانة دولة فلسطين في النظام الدولي». وأشار إلى «أننا نعمل مع حكومة الرئيس دونالد ترامب، والقوى الدولية المعنية من أجل التوصل إلى اتفاق سلام، على أن يكون وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، وحل الدولتين، على أساس حدود 1967، والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين». وجدد عباس الدعوة إلى «الدول التي تؤمن بحل الدولتين أن تعترف بالدولتين، وليس بدولة واحدة، وذلك لأن حل الدولتين أصبح في خطر داهم، وأجدد التأكيد بأننا لن نقبل باستمرار سياسة الأبرتهايد التي نعيشها في ظل الاحتلال الإسرائيلي لبلادنا، وسنطالب بالحقوق المتساوية لسكان فلسطين التاريخية إذا لم يتم تطبيق حل الدولتين». يذكر أن الزعيم الفلسطيني عرفات رحل في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2004 في مستشفى بباريس بعد تدهور فجائي في صحته، فيما سرت تكهنات بتسميمه. ويأتي إحياء ذكرى رحيل عرفات بعد أن وقعت حركتا «حماس» و «فتح» في 12 تشرين الأول (أكتوبر) اتفاق مصالحة في القاهرة برعاية مصرية. وبموجب هذا الاتفاق، يفترض أن تستعيد السلطة الفلسطينية السيطرة على قطاع غزة بحلول الأول من كانون الأول (ديسمبر).
مشاركة :