بول مانافورت أول محتجز في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية بقلم: توفيق الحلاق

  • 11/18/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

السياسي بول مانافورت يوصف بـالرجل الحكيم في إدارة الحملات الانتخابية، ويتميز بقدراته الهائلة على الترويج والتسويق الإعلامي وكذلك بانتقاداته الدائمة لوسائل الإعلام.العرب توفيق الحلاق [نُشر في 2017/11/18، العدد: 10816، ص(12)]بول مانافورت مدير حملة ترامب يواجه 12 تهمة من بينها التآمر على الدولة واشنطن- قاد العديد من الحملات الانتخابية لمرشحين لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وبين الفترة والفترة، قاد حملات أخرى أفضت إلى فوز زعماء أفارقة “مارقين” برئاسة بلدانهم. قد يفعل أي شيء في سبيل إنجاح “زبونه”، يكسر القوانين، يقيم الجسور المحرّمة، يدفع ما يجب أن يدفع، المهم أن يظفر في نهاية الحملة بالفوز، حتى لو كان مزيفا. هذا الرجل أصبح، قبل أيام قليلة، سجينا في بيته، تحت الإقامة الجبرية بعد توجيه 12 تهمة إليه قد تودي به إلى السجن ليقضي فيه ثمانين عاما. ومع أن لائحة الاتهام لم تنص صراحة على علاقة بول مانافورت بموسكو أثناء ترؤسه لحملة انتخاب الرئيس دونالد ترامب، إلا أنها تشير إلى ذلك ضمنا، ما حدا به إلى الدفاع عن نفسه بشراسة مؤكدا خلال حديثه لصحيفة “وول ستريت جورنال” أنه “لا تربطني أي علاقة مع الحكومة الروسية ولا حتى مع مسؤولين روس. لا تربطني أي اتصالات مباشرة أو غير مباشرة معهم”. مانافورت هذا كان أدار بنفسه ولمدة 40 سنة حملات انتخابية لثلاثة رؤساء أميركيين وهم على التوالي: جيرالد فورد، رونالد ريغن وجورج بوش. كما قدم خدماته أيضا لرئيسين أجنبيين تم طردهما من السلطة جراء ثورات شعبية، وهما الفلبيني فرديناند ماركوس والأوكراني فيكتور يانوكوفيتش، وقد ورد اسمه في العام 2016 في تحقيق حول فساد سياسي في أوكرانيا، واتهم بتلقي أموال غير قانونية، حيث اشتغل، حسب تقارير إعلامية أميركية، لمصلحة الرئيس الأوكراني السابق يانوكوفيتش الموالي لروسيا. اتهم أيضا بممارسة ضغوط من أجل تحسين صورة وموقع زعيم حزب “يونيتا” البرتغالي السابق جوناس مالهيرسافيمبي المتهم بممارسة التعذيب. لكن مانافورت رد على الاتهامات الموجهة إليه بشكل ضمني أثناء مثوله أمام الكونغرس بالقول إن شركته “قبلت الزبائن فقط وبشكل طبيعي”، أي الذين سيدفعون على الأقل ربع مليون دولار سنويا كمقدم أتعاب. وكان هذا الرد برأيه كافيا من الناحية القانونية. الكذب على المحققين وجه القضاء الأميركي مؤخرا حزمة من التهم، في إطار التحقيق بالتدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، منها “التآمر على الولايات المتحدة” و”غسيل الأموال” لمانافورت بالإضافة إلى شريكه التجاري ريتشارد غيتس. المحقق الخاص روبرت مولر الذي يرأس التحقيق أعلن أن شخصا ثالثا اعترف أنه كذب على محققي مكتب التحقيقات الفيدرالي “إف بي آي” حول وجود صلات محتملة بين الحملة والحكومة الروسية. جورج بابادوبولوس المستشار السابق في الحملة الانتخابية هو من اعترف بأنه كذب على المحققين في 5 أكتوبر الماضي، مضيفا أنه “سعى إلى إخفاء الاتصالات بأستاذ جامعي على صلة بموسكو”، وعرض الكشف عن “فضائح” تتعلق بمنافسة ترامب الديمقراطية هيلاري كلينتون، وذكرت لائحة الاتهام أن “بابادوبولوس عرقل التحقيق الجاري لإف.بي.آي حول وجود أي صلات أو تنسيق بين أشخاص مرتبطين بالحملة والحكومة الروسية للتدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016”. الرئيس ترامب سارع إلى تويتر ليقول “لماذا لا يتم التركيز على المخادعة هيلاري وعلى الديمقراطيين؟”