تباينت آراء العقاريين حول فرض رسوم سنوية على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني والذي يعد من المسائل المعاصرة المستجدة بل ومن النوازل الفقهية المعاصرة خاصة وأن هذه الأراضي تمتد على مساحات شاسعة داخل النطاق العمراني رغم الحاجة لها. ويرى بعض العقاريين أن فرض الرسوم أو الزكاة على محتكري الأراضي سوف يضطرهم إلى التوجه نحو تطويرها بدلًا من تجميدها ترقبًا لارتفاع أسعارها وهو ما لم يَعُدْ على الاقتصاد الوطني بأي نفع بل أضرَّ به والمطلوب بحسب فقه الواقع أن تُؤدِّي هذه الرسوم لإحداث حالة من التوازن بين العرض والطلب مما سيقضي على تضخم سعر متر الأرض الذي بلغ أرقامًا فلكية وسيوفر مساحات تعوض النقص الحاد في الأرض التي تحتاجها وزارة الإسكان لتلبية الطلب على السكن وتوجه عوائد هذه الرسوم لدعم إسكان الفقراء، فيما يرى البعض الآخر أن فرض الرسوم سيزيد من ارتفاع الأسعار بشكل كبير خاصة في ظل العوائق الكبيرة التي تواجه أصحاب المخططات وتحول دون تخطيط الأراضي بشكل كبير. وأوضح مشعل الزايدي رئيس مجلس إدارة مجموعة الزايدي للتنمية والاستثمار أنه مع فرض الرسوم على المواقع ذات المساحات الكبيرة التي تزيد على مئة ألف متر مربع لأن هذه الأراضي المعطلة أعاقت عملية التنمية العمرانية في بعض المدن ولأن المخططات السكنية تجاوزت هذه المساحات الشاسعة المعطلة وأصبحت مشوهة للواجهة الحضارية للمدن، مشيرًا إلى أهمية أن تكون الرسوم رمزية وتبدأ من اثنين في الألف ثم تتدرج بحسب المساحة والموقع. وأشار الزايدي إلى أن هذه الخطوة ستدفع بعض أصحاب المساحات الشاسعة للمسارعة في تخطيطها وتطويرها وتحويلها إلى مخططات سكنية يستفاد منها بشكل جيد مما يسهم في توفير أراض سكنية تمكن المواطنين من الحصول على المساكن المناسبة. وبيَّن رئيس اللجنة العقارية بغرفة مكة المكرمة الشريف منصور أبو رياش أنه لا يتفق مع فرض الرسوم لأسباب عدة أولها أن وزارة الإسكان خصصت لها مساحات تزيد ثلاثمئة مليون متر مربع ولم تستفد منها إلى الآن بشكل جيد وثانيها أن فرض الرسوم سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الأراضي، مؤكدًا أنه إذا كان لابد من تطبيق القرار فلابد من إعطاء القطاع العقاري فرصة لا تقل عن خمس سنوات لتصحيح الأوضاع مع تغيير الإجراءات المتبعة في تراخيص المخططات السكنية لدى الأمانات والبلديات لأن الترخيص لأي مخطط سكني لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات بسبب الإجراءات الروتينية العقيمة كما أن الأمانات تطالب صاحب المخطط بتوفير خدمات السفلة والإنارة والكهرباء والمياه والاتصالات، وكل هذه الخدمات تكاليف إضافية على صاحب المخطط. وقال أبو رياش: إن التسرع في تطبيق هذه الرسوم سيلحق ضررًا بالقطاع العقاري والاستثمار فيه وكل القطاعات المرتبطة به من شركات المقاولات ومواد البناء وغيرها من القطاعات الأخرى، مشددًا على أهمية دراسة هذا القرار واستطلاع آراء العقاريين وجمع كل الآراء وتحليلها بشكل علمي صحيح حتى يكون القرار مبنيًا على أسس علمية صحيحة. وأوضح عضو اللجنة العقارية وعضو مجلس غرفة مكة المكرمة المهندس أحمد عبدالعزيز سندي أنه مع فرض الرسوم لكن بشكل مقنن ومدروس مع ضرورة التفريق بين المخططات السكنية والمخططات العشوائية وأن تكون هذه الرسوم رمزية ووفقًا للمساحة الإجمالية للأرض البيضاء لأن هذه الخطوة ستؤدي إلى الإسراع في تخطيط الأراضي البيضاء وتحويلها لقطع سكنية تمتد إليها التنمية العمرانية وتسهم في حل أزمة الإسكان. وأشار سندي إلى أن تطبيق الرسوم على المخططات العشوائية، تحديدًا والتي أصبحت تشكل خطورة كبيرة على التنمية العمرانية خطوة جيدة ستحد من هذه العشوائيات لأن لها أضرار كبيرة على تخطيط المدن والبنى التحتية، مشددًا على أهمية دراسة هذا القرار بشكل جيد ليطبق بحيث لا ينجم عنه أضرار بالقطاع العقاري. وأبان رجل الأعمال سفر السويهري أن المطلوب من هيئة كبار العلماء إحداث توازن بين الحق الخاص في ملكية الأرض وحق المجتمع في الاستفادة من تلك الأراضي وفق قاعدة (لا ضرر ولا ضرار)، مؤكدًا أنه وبالرغم من موافقة مجلس الشورى في 6 يونيو 2011م على أن تعد