أحمد مراد: الواقع العربي لا يشجع على الخيال العلمي

  • 11/18/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

حاوره: محمدو لحبيب ثمة من يكتب الرواية بإحساس فائق بالصورة، الكاتب الروائي المصري أحمد مراد المولود سنة 1978 م، هو أحد هؤلاء المبدعين الذين يمتلكون مثل هذا الأسلوب المتميز، فحين تقرأ إحدى رواياته تحس بأنك أمام حالة تصويرية بمشاهد حقيقية، فيتماهى الواقع في ذهنك عندئذ مع الخيال الروائي الذي صنعه لك الكاتب.مراد كاتب ومؤلف روائي، لكنه كذلك يتمتع ببعض المهارات الأخرى التي تفسر ذلك الاهتمام الكبير عنده بصناعة الصورة، فهو مصور ومصمم جرافيك، وبرغم عدد الروايات القليلة التي نشرها حتى الآن، إلا أنها لاقت وتلاقي رواجا كبيرا، وقد وصلت روايته الفيل الأزرق للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية لسنة 2014، وله عدة روايات من بينها، الفيل الأزرق، وفيرتيجو، وتراب الماس، وغيرها. ترجمت بعض روايات أحمد مراد إلى لغات عالمية عدة، واهتمت السينما والتلفزيون برواياته، فتحولت روايته «الفيل الأزرق» إلى فيلم سينمائي بالاسم نفسه، وتحولت روايته «فيرتيجو» إلى مسلسل تلفزيوني كذلك، ونال العملان نجاحا كبيرا.«الخليج» التقت أحمد مراد، وحاورته حول عالمه الروائي، وعدة أمور متعلقة بمهنة الكتابة و تداعياتها. *لنبدأ من آخر رواياتك «موسم صيد الغزلان»، ما الذي يميزها عن بقية رواياتك السابقة، أم أنها مجرد لبنة جديدة في نمط روائي اختاره أحمد مراد منذ بداياته واستمر عليه؟.- لكل رواية منطقها ومنطقتها، وهي كما قلت أنت لبنة معينة، أنا أحس أن وضع صورة كاملة لن تكتمل إلا بالبحث عن منطقة جديدة دائما، موسم صيد الغزلان بالنسبة لي هي تلك المنطقة الجديدة، فبعد روايتين في التاريخ، وروايتين في الحاضر، كان لا بد من الذهاب للمستقبل، وهذا يكمل لي صورة كنت أحتاج إليها وأبحث عنها، لدي مشروع أدبي أتمنى من خلاله أن أكتب في أكثر من مجال، وتتميز هذه الرواية في أنها آخر رواية لي فقط، لكن في كل رواية كان لها التميز في وقتها، الرجوع إلى التاريخ القديم 1570 قبل الميلاد في رواية «أرض الإله» هذا تميز بالنسبة لي، الكتابة المعاصرة كذلك هي من أصعب أنواع الكتابة، لأني سأكتب لك عن واقع أنت تعيش فيه، لذلك كله أنا دائما أفكر في منطقة جديدة ومختلفة، وهذا هو المحرك الأساسي بالنسبة لي. *النمط الروائي العام بالنسبة لك هو نمط خيال علمي، البعض من القراء يرى أن أحمد مراد يحشو رواياته بمصطلحات علمية صعبة تجعلهم يلهثون وراء شرح تلك المصطلحات فتضيع الحكاية منهم، كيف تفسر ذلك؟- اليوم نحن في عالم يجد فيه المعلم صعوبة في منافسة جوجل وويكيبيديا، وما أضعه من مصطلحات هو معرفة جديدة تضاف للقارئ، يبحث فيه فيفتح له مجالات جديدة، فعلى سبيل المثال «موسم صيد الغزلان» سيكون مثيرا جدا للقارئ لأنني أدخله في عالم لا يعرفه، لذلك أنا أفتح له الأبواب عن طريق مصطلح، وحين أشعر بأنه قد يتوقف عن القراءة للبحث في المصطلح أضع له هامشا في أسفل الصفحة يشرح ذلك، قارئ اليوم ذكي جدا فهو يفتح أربعة برامج على الجوال يتعامل بها وهو يقود سيارته، ويسمع رسائله الصوتية كل هذا في نفس الوقت، إذا ليس غبيا كي يستطيع أن ينزل إلى أسفل الصفحة ليقرأ هامشا ثم يعود ليتواصل مع الحكاية في الرواية، وأنا أستخدم هذه الهوامش والحواشي منذ 2010 ولم يأتني أي قارئ ليقول لي إنها تفقده تركيزه على الحكاية. *كيف ترى مستقبل رواية الخيال العلمي في الوطن العربي؟