عمان ــــ حاوره مؤيد أبو صبيح استبعد نائب الرئيس العراقي إياد علاوي، خروج الزعيم الكردي رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني من المشهد السياسي العراقي، فيما قال إن المبادرة الوطنية التي طرحها لحل الأزمة بين الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان لم تنجح لاشتراط بغداد إعلان بارزاني إلغاء استفتاء الإقليم قبل المضي في حوارات قال عنها «توافقية لحل الأزمة والتفاهم حول مستجدات القضية الكردية بمجملها». وقال علاوي، الذي شغل منصب أول رئيس وزراء في العراق في مرحلة ما بعد صدام حسين، في حوار مع القبس، إن تمدد داعش في مناطق جديدة في العراق بعد دحره من مناطق واسعة في الأنبار والموصل، كان مرده إلى غياب التقييم لمرحلة ما بعد داعش، معربا عن خشيته من استمرار سياسة التهميش والإقصاء والمحاصصة السياسية التي من شأنها أن تعيد التطرف والإرهاب إلى البلاد. وفيما وصف علاوي العلاقات العراقية – السعودية بـ«الجيدة جيدا» في المرحلة الحالية خاصة في الجانب الاقتصادي، أشار إلى أن ترشحه للانتخابات النيابية المقبلة وسعيه لتشكيل أغلبية نيابية مرهون بموقف واشنطن وطهران حيال العملية السياسية في العراق وتحديد الفائز في هذه الانتخابات، مؤكدا أهمية سن قانون انتخاب قائم على العدالة والمساواة وغير قائم على الطائفية. وقال علاوي إن الدستور الحالي ينطوي على كثير من الأخطاء ويتطلب إعادة كتابته مجددا. وهنا نص الحوار: ● كيف تقرأ التطورات وشكل العلاقة مع الأكراد بعد فشل الاستفتاء وخروج بارزاني من المشهد؟ ــــ في البدء أنا لا اعتقد أن بارزاني خرج من المشهد السياسي العراقي، بعد أن قرر عدم الاستمرار في رئاسة الإقليم، وهناك انتخابات مقبلة، وقد يكون له شأنٌ كبير فيها. أما بالنسبة للأحداث الأخيرة، فأنا أخشى من تأثيراتها على استقرار البلاد، فوحدة العراق على المحك، على الرغم من تراجع بارزاني عن الاستفتاء، وهو ما أكده برسالة خاصة بعثها إلي، أكد فيها تجميده للاستفتاء ونتائجه، وإيمانه بالحوار وفق مرجعية الدستور ووحدة العراق (الاتحادي الديموقراطي)، وثم أعلن هو رسمياً عن هذا الموقف، لكن الحكومة ما تزال تربط الحوار بإلغاء الاستفتاء بشكل شامل. وهناك تخوفات بأن يكون لهذا الموقف تداعيات سلبية. والغريب أن بارزاني طرح موضوع الاستفتاء منذ فبراير، ومن ثم ثبت موعده في يونيو، لكن لم يجر أي تحرك حكومي أو دولي لاستيعاب الأمر وفق مبدأ الوقاية خير من العلاج. ● ما هي الأسباب التي دفعت بغداد لحسم الأمر عسكريا؟ ــــ يمكن توجيه هذا السؤال إلى الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة وقيادة الحشد الشعبي، أيضاً لا بد من الإشارة إلى قوى إقليمية أخرى دخلت على خط الأزمة مع كردستان. ● لماذا لم تنجح مبادرتكم في رأب الصدع؟ ــــ علينا أن نحاول ونسعى من أجل وحدة العراق، والأكراد تجاوبوا بكل انفتاح وإيجابية مع مبادرتي، لكن الحكومة كانت ترفض إلى أن يعلن بارزاني رسميا إلغاء الاستفتاء. ● من المسؤول عن تمدد «داعش»؟ ــــ من المؤسف انه لم يجر تحقيق شامل منذ هروب آلاف المجرمين الدواعش عام 2012 بعمليات مسلحة من سجون مختلفة، كما لم يتم التطرق إلى الأسباب السياسية المساعدة لتمدد داعش، ومن تلك الأسباب هو المناخ السياسي السائد في العراق. وكذلك لم نشهد حتى الآن أي تقييم حقيقي لمرحلة ما بعد داعش، وكيف يمكن منع التطرف بكل أشكاله. إن استمرت البيئة السياسية كما هي قائمة على المحاصصة والتهميش والاقصاء، ستتسبب بظاهرة إرهابية في المستقبل. وأود ان أشير إلى أن أي انتصار عسكري في المعارك على الإرهاب والتطرف ينبغي أن يقترن بتحقيق السلم، وإشاعة مبادئ العدالة والمساواة، وبناء بيئة سياسية نقية تنبذ الفساد والمحاصصة. • جرى انفتاح على السعودية بعد عقود من القطيعة، هل ستؤثر على العلاقة مع إيران؟ ــــ بدايات جيدة جداً وإن جاءت متأخرة، بعد أن كانت تُتهم السعودية بالتآمر على العراق، وهذه العلاقة لغاية الآن مقتصرة على الجانب الاقتصادي بالدرجة الأولى، نحن نرى ان العلاقات العراقية -العربية يجب أن تقوم على التكامل والتعاون والتضامن في كل المجالات. أما العلاقات مع إيران موجودة وهي من أمتن العلاقات، ولا تقتصر على الجانب الاقتصادي فقط وإنما تتعداها إلى الجوانب العسكرية والسياسية، لكنه هناك دول، وعلى رأسها إيران وتركيا، تتدخل في شؤوننا الداخلية، ولهذا فإن توازن علاقات العراق مع العمقين العربي والإسلامي ضروري ويجب ان تقام هذه العلاقات على مبدأ «تبادل المصالح واحترام السيادة». • هل ستخوضون الانتخابات المقبلة بقوائم مستقلة؟ ــــ استنادا لتجربتنا في الانتخابات التي جرت في عامي 2010 و2014 فالأمر والقرار يعتمد على موقف بعض الدول، منها طهران وواشنطن، في تحديد الفائز. لقد كتبت رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وبينت له مخاطر إجراء انتخابات وسط تأثير اقليمي متوتر سلبي، واستنادا لما بحوزتنا من معلومات عن وقوع عمليات تزوير في الانتخابات السابقة وأكدت له إن ذلك سيعني نهاية العراق. كما حاولنا ولا نزال إصلاح بنية العملية الانتخابية بسن قانون جديد وتشكيل مفوضية جديدة يرأسها القضاة، لا أن يكون قانون الانتخابات قائم على المحاصصة الطائفية. • هل تعتقد أن الدستور حقق العدالة بتوزيع السلطات؟ ــــ الدستور كُتِب بعجالة، وينطوي على أخطاء كثيرة، ولك أن تتخيل ان هنالك مالا يقل عن 56 فقرة في الدستور يجب ان توضح بقانون ولم توضع لها قوانين حتى اللحظة، الدستور الحالي يحمل في طياته مشاكل عديدة في بعض فقراته مقسم للإدارة وللبلاد، نريد دستورا موحِدا، لذا يتعين تعديل الدستور الحالي وإعادة كتابة بعض فقراته. العلاقة بالكويت في رد على سؤال حول علاقات العراق مع دول الجوار، وخصوصاً الكويت قال علاوي: رغم أن علاقاتنا مع العرب لا تزال «جنينية» فإن علاقاتنا مع الكويت جيدة. وأقول لك بصراحة انا بتفكيري وتوجهي مؤمن بعمق العراق الإسلامي والعربي، لذا فقد سبق ان وقع العراق عندما كنت رئيسا للوزراء على مبادئ شراكات جوهرية مع الدول العربية ودول الجوار الإسلامية (إيران وتركيا والكويت والأردن ولبنان ومصر والإمارات)، كما اتفقنا على إجراءات شراكة بيننا وبين هذه الدول الشقيقة واتفقنا أيضا على تقديم مزيد من التدريب في الجانب الأمني والجانب العسكري. إلا أن ما آل إليه الوضع في علاقات العراق الآن لا يسُر، مع ذلك نتمنى ألا يقتصر الأمر على الجانب الاقتصادي فقط كما يحصل مع السعودية.
مشاركة :