وزارة الشؤون البلدية والقروية لائحة تنظم الضوابط والآلية اللازمة لفرض رسوم سنوية على الأراضي البيضاء التي تقع ضمن النطاق العمراني إلا أن الأمر لا يزال يراوح مكانه بسبب فتوى سابقة لهيئة كبار العلماء تعتبر الأراضي البيضاء من الأموال الباطنة. وتوقع السويهري أن فرض رسوم على هوامير الأراضي البيضاء سوف يضطرهم إلى تطويرها أو بيعها لكنه لن يكون بالأمر السهل عليهم تقبله وسوف يستخدمون كل سبل التحايل لذا يحتاج الأمر في حال إقراره لحسم في تنفيذه وفرضه. ويؤكد رجل الأعمال ماجد المطرفي أن كنز رؤوس الأموال في الأراضي البيضاء بغرض رفع قيمتها والمتاجرة بها مثل كنز الذهب الذي توعد الله سبحانه بعقوبة فاعله، ونظرًا لأهمية هذا الموضوع باعتباره يهم شريحة كبيرة من أفراد المجتمع فهم ينتظرون بفارغ الصبر قرار هيئة كبار العلماء. ويضيف المطرفي قائلاً: سبق وصدر قرار هيئة كبار العلماء الذي يُعدُّ الأراضي البيضاء من الأموال الباطنة التي لا تجب فيها الزكاة الأمر الذي جمَّد ملف جباية الزكاة على الأراضي المعدة للتجارة (البيضاء) الواقعة ضمن النطاق العمراني في المدن لصرفها في المصارف الشرعية في هيئة الخبراء التابعة لمجلس الوزراء التي اعتبرت الموضوع منتهيًا وفقًا لقرار هيئة كبار العلماء لكن في أكتوبر 2011م الموافق ذو الحجة 1432هـ أعيد فتح الموضوع وتحريك الملف داخل مجلس الشورى، استنادًا إلى مسوغات شرعية وقانونية تؤكد أن الأراضي البيضاء ليست من الأموال الباطنة. ويقول رجل الأعمال أنس عبدالصمد القرشي: إن مشروع فرض الرسوم على الأراضي البيضاء سبق أن جاء بناءً على توجيه المقام السامي وعلى ما صدر من مجلس الشورى في قراره رقم26/19 وتاريخ 10/5/1425هـ في صورة نظام جباية الزكاة، معتبرًا أن تَعمُّد تجاهل هذا التوجيه السامي أدى في الآونة الأخيرة إلى تعاظم ظاهرة احتكار الأراضي البيضاء والمضاربة عليها حتى وصلت أسعارها إلى أرقام خيالية اكتوى بأسعارها المواطن البسيط خاصة المقترضين من الصندوق العقاري وهذا السبب الحقيقي وراء عدم الانفراجة التي كانت مأمولة وتوقع البعض أن يشهدها القطاع العقاري بعد إقرار أنظمة التمويل العقاري في يوليو 2012م فلم تنخفض أسعار الأراضي والمساكن والشقق بل على العكس استغل هوامير الأراضي البيضاء الفرصة ورفعوا الأسعار وبالتالي لم يحقق النظام ما كان مرجوًا منه، مضيفًا: نحن بحاجة في المملكة إلى إنشاء هيئة مستقلة للأراضي في ظل تنازعها بين ثلاث وزارات هي: المالية والزراعة والشؤون البلدية والقروية وأكد أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء سوف يقضي على التضخم المبالغ فيه في سعر الأراضي والعقارات وسوف يسعد 1.65 مليون مواطن ينتظرون منذ سنوات الحصول على سكن. وتمنى القرشي على سماحة المفتي فضيلة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ وهيئة كبار العلماء مراجعة الفتوى السابقة في ظل مستجدات الأوضاع فيكفي فقط ما أعلنته وزارة الإسكان، حيث قدَّرت الاحتياج الفعلي من الأراضي المطلوبة لسد الفجوة الإسكانية في السعودية بنحو 500 مليون متر مربع وفرت منها وزارة الشؤون البلدية والقروية نحو 169 مليون متر مربع فقط. ومن جانبه أكد عبدالرحمن أحمد الغامدي رجل أعمال أن إقرار هيئة كبار العلماء لنظام الرسوم سوف تكون خطوة مبشرة بالخير إذ ستسهم في إنعاش الاقتصاد الوطني وتصب في المصلحة العليا للوطن وأضاف الغامدي: إنه سبق وطالب أعضاء مجلس الشورى بضرورة جباية الزكاة على الأراضي المعدة للتجارة وحذروا من أن عدم الأخذ بهذه القرارات من شأنه أن يخدم شريحة صغيرة هوامير العقار ويضيف قائلًا: تجدر الإشارة هنا إلى أن نظام جباية الزكاة على الأنشطة التجارية والمهنية المكون من 41 مادة والذي أقره مجلس الشورى في 10/06/2014م تضمن تحصيل الزكاة على العقارات المعدة للبيع أو للإيجار بما في ذلك الأراضي البيضاء والمطورة واعتبر أن الأراضي معدة للبيع إذا تحقق فيها وصف واحد أو أكثر كإقرار مالكها بذلك أوعرضها للمساهمة عامة أو خاصة أو بموجب قرائن ظاهرة أو كون مساحتها زائدة بصورة ظاهرة على حاجة المكلف الخاصة وأسرته بحسب العادة الغالبة. المزيد من الصور :
مشاركة :