في حكم قضائي بارز، ألزمت محكمة الاستئناف إدارة كتاب محكمة التمييز قيد صحف الطعون التي تقام على الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف في قضايا الاسرة أمام محكمة التمييز، للنظر فيها، لتقرير الاخيرة الرأي في قبول الطعون او رفضها. أكدت «الاستئناف»، في حيثيات حكمها الذي ألزم ادارة كتاب محكمة التمييز بقيد الطعن المقام من المحامي ناصر الهيفي، أن قانون المرافعات والاسرة لم يتضمن نهيا لإدارة الكتاب عن قبول صحف هذه الطعون أو منعاً من قيدها في السجل المعد لذلك. وقالت إن قبول الطعون يخرج من النشاط الإداري لادارة كتاب «التمييز»، ويدخل في صميم عمل المحكمة التي يعرض عليها الطعن بعد تسجيله، باعتبارها المختصة وحدها بالفصل فيما يرفع من طعون عن الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف. وأكدت أن المستأنف أقام الدعوى ضد ادارة كتاب محكمة التمييز ووزارة العدل، طالباً إلزامهما بقيد صحيفة طعنه بالتمييز على الحكم الصادر من محكمة استئناف الأسرة، واعتبار مواعيد الطعن مفتوحة لحين اجراء هذا القيد على سند من انه اعد صحيفة طعن بالتمييز على الحكم المذكور وقدمها في الميعاد الى ادارة كتاب محكمة التمييز لقيدها في السجل المعد لذلك، الا انها امتنعت عن ذلك دون مسوغ قانوني، وساند دعواه بصورة من الحكم الاستئنافي المذكور، وصحيفة طعنه عليه بالتمييز، وإنذار بقيدها الى ادارة الكتاب. النائب العام وقضت المحكمة الكلية برفض الدعوى، لأن النص في المادة 13 من القانون رقم 12 لسنة 2015 بشأن محكمة الاسرة على ان تكون الاحكام الصادرة في مسائل الاحوال الشخصية من الدوائر الاستئنافية بمحكمة الاسرة غير قابلة للطعن عليها بالتمييز، إلا من النائب العام إذا تضمنت مساسا بأحكام الشريعة الإسلامية مقتضاه منع ادارة الكتاب من قبول صحف الطعن بالتمييز على تلك الاحكام، إلا من النائب العام وفي حدود الاستثناء المذكور، ولما كان الحكم الذي يطلب المدعى تمكينه من الطعن عليه صادراً من الدائرة الاستئنافية بمحكمة الاسرة، ولا يجوز الطعن عليه بالتمييز من غير النائب العام، فإنه لا يجوز إلزام إدارة الكتاب بقيده بحجة ترك الكلمة الفصل في قبوله لمحكمة التمييز، لما في ذلك من تفويت لاحدى الغايات التي قصدها المشرع من وراء هذا النص، وهي تقليل عدد الطعون امام المحكمة من خلال غلق او تضييق هذا الطريق حيال هذا النوع من الاحكام. الطعن وأقام المدعى الاستئناف الماثل بصحيفة اودعت ادارة الكتاب، طالبا قبولها شكلا، وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بطلباته أمام محكمة أول درجة، وبني طعنه على أن امر جواز الطعن او عدم جوازه من صميم اختصاص المحكمة التي يعرض عليها بعد تسجيله من ادارة الكتاب، كما هو الشأن في الطعون التي ترفع بعد انقضاء المواعيد، ولا يوجد في نص المادة 13 من قانون محكمة الاسرة او غيره ما يخول ادارة الكتاب الامتناع عن تسجيل الصحيفة، لأي سبب طالما قام الطاعن بسداد الرسوم، لما في ذلك من مصادرة على حق الالتجاء الى القضاء، فضلا عن ان الحكم الذي يطعن عليه، وإن كان صادرا من الدائرة الاستئنافية بمحكمة الاسرة، يتعلق بوقف، وهو ليس من مسائل الاحوال الشخصية، فيكون الطعن عليه بالتمييز بمنجاة من المنع وفقا للنص المذكور، ولما كان الحكم