حرب المعلومات تستغل وسائل التواصل الاجتماعي

  • 11/15/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

عاطف الغمري المناقشات حول تمدد أدوار وسائل التواصل الاجتماعي، في مراكز الفكر السياسي، امتدت إلى مناقشات للحكومات أيضاً، والكل يتساءل عما إذا كان التعامل مع الساحة المفتوحة التي يرتع فيها كل من يريد الترويج لأفكار مختلف عليها، هو بمثابة عميل أجنبي، في عصر ثورة المعلومات الذي زالت فيه الحدود الافتراضية بين الدول؟ في هذا السياق لعب أفراد من تنظيم «داعش»، أو متعاطفون معه، أدواراً تستغل هذه الوسائل، والترويج من خلالها للإرهاب، والتحريض عليه، وتحويل هذه الوسائل إلى مصادر لتحصيل المعلومة، وهو ما دفع إلى المطالبة بقوانين لتنقية هذه الوسائل، وكذلك شبكات الإعلام عامة، مقروءة ومسموعة، من هذا التسلل لنوعية من الأخبار والتقارير، أصبح خبراء الإعلام يطلقون عليها وصف Fak News الأخبار الكاذبة. ولما كانت وسائل التواصل الاجتماعي قد أصبحت مصدراً يسهل الوصول إليه من دون عناء، وسريع الانتشار، فقد اتسع الوصف الذي يطلق عليها، بالقول إن ما تروج له من أخبار كاذبة، يدخل في سياق حرب المعلومات، حتى إن 45% من الشباب الأمريكيين يعتبرون «الفيس بوك» مصدرهم للأخبار. والتساؤل عما إذا كان ترك هذه الوسائل من دون تنقية مما بها من سلبيات ضارة، من خلال تعاون الشركات التي تديرها، يخلق شكلاً من أشكال حرب المعلومات، يؤثر في الأمن القومي للدولة؟ لقد أصبح هناك خبراء متخصصون في مجال الأخبار الكاذبة، وحرب المعلومات، بحيث رصدت بحوثهم أن ما يعادل 50% من الأخبار التي يقرأها المتعاملون مع «النت» وقنواته المتعددة، هي ما يطلق عليها وصف الأخبار الكاذبة. ولعل أكثر ما سبب إزعاجاً للسلطات الأمريكية، كان ما نشره معهد بيو PEW لاستطلاعات الرأي من أن 20% من الأمريكيين هم الذين يثقون بما تقوله حكومتهم، تأثراً في جانب منه، بما يتحصلون عليه من معلومات عن طريق «النت». ولم يتوقف الأمر عند وسائل التواصل الاجتماعي، بل تبين أن نسبة عدم الثقة نفسها طالت الميديا التقليدية من صحافة، وتلفزيون. إن تعبير Fak News الأخبار الكاذبة، أخذ ينتشر خلال العام الأخير، خاصة بعد استخدام الرئيس ترامب لهذه الكلمة، في اتهامه لوسائل الإعلام - بصفة عامة - بإذاعة أخبار ومعلومات ملفقة. وأن الأمر وصل إلى التحري بصورة بعيدة عن المهنية، من نماذجها ما أذاعته شبكة (سي. إن. إن)، ليلة تنصيب ترامب من تقرير عنوانه: «ماذا يمكن أن يحدث لو قتل الرئيس المنتخب أثناء تنصيبه؟». وإزاء تفشى هذه الظاهرة، عكف خبراء الإعلام على عمل دراسات عنها، منها مثلاً ما ذكره الإعلامي جون زيجلر بقوله: إننا اعتدنا خلال السنوات الأخيرة، على التعرض لغسل مخ لمشاهدي وسائلنا الإعلامية لكي يفقدوا الثقة فبكل شيء يخالف ما يتم بثه في هذه الوسائل. كذلك قال ديفيد مايلكستون مؤسس مركز متابعة الإعلام، إن تعبير الأخبار الكاذبة، هو مصطلح يتحدث أساساً عن الأشخاص الذين يلجؤون إلى تزييف الأخبار. وحسب تعبير الكاتبة لورا إنجراهام، فإن الأخبار الكاذبة، هي ذريعة لتبرير من يختلقها، لأجندته الفاشلة. ويقول الكاتب مايكل مالكييران، إننا نعيش الآن في عالم الميديا المبعثرة، الذي يستطيع فيه من يتحكم في وسيلة إعلامية، الحجر على من يختلفون معه. بعض الصحف الرئيسية في الدول الغربية، ومنها على سبيل المثال «النيويورك تايمز»، هاجمت الدور المتسع لوسائل التواصل الاجتماعي، التي وصفتها بالإعلام البديل. وإن كان ذلك لا يعفي بعض هذه الصحف من أنها كانت سباقة في نشر الأخبار الكاذبة، خدمة لمصالح السياسة الخارجية لحكومتها. مثلما نشرت «نيويورك تايمز» في عام 2003، عشرات الأخبار الكاذبة، حول بناء العراق برنامجاً نووياً، تبريراً للغزو الذي كانوا يجهزون له للعراق. المشكلة التي يواجهها المهتمون بمناقشة هذه الظاهرة، نابعة من أن لها تأثيراً مزدوجاً، لأن تأثيراتها لا تنحصر في المجال الداخلي للدولة، من حيث تأثيرها في عقول الرأي العام، بل تتعداه إلى استخدام دول أجنبية له، للنفاذ إلى عقول مواطني دول أخرى، طالما أن شبكاتها متاحة، وعلى أوسع نطاق على «النت» في عصر ثورة المعلومات، وتهافت الحدود المعرفية. القضية إذاً، معقدة، والمناقشات تتناول كيفية إيجاد حل لها، هدفه الأول حماية الأمن القومي للدولة. ومثلما كان ل«النت» ووسائل الميديا الحديثة من نتائج إيجابية، فلها أيضاً وعلى الناحية الأخرى، نتائج شديدة السلبية، وهو شيء يحتاج إلى الموازنة بين هذا، وذاك.

مشاركة :