تعاني لوبير فانييتي من سرطان الرئة، لكن الدواء لمعالجته غير متوفر، وهي بالكاد لديها ما يكفي من المال للعيش في حي تكثر فيه الجرائم. وتخشى فانييتي من أن يؤدي تخلف فنزويلا عن سداد دينها العام البالغ 150 مليار دولار، الأمر الذي بات مرجحا، إلى ازدياد الأمور سوءا. وتقطن فانييتي، التي تبلغ من العمر 56 عاما، الطابق الثامن عشر من مبنى متهالك في وسط مدينة كراكاس. وليس لديها في برادها إلا المياه. اللحوم أصبحت من الماضي بسبب التضخم الذي تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أنه سيبلغ 2,300 بالمئة في 2018. وتقول فانييتي لـ«فرانس برس»، «نحن نعيش على الحبوب، عندما نكون قادرين على الحصول عليها. نحن نجعل الكيلو الواحد يكفينا ليومين أو لثلاثة أيام». وخسرت فانييتي عملها كموظفة حكومية، وهي تعتاش من مبلغ زهيد يبلغ 8,70 دولارات شهريا. وهي تعتمد على الأطعمة التي تبيعها الحكومة مرة واحدة شهريا بأسعار مدعومة لتعويض النقص الذي يطال تقريبا كل المواد. وهي أحضرت إلى المنزل المرة السابقة كيلوغرامين اثنين من الحبوب، وكيلوغراما من الأرز، وليترين اثنين من زيت الطهي، وكيوغراما من الحليب المجفف البودرة، وأربعة كيلوغرامات من الطحين. إلا أن المواد استهلكت سريعا. وهي تعيش مع ابنتها وأربعة أحفاد. جميعهم يعتمدون على مدخولها. وتقول المنظمة غير الحكومية «سينداس»، التي تعنى بمراقبة غلاء المعيشة في البلاد الغنية بالنفط، والتي أصبحت معدمة، إنه في سبتمبر/ أيلول، كان لا بد للأسر المتوسطة الحجم أن تحصل على ستة أضعاف الحد الأدنى للأجور للتمكن من العيش لشهر واحد. المياه تقطر من الصنبور ليلا نهارا، إلا أنها لا تملك المال لإصلاحه، علما أن المياه، كغيرها من الموارد، توفرها الحكومة.أكثر جوعاً وأكثر احتياجاً سياسيا، ينظر إلى إعلان فنزويلا عجزها عن تسديد الديون على أنه جرعة دعم قصير الأمد للرئيس نيكولاس مادورو، الذي لا يحظى بالشعبية، والذي يسعى للفوز بولاية رئاسية ثانية في انتخابات 2018. ومع تدهور أسعار النفط، الذي يشكل 96 بالمئة من إيرادات البلاد من العملات الصعبة، قلصت فنزويلا حجم وارداتها لتوفير الأموال من أجل خدمة الدين العام، ما جعل النقص في المواد الأساسية، ولاسيما الصابون ومحارم المراحيض يزداد سوءا. ومن شأن إعلان مادورو التخلف عن السداد تحرير أموال لشراء الواردات، وإجراء الحملات الانتخابية، وبالتالي تقليص مخاطر قيام تظاهرات في الشارع. ويقول المحلل أليخاندرو غريسانتي من مركز الاستشارات «إيكواناليتيكا»، إن تأثير التخلف عن السداد على المدى البعيد سيكون كارثيا. ستغرق فنزويلا في دعاوى قضائية تقيمها الجهات الدائنة، كما سيتم تجميد أصولها في الخارج. ويقول مادورو، إنه يريد إعادة تمويل الدين الفنزويلي، وإعادة هيكلته. لكن يبدو أن فكرة التخلف عن السداد بدأت تلوح في الأفق. وتقول فانييتي، «لا أعلم ما إذا كان هذا ما يتطلب لكي يفتح الفنزويليون عيونهم». وتضيف، «ما أعلمه الآن هو أننا سنصبح أكثر جوعا وأكثر احتياجا». وهي لا تدري كيف اتخذت الأمور منحى سيئا إلى هذا الحد، إلا أنها بالتأكيد تشعر بالتداعيات.خيار أليم وأوقفت فانييت علاجها الكيميائي في يناير/ كانون الثاني، بسبب النقص الحاد في الأدوية لمعالجة سرطان الرئة الذي تعاني منه. وهي اتخذت هذا الخيار الصعب بعد معضلة عاشتها على مدى سنوات للاختيار بين شراء الطعام أو علاج المرض. يقول الأطباء، إنها تحتاج للعلاج الكيميائي، إلا أنها تستعيض عنه بخليط من الخمر المنزلي والعسل وبعض الأعشاب. وتقول فانييتي، «أضعه (الخليط) خارجا ليومين ثم أتناول ملعقة منه صباحا وأخرى ليلا. أعتقد أنني أتنفس بشكل أفضل عندما أتناوله». وفانييتي تدخن منذ كان عمرها 15 عاما. هي تعاني من ضيق في التنفس عندما تتحدث أو تمشي. كما تعرضت حتى الآن لثلاث نوبات قلبية. وهي تستذكر كيف أن الرئيس السابق هوغو تشافيز، اشتكى يوما من أن الفقراء في البلاد يضطرون إلى تناول طعام الكلاب. وتقول فانييتي متهكمة، «أود أن أتناول ذلك مجددا». إلى كل ذلك تضاف الجرائم. لا شبكة إنترنت في الحي الذي تعيش فيه لأن اللصوص سرقوا كل الكابلات. والمبنى الذي تعيش فيه تنخره آثار الرصاص جراء تبادل إطلاق النار بين العصابات. وقد أجبرتها أعمال العنف هذه على نقل الأسرة في شقتها بعيدا عن النوافذ. وتختم فانييتي بالقول، «أنا أستسلم لمشيئة الله».
مشاركة :