أفادت وزارة الدفاع الروسية إن الولايات المتحدة تقدم غطاء لوحدات تنظيم «داعش» في سورية وتتظاهر فحسب بمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط. وأضافت الوزارة أن سلاح الجو الأميركي حاول عرقلة ضربات جوية روسية على عناصر «داعش» حول مدينة البوكمال شرق سورية. وزادت «هذه الحقائق دليلاً دامغاً على أن الولايات المتحدة، في حين تتظاهر بقتال دون هوادة ضد الإرهاب الدولي أمام المجتمع الدولي، تقدم في واقع الأمر غطاء لوحدات داعش». يأتي ذلك فيما شجب رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم سماح الولايات المتحدة للألاف من عناصر «داعش» بمغادرة الرقة مع سلاحهم وعتادهم خلال عملية تحريرها الشهر الماضي. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن عملية تحرير مدينة البوكمال كشفت عن أدلة على أن «التحالف الدولي» بقيادة واشنطن يقدم دعماً مباشراً لـ «داعش»، وذلك لتحقيق مصالح أميركا في الشرق الأوسط. وقالت الوزارة في بيان أمس، إن قيادة القوات الروسية في سورية اقترحت على «التحالف» مرتين إجراء عمليات مشتركة للقضاء على قوافل لداعش، وهي تنسحب في الضفة الشرقية لنهر للفرات باتجاه الحدود مع العراق، إلا أن الأميركيين رفضوا في شكل قاطع قصف «داعش» بدعوى أنهم بصدد تسليم أنفسهم، وبالتالي تنطبق عليهم أحكام «معاهدة جنيف» بشأن أسرى الحرب. وأشار البيان إلى أن طيران التحالف حاول التشويش على عمل سلاح الجو الروسي في سماء البوكمال، وذلك لتأمين الخروج الآمن لمسلحي «داعش». وأوضح البيان، أن طائرات تابعة للتحالف، دخلت المجال الجوي فوق منطقة تحيط بالبوكمال على بعد 15 كيلومتراً، لعرقلة عمل الطيران الروسي، وذلك انتهاكاً لاتفاق مسبق بين العسكريين الروس وقيادة التحالف في قاعدة العديد بقطر، بشأن حظر تحليقات طائرات التحالف في تلك المناطق. ووفق «الدفاع» الروسية، فإن هذه التحركات للتحالف الدولي تدل على أن الهجوم السريع للقوات السورية في البوكمال أحبط مخططاً أميركياً بشأن إقامة سلطات موالية لأميركا وغير خاضعة للحكومة السورية لإدارة شؤون المناطق الواقعة شرق الفرات. ولفت البيان إلى أنه كان من المخطط أن تتشكل هذه السلطات المزعوم سيطرتها على المدينة، من عناصر «داعش» المموهين بألوان «قوات سورية الديمقراطية» (قسد)، والدليل على ذلك أعلام تستخدمها «قسد» تم العثور عليها في البوكمال. وخلص البيان إلى أن هذه الوقائع تثبت بما لا يقبل الجدال، أن الولايات المتحدة تتظاهر أمام المجتمع الدولي بخوض حرب حاسمة ضد الإرهاب، لكنها في الحقيقة تؤمن حماية لفصائل «داعش» المسلحة، من أجل إعادة قدرتها على القتال وإعادة تشكيلها واستخدامها لتحقيق مصالح أميركية في الشرق الأوسط. إلى ذلك، شجب رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم سماح الولايات المتحدة لمسلحي «داعش» بمغادرة الرقة خلال عملية تحريرها مع سلاحهم. وقال بن علي يلدريم في جلسة الكتلة البرلمانية لـ «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في أنقرة أمس: «أنظروا ما يحصل. بدلاً من تطهير الرقة من داعش قاموا (الأميركيون) بدعم خروج المسلحين من هناك مع سلاحهم في قافلة تضم 50 شاحنة كبيرة و10 منها محملة بالسلاح الثقيل. لقد قلنا لأميركا، لا يجوز أن يقوم بعض الإرهابيين بالتخلص من إرهابيين آخرين. ذلك لا يليق بالدول الكبرى التي تقاتل الإرهاب. من يعرف الآن أين هؤلاء المسلحين وأين سيظهرون مع سلاحهم ضد المدنيين، ربما في تركيا أو في أوروبا أو في أميركا أو في كل العالم. هم يعتبرون أنه من الأفضل أن يتخلصوا من هذا الصداع وليبتعد عنهم قدر الإمكان». وأضاف يلدريم القول إن تعاون الدول في مجال مكافحة الإرهاب في غاية الاهمية. وزاد: «نحن نرى أن مسلحي داعش ذهبوا وجاء بدلاً منهم إرهابيون آخرون من قوات الدفاع الذاتي الكردية. هل هذه سياسة ذكية؟ لقد تبين من جديد أننا على حق. ولكن ليس هذا هدفنا بل هو التخلص من الإرهابين». وكانت البعثة السورية الدائمة لدى الأمم المتحدة قد أعلنت في وقت سابق أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضمن مغادرة مسلحي داعش من الرقة ودير الزور خلال عمليات تحرير هذه المناطق. وأرسلت البعثة السورية رسالة حول ذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى رئيس مجلس الأمن الدولي. وجاءت الاتهامات بعد تقرير موسع من هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» كشف أن نحو 48 شاحنة وقافلة محملة بعناصر «داعش» وأسرهم وأسلحتهم خرجت تحت حماية «قوات سورية الديمقراطية» والطيران الأميركي من الرقة. وأفاد التقرير أن «سورية الديموقراطية» أجرت الشاحنات التي حملت عناصر «داعش» إلى خارج الرقة وأنها رتبت عبورهم الآمن مع القوات الأميركية. وكشفت «بي بي سي» عن تفاصيل صفقة سرية سمحت لمئات من مسلحي «داعش» وأسرهم بمغادرة الرقة تحت إشراف التحالف الدولي والمقاتلين الأكراد الذين سيطروا على المدينة. وساعدت هذه الصفقة بخروج بعض أهم أعضاء التنظيم، والعشرات من المقاتلين الأجانب، علماً أنهم انتقلوا إلى أنحاء سورية المختلفة، بل وحتى وصل عدد منهم تركيا، وفق «بي بي سي». ونقلت عن سائق إحدى الشاحنات التي كانت ضمن قافلة خروج مسلحي «داعش» من الرقة، تأكيده أن الرحلة بدأت في 12 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي واستمرت 3 أيام، ونقلت كذلك أطناناً من أسلحة التنظيم وذخائره. وكشف السائق أنه هو وعشرات السائقين الآخرين وُعدوا بآلاف الدولارات للقيام بهذه المهمة، لكن بشرط أن تبقى سرية، لكنهم لم يستلموا أي أتعاب حتى الآن، رغم إتمامهم المهمة، التي وصفت بـ «رحلة الذهاب إلى الجحيم». وقال: «نقلنا نحو 4 آلاف شخص بما في ذلك النساء والأطفال، على متن مركباتنا ومركباتهم معاً. عندما دخلنا الرقة، كنا نظن أن هناك 200 شخص لنقلهم، ولكن في حافلتي وحدها، نقلت 112 شخصاً». وتم ترتيب الصفقة مع عناصر «داعش» بعد أربعة أشهر من القتال الذي دمر المدينة وسكانها، وبهذا تم إنقاذ حياة أرواح العديد من الأكراد والعرب من الذين قاتلوا التنظيم، لكنه ساعد أيضاً مئات من «داعش» على الفرار من الرقة.
مشاركة :