سجل عدد الصفقات العقارية السعودية انخفاضاً خلال الأسبوع الماضي لتصل إلى 8.9 في المائة، في ثاني انخفاض متتالٍ لها مع الأسبوع الذي سبقه لتستقر عند 4529 صفقة عقارية، إلا أن ما يميز هذا الأسبوع هو الارتفاع في قيمة الصفقات 7.8 في المائة بعد أسبوعين من الهبوط، مقارنةً بانخفاضها خلال الأسبوع ما قبل الماضي بنسبة 2.2 في المائة. وانخفض عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 9.9 في المائة، ليستقر عند 4929 عقاراً مبيعاً، في المقابل ارتفعت مساحة الصفقات العقارية بنسبة 25.4 في المائة، مستقرة عند 50.1 مليون متر مربع. وتناسق الانخفاض بشكل عكسي مع انتعاش في قيمة الصفقات العقارية التي تعافت بشكل مؤقت بشقيها التجاري والسكني، ويُتوقع حسب المؤشرات العقارية ارتفاع مؤشر قيمة الصفقات العقارية خلال الأسبوع الماضي نتيجة ارتفاع قيمة صفقات الأراضي بنسبة 10.9 في المائة، وما يمثله وزنها النسبي الكبير إلى إجمالي قيمة صفقات السوق البالغ 89.6 في المائة. ولوحظ من خلال تتابع نتائج المؤشر العقاري وجود تناقض في أداء المؤشر بشكل أسبوعي ما بين ارتفاع وانخفاض، لكن بنسب متقاربة، مما يعني أن الضغوط لا تزال تؤثر على الأداء الدوري لها. وقال صالح الغنام، المدير العام لشركة «الغنام للتطوير العقاري»، إن نزول عدد الصفقات حسب المؤشر العقاري دليل على رفض المشترين الشراء بالأسعار الحالية التي يرونها مرتفعة، رغم أن المطورين يرغبون بشكل كبير في البيع ولو برأس المال لضمان جريان السيولة وعدم توقفها، وذلك على اعتبار أن للمشاريع عمراً محدداً تنخفض كلما تأخر بيعها أو تصريفها، موضحاً أن السوق العقارية مترابطة إلى حد كبير بين أفرعها مهما اختلف النشاط. وأضاف: «لذلك يوجد تأثير لأي فرع على الآخر بشكل مباشر، ويتضح ذلك من الانخفاض الحاصل في عدد الصفقات»، وأضاف أن هناك اقتناص فرص حاصلاً في السوق، خصوصاً للمضطرين أو من يتساهلون في النزول بالقيمة، لذا يتركز العمل عليهم، بدليل غياب الصفقات الكبرى التي تحرك السوق، والركود الحاصل فيها. وزاد الغنام بأنه في الوقت الذي تدفع فيه الحكومة بكل قوتها في سبيل إعادة الأسعار إلى طبيعتها، وهو الهدف الرئيسي للقضاء على تضخم أسعار العقار بكل أفرعه، يتبين ما هو حاصل في السوق بضغط من رسوم الأراضي وتطورات برنامج «سكني» الذي بدا مؤثراً بشكل ملحوظ في ظل انتظام تسليم الدفعات وضخ كميات كبرى من العرض، وهو ما يهيئ أرضاً خصبه للانخفاض في القيمة مستقبلاً، خصوصاً أن أسعار العقار انخفضت أكثر من 20 في المائة في أقل من 12 شهراً، وهو ما يؤكد سطوة القرارات الحكومية على واقع السوق. وارتفعت قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة 8.9 في المائة، مقارنةً بانخفاضها خلال الأسبوع السابق بنسبة 6.1 في المائة، لتستقر قيمة الصفقات السكنية مع نهاية الأسبوع عند مستوى 3.4 مليار ريال (906 ملايين دولار). كما ارتفعت قيمة صفقات القطاع التجاري بنسبة 4.8 في المائة، مقارنةً بارتفاعها خلال الأسبوع السابق بنسبة 10.3 في المائة، لتستقر قيمة الصفقات التجارية مع نهاية الأسبوع عند مستوى 1.2 مليار ريال (320 مليون دولار). من جانبه أكد عبد اللطيف العبد اللطيف، المستثمر العقاري، أن