قال الكاتب والمحلل السياسي تسفي برئيل إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يمارس لعبة عالية المخاطر، ويراهن بكل ما لديه، مشيراً إلى أن الإجراءات التي اتخذها مؤخراً أثارت مخاوف المستثمرين، وربما تؤدي إلى انتفاضة غضب سياسية واقتصادية.وأضاف الكاتب، في مقال نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أن الاعتقاد المقبول عموماً بين النقاد والمحللين في الدول العربية والغرب، هو أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها بن سلمان تهدف أساساً إلى تعزيز وضعه وإبعاد الخصوم السياسيين، وبعضهم لم يخف انتقاده لـ»سياسته العدوانية». وفي الوقت نفسه، من الواضح أن الإجراءات الأخيرة لا يمكنها اقتلاع الفساد المتوطن في البلاد. وستكون هناك حاجة إلى إصلاح عميق من أجل تغيير ثقافة الفساد التي انتشرت إلى جميع المؤسسات الحكومية، وانتقلت أيضاً إلى القطاع الخاص. ورأى الكاتب أن السؤال المثير للقلق في هذه المرحلة هو ما إذا كان ولي العهد، الذي من المتوقع أن يحل محل والده قريباً، قد قام بمخاطرة محسوبة. وتساءل: هل يمكن للمملكة أن تخضع لمبادرات الملك وابنه، أم ستشهد انتفاضة سياسية واقتصادية؟ ونقل برئيل عن محللين غربيين قولهم إن حالة عدم اليقين دفعت عملاء للانتظار ستة أشهر على الأقل قبل اتخاذ قرار بشأن الاستثمارات الجديدة في المملكة. وأوضح الكاتب أنه منذ أزمة النفط التي اندلعت في عام 2014، والتي ألقي اللوم إلى حد كبير فيها على السعودية، جمدت المملكة أكثر من 20 مليار دولار مخصصة للمشاريع في مجالات التعليم والطب والنقل. وهي مدينة بالمليارات للشركات الأجنبية، مع ربع فقط من الديون تسدد هذا العام. وأشار إلى أن إطلاق رؤية 2030 صاحبه ضجة كبيرة، لكنها تتطلب استثمارات ضخمة، وتغيير الاقتصاد السعودي أساساً من الاعتماد على 10 ملايين عامل أجنبي إلى توظيف العمال السعوديين. ورأى الكاتب أن المشكلة هي أن السعوديين اعتادوا على الامتناع عن العمل الشاق لسنوات، في حين أن نظام التعليم السعودي لم يبن بعد من أجل وظائف متطورة تتطلب تدريباً مهنياً متقدماً ومستوى عالياً من الدراية التكنولوجية. وأضاف أنه على الرغم من أن قوانين المملكة تفرض غرامات على الشركات التي توظف في الغالب العمال الأجانب، ورغم تشريع تعديلات صارمة فيما يتعلق بمنح تصاريح عمل للأجانب – فإن «سعودة العمل» لا تزال في مهدها. وحتى عمليات الاعتقال للعمال الأجانب وإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية لم تنجح حقاً في تخفيض أعدادهم. ولفت الكاتب إلى أن السعودية بدأت خطة خصخصة للشركات الحكومية. كما أن الكنز الأهم، وهو شركة أرامكو الوطنية للنفط، سيتم عرضها جزئياً للبيع العام، والذي ينبغي أن تجلب حوالي 100 مليار دولار. كما طرحت على الطاولة مقترحات لبيع النوادي الرياضية المملوكة للحكومة، وجزء من البورصة، وحتى لبناء دور السينما وأماكن الترفيه باستثمار 2.7 مليار دولار. كل هذه الأمور تبدو جيدة على الورق، ولكن من الصعب تخمين كيف سيكون رد فعل الدوائر المحافظة القوية والجمهور السعودي على هذه الخطط والمقترحات. واختتم الكاتب مقاله بالقول: إن القضية هي أن خطط السعودية للتنمية وإقناع المستثمرين الأجانب تتطلب الاستقرار السياسي، وبدون ذلك ستجد المملكة صعوبة في تغيير مصادر دخلها. وهكذا، حتى لو افترضنا أن موجة القمع الأخيرة كانت تهدف إلى إرسال رسالة مفادها أن الحرب ضد الفساد قد بدأت، فإنها تثير القلق أيضاً لدى المستثمرين المحتملين الذين لا يعرفون ما ستصبح عليه الدولة بعد أسبوع أو سنة من الآن.;
مشاركة :