- الخيال العلمي جملة مكونة من كلمتين، نحن عندنا منهما كلمة واحدة هي الخيال لكنه ليس علميا، لذلك هذا النوع من الأدب مازال قليلا، لأنه دوما يأتي من إيحاءات المجتمع الذي تعيش فيه، فالمجتمع الذي فيه آينشتاين، ولديه الفيزياء الكمية وغيرها، هو مجتمع طبيعي أن يكون فيه أدب خيال علمي، أما نحن فليس لدينا العلم الذي يمكننا من صنع حالة واسعة في روايات الخيال العلمي، لكن أنا أرى أن ما أكتبه هو محاولة لوضع بداية لأدب الخيال العلمي، وأعتقد أن هذا النوع من الأدب سينتشر قريبا، لأننا كمجتمعات ننغمس أكثر فأكثر في العالم ومنجزاته الحضارية حتى أصبحت جزءا من حياتنا شيئا فشيئا، وبالتالي العلم يقترب منا أكثر فأكثر، ولك أن تلاحظ أن روايات الخيال العلمي من أكثر الروايات المباعة في العالم العربي، وهذا يعني أننا كعرب متشوقون لهذا النوع من الأدب حين يكتب من بعضنا. *ما الذي أضفته ككاتب سيناريو إلى الفيلم المأخوذ عن روايتك «الفيل الأزرق»؟.- بلى أنا أتحدى نفسي حين أكتب نصا ثانيا، وأجد متعة في تفكيك وكتابة النص من جديد، وهذا طبعا ليس معناه الإخلال بشكل النص الأصلي، لكن أحاول إيجاد مفاجآت للقارئ الذي لم يقرأ الرواية أصلا، وثمة شيء آخر، فحين أكتب نصا روائيا ويذهب للمطبعة وينشر، أتذكر أشياء كنت أريد كتابتها فيه ولم أفعل، ولذلك حين أكتب سيناريو فيلم نفس الرواية أجد متعة في فتح الملف ثانية والاشتغال فيه على تلك الإضافات وهذا مصدر متعة كبيرة بالنسبة لي. *البعض يرى ضرورة الفصل بين الكتابة للسينما أو التلفزيون وبين الكتابة الروائية ويعتبرهما مختلفتين، هل تتفق مع هذا المفهوم؟- لا أتفق مع ذلك، أنا أمارس الكتابة في النوعين، ولا أجد تناقضا بينهما، وأرى أن الكاتب حين يكون عارفا بمعايير الكتابة للسينما وأن كل شيء ينبغي أن يكون مرئيا للمشاهد، لن يجد مشكلة في الكتابة لها جنبا إلى جنب مع كتابته الروائية.ومن جهة أنهما مختلفان فهما كذلك وهناك بعض الكتاب الروائيين مشهورين جدا، لكنهم لم يكتبوا للسينما والعكس صحيح، فمثلا الروائي نجيب محفوظ لم يكتب سيناريو باسمه، والسيناريست وحيد حامد لم يجرب الكتابة الروائية أبدا، وفي العمق هي قدرة وإمكانية وحب. *على ذكر نجيب محفوظ، ووحيد حامد، يرى البعض أنه لم يعد في مصر مبدعون كبار كما في فترة أولئك وغيرهم من عمالقة الرواية والكتابة الدرامية، هل تتفق مع ذلك؟- الحركة الأدبية حاليا قائمة كلها تقريبا على الشباب، هل سمعت مرة عن مصطلح «الأديب الشاب نجيب محفوظ»؟، الناس تعرف نجيب محفوظ، لكنها لم تعرف نجيب محفوظ الشاب، وهناك بالمناسبة حوار لنجيب محفوظ مع طه حسين وهو موجود على اليوتيوب، يقول فيه طه حسين لنجيب محفوظ وجيله أنتم جيل لا تقرؤون، ويعاتبهم على ذلك!، هذه هي سمة العصر، أنت ترى الجيل الموجود حاليا ويمكنك أن تقول هذه حركة أدبية ناقصة، لكن بعد خمسين عاما، يمكنك أن تقول هذه حركة أدبية مبدعة، فكل شيء يحتاج إلى فترة زمنية كي يفصح عن نفسه، ونحن كجيل شاب لا نزال نتعلم، وسنتطور.

مشاركة :