هناك انخفاضات متتالية في عدد الصفقات وهو ما يميز السنة الأخيرة بشكل خاص يتلاءم من القيمة مهما ارتفعت مؤقتاً، مما يوحي بأن هناك نزولاً أكبر في القيمة بعد موجة عريضة من الارتفاعات لامست الضعف خلال العقد الماضي فقط، في أكبر سلسلة ارتفاعات شهدها القطاع العقاري السعودي. ولفت إلى أن ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح، معرِّجاً بأنهم كعقاريين يرغبون في انخفاض قيمة العقار ليتمكنوا من إعادة الحركة والتكسب من نشاط السوق، بشرط عدم تحقيق خسائر فيما يمتلكونه أو يعرضونه. وأضاف العبد اللطيف أن الأمر منفصل فيما يحدث بين تزايد وقوة الاقتصاد السعودي وتناقص قيمة صفقات القطاع التجاري العقاري بالتحديد، حيث إن من مصادر التضخم ارتفاع أسعار العقارات التجارية التي تعتبر مرتفعة إلى حد كبير مقارنةً بالخدمات التي تقدمها أو حتى بالنسبة إلى موقعها والمميزات التي تحتويها، وأن أي تصحيح في قيمتها سيلقي بظلاله بشكل مباشر على الاقتصاد المحلي، على اعتبار أن انخفاض قيمة العقار التجاري سيخفّض تكاليف المشاريع العقارية، ما يعني نزولاً في الأسعار، مبيناً أن العقار السعودي في حركة تصحيح لا ضعف، وأن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد المحلي، خصوصاً أن هناك انخفاضاً كبيراً واستجابة للضغوط التي يعيشها القطاع العقاري المحلي. وقال: «تشهد السوق هبوطاً ملحوظاً في الأسعار، تماشياً مع الطلب، إلى مستويات معقولة ومغرية، خصوصاً أن السوق بدأت فعلياً بدفع فواتير الرسوم، وهو القرار الذي من المتوقع أن يشهد زخماً كبيراً في السوق والأسعار بدليل تسييل كميات كبيرة من الأراضي الفترة الماضية». وأظهرت الاتجاهات السعرية قصيرة الأجل، التي تبيّنها التغيرات السعرية خلال الفترة منذ مطلع العام لمتوسطات أسعار الأراضي والعقارات السكنية، انخفاضاً سنوياً لأغلب متوسطات الأسعار منذ بداية العام حتى نهاية تعاملات الأسبوع الماضي من العام الجاري مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2016، جاء على النحو الآتي: انخفاض متوسط سعر العمائر السكنية بنسبة 26.8 في المائة، وجاءت الفيلات السكنية في المرتبة الثانية بنسبة انخفاض 16.6 في المائة، ثم انخفاض متوسط سعر المتر المربع للأرض بنسبة 15.4 في المائة، وأخيراً ارتفاع متوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 1.3 في المائة. من جانبه أبان وليد الرويشد الذي يدير شركة «مستقبل الإعمار العقارية»، بأن هناك انخفاضات متتالية في عدد الصفقات، إلا أن ما يميز هذا الانخفاض المتتالي أن هناك نزولاً ملحوظاً في القيمة رغم أنه غير مكافئ وغير مستمر، مما يوحي بأن هناك انخفاضات مقبلة في القيمة بعد موجة عريضة من الارتفاعات لامست الضعف خلال السنوات الأخيرة. ولفت إلى «أن ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح»، موضحاً أن «الارتفاع المؤقت في قيمة الصفقات لا يمكن أن يمحو سلسلة الانخفاضات في القيمة العامة للأنشطة العقارية، مبيناً أن الأراضي تعتبر المحرك الرئيس للقطاع العقاري بأكثر من 89.9 في المائة من إجمالي حركة القطاع العقاري، وأن الأراضي بالتحديد تشهد ضغوطاً متتالية في ظل فرض الرسوم وشح السيولة».
مشاركة :