«من ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى مياه الخليج الدافئة، يولّد ولي العهد السعودي موجات اضطرابات عبر جميع أنحاء الشرق الأوسط، مستغلاً تفاقم الانقسامات الطائفية العميقة في المنطقة».. هكذا استهلت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية تقريراً نشرته عبر موقعها الإلكتروني.لوس أنجليس تايمز ترجمة: ^ وقالت الصحيفة إن كثيرين يتسائلون: لماذا يعمد محمد بن سلمان -وريث العرش السعودي الذي يبلغ من العمر 32 عاماً- إلى إشعال النيران الإقليمية؟ وهل سيؤدي ذلك إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط؟ مشيرة إلى أن كل هذه الاضطرابات تتعلق بتنافس طويل الأمد بين العدوين اللدودين المملكة العربية السعودية وإيران المجاورة؛ حيث ترى كل دولة نفسها حاملة لواء فرعها السائد في الإسلام. وأضافت الصحيفة: «في الرياض، صدم ولي العهد السعودي المراقبين السعوديين في وقت سابق من هذا الشهر، من خلال توقيف واعتقال أكثر من 200 شخص، من بينهم رجال أعمال أثرياء وأمراء اتهموا بالفساد»، مشيرة إلى أن البعض يرى أن بن سلمان يريد أن يجعل من نفسه علامة لا تُمحى في منطقة الشرق الأوسط. ونقلت عن ستيفن هرتوغ الذي يدرس في كلية لندن للاقتصاد قوله: «الشعور السائد في الرياض هو أن السياسات التي انتهجتها السعودية على مدار عقود كانت أقل من قدراتها، وأنها ينبغي أن تكون زعيمة المعسكر المناهض لإيران في العالم العربي وما وراءه. إن احتواء إيران ربما يكون الدافع المهيمن وراء السياسة الخارجية السعودية». وتابعت الصحيفة: «في لبنان الصغير، يبرز توتر حول مدى مضي الرياض في الضغط على ميليشيات حزب الله المدعومة من إيران، وهي أقوى حركة سياسية في لبنان. كما يتعرض اليمن المضطرب -الذي يعاني من المجاعة والكوليرا- للعقاب الأكبر حتى الآن من قِبل التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين». وقالت الصحيفة: «إن دولة قطر -وهي حليف أميركي رئيسي وموطن لوجود عسكري أميركي كبير- تتقارب الآن مع إيران؛ وذلك بسبب المقاطعة التي تقودها السعودية»؛ مشيرة إلى أن المملكة تحاول بذل قصارى جهدها لدفع إسرائيل إلى مواجهة عسكرية مع حزب الله، وهو سيناريو من شأنه أن يدمر هدنة غير مستقرة لأكثر من عقد من الزمان. ويقول كثير من المحللين إنهم في حيرة لتفسير سلوك ولي العهد السعودي، لكنهم يشيرون إلى وتيرة سريعة من الإجراءات التي تعكس تهوراً وجرأة من خلال الاعتماد على تأييد صريح من قِبل الرئيس ترمب الذي يعادي طهران. ونقلت الصحيفة عن براين كاتوليس المحلل في مركز «أميركان بروجرس» بواشنطن، والذي التقى مع ولي العهد في وقت سابق من هذا العام، قوله: «لا أعرف ما إذا كان هناك هدف نهائي واضح في الاعتبار. يحاول السعوديون إظهار عدم الارتياح وعدم التعاطف مع إيران، ولكنهم لا يستطيعون التنافس مع ما وضعته إيران في الميدان» بتسليح الجماعات في جميع أنحاء المنطقة. في ظل هذه الخلفية، يستشهد بعض المحللين بخطر نشوب صراع بسيط يؤدي إلى إشعال نزاع أوسع نطاقاً. وركزت هذه المخاوف على لبنان؛ حيث أدت استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري -التي يبدو أنها جاءت بضغط سعودي- إلى إخلال بالتوازن الدقيق للسلطة في بلد هش تقاذفته القوى الخارجية منذ وقت طويل. وقالت الصحيفة إنه على الرغم من التوترات المتصاعدة، فإن معظم المراقبين يرون أن السعودية ستسعى إلى استخدام الضغط الاقتصادي لمحاولة معاقبة لبنان على إطلاقها العنان لحزب الله، بدلا من دفع إسرائيل إلى صراع آخر مع الجماعة التي خاضت معها حرباً مكلفة وغير حاسمة في عام 2006. وقال المحلل آموس هاريل في صحيفة «هآرتس» إن اسرائيل لا مصلحة لها في مواجهة عسكرية، لكن الإجراءات السعودية المتهورة تؤجج التوترات في المنطقة. وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب التي قادتها السعودية ضد الحوثيين في اليمن -وهي الآن في عامها الثالث- تسببت في معاناة هائلة للمدنيين، في حين لم تسفر عن تحقيق نصر عسكري كبير. وكان المخطط الأول لهذه الحرب هو ولي العهد السعودي، بصفته وزير الدفاع في المملكة. وإذا كان الأمير بن سلمان يبحث عن ذريعة للتحرك مباشرة ضد إيران، فإن الصراع اليمني يمكن أن يوفره. وقالت الصحيفة إن كثيراً من المحللين يعتقدون أن الديناميات الإقليمية والمحلية ستواصل دفع ولي العهد إلى الانخراط في سلوك شديد الخطورة، حتى لو كان من المرجح أن يتوقف عن الصراع المباشر مع إيران. ونقلت عن جريجوري جوس، وهو باحث أميركي في شؤون الشرق الأوسط، قوله «إن بن سلمان ظن أنه يستطيع تركيع قطر والحوثيين بسهولة، لكن حساباته كانت خاطئة. أعتقد أن له غرضاً استراتيجياً. لكن زلاته قيد التنفيذ».;
مشاركة :