قد خالف ذلك دون أن يتناول مستنداته بما تقتضيه فإنه يكون معيبا بما يستوجب إلغاءه. الشريعة وقالت محكمة الاستئناف، في الحيثيات، إن النص في المادة 13 من القانون رقم 12 لسنة 2015 بشأن محكمة الاسرة على أن «تكون الاحكام الصادرة في مسائل الاحوال الشخصية من الدوائر الاستئنافية بمحكمة الاسرة غير قابلة للطعن فيها بطريق التمييز، واستثناء من ذلك يجوز للنائب العام الطعن بطريق التمييز في تلك الاحكام اذا كانت تتضمن مساسا بأحكام الشريعة الاسلامية المتعلقة بالنظام العام، والمبينة بالمادة 338 من قانون الاحوال الشخصية» يدل على أن المشرع ارتأى أن ينتهي مطاف الأنزعة المشار اليها بالنص عند درجة الاستئناف، فأغلق حيالها طريق الطعن بالتمييز، واستثنى من ذلك النائب العام اذا كانت تتضمن مساسا بأحكام الشريعة الاسلامية المتعلقة بالنظام العام، وبما مقتضاه قصر الطعن بالتمييز فيها على النائب العام ليمارسه في حدود الاستثناء المذكور، بيد أنه لما كان النص لم يتضمن نهيا لادارة الكتاب عن قبول صحف هذه الطعون او منعا من قيدها في السجل المعد لذلك وفقا للمادة 154 من قانون المرافعات، ولم يمنحها سلطة في التقدير من حيث المنح والحرمان لأهمية ما يترتب عليه ذلك من آثار، ولأن الفصل في مسألة جواز الطعن بالتمييز من عدمه مما يخرج عن النشاط الاداري لادارة الكتاب، ويدخل في صميم عمل المحكمة التي يعرض عليها بعد تسجيله بحسبانها المختصة وحدها بالفصل فيما يرفع من طعون عن الاحكام الصادرة من محكمة الاستئناف، ولأن لكل مواطن حق الالتجاء الى القضاء في مراحله المختلفة يحتمي به تمكسا او زودا عن حق يدعيه لنفسه، ولا يصح أن يحال بينه وبين الوصول اليه بحجة انه ظاهر البطلان، ومن ثم فإن ادارة الكتاب تلتزم بقيد الطعون التي تقدم اليها عن الاحكام الصادرة من الدوائر الاستئنافية بمحكمة الاسرة في السجل المعد لذلك وبترك الكلمة الفصل في قبولها لمحكمة التمييز، سواء تعلقت بمسألة من مسائل الاحوال الشخصية التي اقتصر النص عليها ام خرجت من هذا النطاق، شأنها في ذلك شأن الطعون التي ترفع عن الاحكام الاستئنافية في المنازعات الإيجارية التي تختص بها دائرة الايجارات بالمحكمة الكلية، والتي يجري العمل على قبولها من ادارة الكتاب، رغم الحظر الوارد بعجز المادة 26 من مرسوم ايجار العقارات، إذ لو اراد المشرع الخروج على هذا الاصل الذي استقر عليه العمل لنص صراحة على ذلك، ووجه اليه ادارة الكتاب كما هو الحال في المواد 138، 150، 153، من قانون المرافعات. الحظر وقالت المحكمة إنه لما كان ذلك، وكان الطاعن ضده من إحدى الدوائر الاستئنافية بمحكمة الاسرة في مسألة «وقف»، بادعاء انها ليست من مسائل الاحوال الشخصية التي تخضع للحظر، معتصما بما لا ولاية عليه لادارة الكتاب فإن الحكم المستأنف إذ رفض هذا الطلب، خلافا للنظر السابق يكون، وأيا كان وجه الرأي في هذا الادعاء، قد جانب الصواب، مما يتعين معه القضاء بإلغائه في هذا الخصوص وإجابة الطاعن الى طلبه هذا، على نحو ما يرد بالمنطوق وبتأييده فيما يتعلق بانفتاح او غلق الميعاد، لتعلق هذا الأمر بشكل الطعن، وبما يترك لمحكمة التمييز أمر الفصل فيه، مع إلزام المستأنف ضده الاول المصروفات المناسبة عن الدرجتين، عملا بالمواد 119، 120، 147 من قانون المرافعات.
مشاركة :