هالة الخياط (أبوظبي) أكد الدكتور نبيل عزيز عوض الله الفائز بجائزة الشجاعة ضمن جوائز أبطال الصحة المتميزين والمنسق السابق للبرنامج الوطني لمكافحة دودة غينيا في السودان أن مكافحة الأمراض المعدية والعابرة للقارات يتطلب توفر الإرادة السياسية ودعم صناع القرار للبرامج التي تنفذها المنظمات الإنسانية لمكافحة الأمراض الفتاكة التي يمكن الوقاية منها. وقال عوض الله لـ «الاتحاد»، إن هناك الكثير من التحديات التي تواجه عمل المنظمات الإنسانية أبرزها الحالة الأمنية في البلاد التي تنتشر فيها الأمراض، وغياب الدعم السياسي، وغياب الوعي والثقافة لدى بعض المجتمعات. وتولى الدكتور نبيل عزيز عوض الله قيادة «برنامج استئصال دودة غينيا في السودان» بين عامي 1994 و2002، ونجح بالقضاء على آخر حالة لهذا المرض في عام 2002. وخلال فترة عمله، اشتهر عوض الله بجولاته في شتّى أنحاء السودان، وذلك كي يبحث شخصياً عن حالات الإصابة، وكان يتحمّل في بعض الأحيان مخاطر كبيرة بسبب ظروف الحرب الأهلية التي كانت تعصف بالبلاد. وفي عام 1995، ساهم عوض الله في عقد مؤتمر وطني دعا إليه كلاً من الرئيس السوداني عمر البشير والرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، وأتاح هذه المؤتمر الفرصة أمام الرئيس كارتر للتفاوض بشأن إطلاق حملة للقضاء على وباء دودة غينيا، والتي استمرت لنحو 6 أشهر، وهو ما ساعد على توسيع نطاق «برنامج استئصال دودة غينيا في السودان» ليشمل مناطق أخرى كان من يتعذر الوصول إليها بسبب ظروف الحرب الأهلية في جنوب السودان. ومن خلال موقع عمله آنذاك في وزارة الصحة الاتحادية، وقيادة برنامج استئصال دودة غينيا في السودان، أشار إلى أنه في البداية تم رصد 2000 حالة، ولكن مع إتاحة الفرصة للبرنامج للدخول إلى أماكن النزاعات أدى إلى اكتشاف 120 ألف حالة مصابة بالمرض، ومن هنا كانت انطلاقة الجهود لمواجهة هذا المرض مصحوبة بالدعم السياسي من رئاسة الجمهورية السودانية ومن الحركة الشعبية في جنوب السودان، ودعم مركز كارتر حيث تم وضع آلية لمواجهة البؤر التي ينتشر فيها المرض وصولاً إلى الإعلان عن آخر حالة في عام 2002، وفي العام 2003 تم إعلان وقف انتشار العدوى بهذا المرض ولم يتم تسجيل أي حالة إصابة جديدة، والسودان بانتظار زيارة منظمة الصحة العالمية في أوائل العام المقبل للتأكد من أن السودان خال تماماً من دودة غينيا. وأوضح عوض الله أنه من خلال عمله حالياً بمركز كارتر في الخرطوم يتم التركيز على أمراض معدية أخرى، وهي العمى النهري ومرض التراخوما لاستئصالها بالتعاون مع وزارة الصحة الاتحادية مستنداً على التوعية وتثقيف الناس بطرق الوقاية من هذين المرضين. وبين عوض الله أن مرض العمى النهري منتشر في شمال السودان في منطقة أبو حمد التي تعتبر أكبر بؤرة في العالم لانتشار المرض، وقد نجح البرنامج في إعلان المنطقة خالية من مرض العمى النهري عام 2015، وهناك بؤرة ثانية في شرق السودان على الحدود السودانية الأثيوبية وتعرف بمنطقة القلابات ونجح البرنامج في إيقاف انتشار العدوى فيها، فصلاً عن العمل في بؤرة ثالثة لانتشار مرض العمى النهري وتقع في جنوب دارفور ونأمل أن يتم إعلان استئصال المرض فيها. وقال: «ربما نحتاج إلى ثلاثة أعوام مقبلة للقضاء على بؤرة انتشار المرض في جنوب دارفور، والتوجه لمناطق النيل الأزرق علماً أن سيطرة الحركة الشعبية هناك وتوتر الوضع الأمني يمنع البرنامج من التحرك، على الرغم من أن التقارير والمسوحات الوبائية السابقة أثبتت أن منطقة النيل الأزرق تعتبر منطقة عالية الوبائية». وأشار إلى أن مركز كارتر ينفذ في السودان حالياً مشروع للتدريب في مجال الصحة العامة، حيث إن هناك نقصاً كبيراً في الكوادر يصل إلى 180 ألف شخص وتحتاج وزارة الصحة الاتحادية إلى 25 سنة لتوفير الكادر، وعليه يقوم مركز كارتر بتوفير برامج تدريبية ضمن برامج الصحة العامة، ومراجعة المناهج وتدريب الكوادر العاملة في أكاديميات الصحة في جنوب السودان، وتأهيل المعاهد بتزويدها بمعامل التدريب العملي، وإدخال نظام المكتبات الإلكترونية، ونظام التعليم عن بعد، في خطوة نحو توفير اللبنة الأساسية للكوادر الصحية. وأكد عوض الله أهمية برامج التوعية من خلال وسائل الإعلام التي تحظى باهتمام الجمهور المستهدف، لأهمية التثقيف والتوعية في مواجهة الأمراض المعدية، مشيراً إلى أن برامج التوعية لا بد أن تركز على المرأة باعتبارها ربة المنزل وتثقيفها صحياً وإعلامها بالمخاطر والوقاية منها.وأوشك مرض العمى النهري أوشك حالياً على الاختفاء من الأميركتين وفي الطريق للقضاء عليه تماماً قي أنحاء عدة في أفريقيا، أما مرض التراخوما فهو في طريقه للاندثار كمشكلة صحية عامة في العديد من الدول، حيث إن المرض يوجد في أكثر من 40 بلداً معظمها في الشرق الأوسط وأفريقيا وبضع دول آسيا والأميركتين.
مشاركة :