قرية لفتا المهجورة على تلال القدس قد تختفي إلى الأبد

  • 11/17/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يشعر يعقوب عودة بالحزن وهو يجلس بالقرب من بقايا منزله في قرية لفتا المهجورة التي كان يعيش فيها وهو صبي وقد تتحول قريباً إلى حي جديد يضم فللاً فاخرة لإسرائيليين ومركزاً تجارياً وفندقاً فخماً لسكان المنطقة. وقال يعقوب عودة (77 سنة): «أريد العودة إلى قريتي، إلى ارضي، إلى بيتي في لفتا». ولفتا قرية فلسطينية هجرها سكانها وتبعد نحو خمسة كيلومترات إلى الغرب من مدينة القدس. وهي تقع على كتف واد على الطريق بين القدس وتل أبيب في موقع قريب من مدخل القدس الغربية. وتشكل هذه القرية محور نزاع لحمايتها من الخطة الإسرائيلية لبناء المساكن فيها. وهي مثال نادر لقرية ما زالت موجودة بعدما هجرها سكانها الفلسطينيون في حرب 1948 التي رافقت إنشاء دولة إسرائيل. وتاريخ القرية قديم. ولفتا مرشحة لإدراجها على قائمة مواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) ووضعتها منظمة الصندوق العالمي للآثار على لائحة المواقع المعرضة للتهديد. ومنذ 2004 يخوض أهل لفتا وجمعيات حقوق الإنسان معارك قضائية لمنع هدم القرية والحفاظ عليها. وقد نجحوا في 2012 في منع دائرة أراضي إسرائيل من بيع القرية بمزاد علني لبناء نحو 212 فيلا فاخرة عليها إضافة إلى مركز تجاري وفندق ومتحف. لكن دائرة الأراضي استأنفت القرار وربحته. لا يعيش أحد في القرية الآن. لكن المنازل الحجرية بأبوابها ونوافذها ذات الأقواس لا تزال قائمة مع أطلال مسجد القرية وبعض البيوت. وتنتشر أشجار الزيتون واللوز والتين على سفوح التلال المحيطة بها بينما يصطف في أرضها عدد من معاصر الزيتون القديمة المهملة. ولا تزال بركة طبيعية تتوسط القرية تشكل ملاذاً من صيف القدس الحار ويستخدمها الإسرائيليون للسباحة. وتجمع ائتلاف فلسطيني إسرائيلي للحفاظ على القرية في مواجهة خطط التطوير لإقامة الفلل والمركز التجاري والفندق. ولكل أسبابه. فالفلسطينيون منهم من يحلم بالعودة كيعقوب عودة بينما يريد آخرون الحفاظ عليها لتكون شاهداً على النكبة. أما الإسرائيليون في الائتلاف فيريدون المحافظة عليها كموقع أثري فريد. عاش الإسرائيلي يوني يوشنان (57 سنة) الذي يشارك في الائتلاف، في القرية بعد أن هجر منها الفلسطينيون، وكان آخر المغادرين من اليهود قبل بضعة أشهر. وقال: «إنه أجمل مكان في العالم». وأوضح يوشنان أن والديه انتقلوا للعيش في لفتا في 1951 بعد وصولهم من كردستان. وأضاف: «لست ضد التطوير لكن يجب أن يبقى تاريخ القرية سليماً». وسعت السلطات الإسرائيلية منذ فترة طويلة إلى التطوير والبناء مع مشجعي الاستثمار الذين يعتبرون ذلك ضرورياً حتى لا يتدهور الوضع في القرية أكثر. وأرجأت لجنة التخطيط في القدس في آب (أغسطس) الماضي خططها بعد أن أثيرت مخاوف في شأن المحافظة على القرية. ويتوقع أن يتم إصدار مخطط جديد. وقال شموليك غروغ المهندس المعماري الرئيسي للمخططات التي تقدم بها أهل لفتا وجمعيات حقوق الإنسان: «المخططات هي بناء نحو 212 فيلا فاخرة عليها إضافة إلى مركز تجاري وفندق ومتحف». قال زئيف هاكوهن من هيئة الطبيعة والمتنزهات الإسرائيلية إن «أي تطور يجب أن يحترم القواعد التي وضعتها سلطة الآثار في البلاد التي أجرت استطلاعاً للموقع. ولكن الإعلام الإسرائيلي يقول إن التأخير في إصداره جاء بطلب من السلطات الإسرائيلية». وقالت الناطقة باسم دائرة أراضي إسرائيل أورتال تصبار «نتوقع أن يتم تسويق الموقع في الأشهر المقبلة». وأضافت: «تم وضع خطة بناء تسمح بالتنمية مع إيلاء اهتمام صارم لمسألة المحافظة (على القرية)»، معتبرة أن «ترك الموقع على حاله يؤدي إلى الإهمال والتفكك التدريجي للمباني الموجودة فيه». وتابعت أنه بسبب شرط المحافظة على المكان «يمكن أن تكون الأسعار مرتفعة، خصوصاً بالنسبة للقائمين على المشروع، لكن موقعه يمكن أن يكون عامل جذب». وسيكون الفندق على بعد نحو عشرة كيلومترات فقط من مدينة القدس القديمة، ويطل على مناظر خلابة في التلال المحيطة. يقول ائتلاف لفتا إن «خطة الفيلات ستدمر أساساً تراث القرية الغني»، إذ تؤكد دافنه جولان التي تنتمي إلى الائتلاف أن «تاريخ القرية يعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد على الأقل». وقد بنيت لفتا على مر التاريخ مراراً وتكراراً ولا يزال هناك 55 منزلاً حجرياً فلسطينياً من بقايا لفتا الفلسطينية. وقال المهندس غروغ الذي شارك في جهود المحافظة على لفتا إن «وجود القرية هو دليل مجمد على قضية القرى المدمرة، لهذا السبب يزعج دائرة أراضي إسرائيل أن تبقى القرية حتى لا تتحول إلى نوع من نصب غير رسمي للقرى الفلسطينية المدمرة». وهاجر نحو 750 ألف فلسطيني أجبروا على ترك منازلهم أو هربوا، من بينهم سكان قرية لفتا خلال الحرب عام 1948 التي شهدت مولد إسرائيل. وبعد فترة وجيزة سكن القرية يهود جاؤوا من مناطق مثل اليمن وكردستان.

مشاركة :