. ومع دخول تحقيق مولر هذه المرحلة الجديدة، صعّد مسؤولون جمهوريون ووسائل إعلام محافظة هجماتهم على الديمقراطيين، خصوصا كلينتون، لكن المعارضين الديمقراطيين يرفضون تلك الاتهامات بوصفها محاولات لتحويل الانتباه. الرجل الحكيماجتماع برج ترامب في 9 يونيو من العام الماضي، الذي ضم محامية على صلة بالكرملين، يتهم مانافورت بالمشاركة فيه. الأمر الذي يثير شكوكا حول تواطؤ بين الحملة الانتخابية وموسكو. انضم مانافورت إلى الحملة الإنتخابية الرئاسية في مارس 2016 لحشد كبار الناخبين المؤيدين لترامب في مؤتمر الحزب الجمهوري، ثم عينه ترامب في يونيو مديرا للحملة، مكان كوري ليفاندوفسكي الذي كان قد أقاله. لكن مانافورت استقال في أعقاب التحقيق في مسألة علاقاته بقضية فساد في أوكرانيا، وذلك بعدما نشرت وثائق تظهر دفعات مالية كبيرة وصلت إلى شركات مانافورت. ليتضح في ما بعد أنه بات يخضع للتحقيق في الولايات المتحدة حول ذلك الأمر. وحسب تقرير لموقع فرانس 24 فإن مسؤولي تطبيق القانون الفيدراليين باتوا على علم بتحويلات مالية مرتبطة بمانافورت تعود إلى 2012 عندما بدأوا تحقيقات بشأنه تتعلق بتهربه الضريبي، وما إذا كان ساعد النظام الأوكراني الذي كان في ذلك الوقت مقربا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في عمليات غسيل الأموال. يوصف مانافورت بـ”الرجل الحكيم” في إدارة الحملات الانتخابية، ويتميز بقدراته الهائلة على الترويج والتسويق الإعلامي. كما يعرف بأناقته، وكذلك بانتقاداته الدائمة لوسائل الإعلام التي تقول إنه يعمل “على مسارات مركبة، فهو عضو جماعة ضغط، ومستشار سياسي، وصانع صفقات على المستوى الدولي”، وفي هذا السياق استطاع مانافورت استغلال علاقاته السياسية على المستوى الدولي لإبرام صفقات مالية توصف بالمعقدة مع رجال أعمال مثيري للجدل انتهت في عدة حالات إلى نزاعات قانونية. ويرى عدد من المتتبعين لنشاط مانافورت أنه قام بدور كبير في تحويل ترامب من شخصية اشتهرت بتصريحاتها المستفزة إلى أخرى أكثر قبولا لدى عامة الناخبين، فهو يعتبر ترامب “شخصا يفهم طبقة العمال بأميركا، وتكمن جاذبية حملته في رؤيته الخاصة وقدراته على الربط بين الإحباطات الحالية في أميركا والمستقبل”. ترامب قال بشأن مانافورت، بعد قبول استقالته “أقدر كثيرا جهده الكبير في إيصالنا إلى ما نحن فيه اليوم، وخاصة عمله في إرشادنا حول عملية المندوبين والمؤتمر العام للحزب، بول محترف حقيقي وأتمنى له نجاحا باهرا”. كلينتون دعت ترامب للكشف عن علاقات مانافورت وموظفين آخرين في حملته مع الكيانات الروسية أو “الموالية للكرملين” على حد تعبيرها، لكن مانافورت نفى على الدوام تلك الاتهامات، معتبرا أنها “سخيفة ولا أساس لها”. لكن مانافورت كان بالفعل أحد المشاركين في اجتماع برج ترامب في 9 يونيو من العام الماضي، مع محامية على صلة بالكرملين، ما أثار شكوكا حول تواطؤ بين الحملة الانتخابية وموسكو، وكان دونالد جونيور، الابن البكر لترامب، قد نظم اللقاء على أمل الحصول على معلومات تضر بكلينتون المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية. ومع ذلك لم تذكرلائحة الاتهام أي تدخل روسي في الحملة الانتخابية، بل ركزت على علاقات مانافورت السابقة بأوكرانيا. بائع الأحلاممانافورت يوصف بـ“الرجل الحكيم”، ويتميز بقدراته الهائلة على الترويج والتسويق الإعلامي. ويعرف بأناقته، وكذلك بانتقاداته الدائمة لوسائل الإعلام التي تقول إنه “صانع صفقات على المستوى الدولي” ولد بول جون مانافورت، المنحدر من أصول إيطالية، في الأول من أبريل من العام 1949 بمدينة “نيو بريتان” في ولاية كونيتيكت الأميركية، لأسرة تشتغل في مجال المقاولات. درس وتخرج من جامعة جورج تاون عام 1971 حاصلا على الباكالوريوس في إدارة الأعمال، ومن كلية الحقوق في الجامعة نفسها عام 1974. بدأ مانافورت مساره المهني بالعمل في شركة للاستشارات القانونية بواشنطن، وخلال تلك الفترة عمل لصالح حملة مرشح الرئاسة الجمهوري جيرالد فورد، وكذلك لصالح حملة الرئيس رونالد ريغان، ثم قدم استشارات لحملة بوب دول عام 1996 الذي هزم حينها في الانتخابات أمام المرشح الديمقراطي بيل كلينتون. شارك بعدها في تأسيس مكتب استشاري يقوم بدور جماعة ضغط تحت اسم “بي أم أس كي” في العاصمة واشنطن، وقدم استشاراته لجوناس سافيمبي الزعيم السابق لحركة الاتحاد الوطني في أنغولا من أجل تحسين صورته الإعلامية في أميركا. كما قدم خدماته الاستشارية لدكتاتور زائير موبوتو سيسي سيكو ورئيس الصومال السابق سياد بري، وعدد من الحكومات الأفريقية الأخرى. وقد كشف تقرير أصدره “مركز النزاهة العامة” في الولايات المتحدة في العام 1992 جاء بعنوان “لوبي الجلادين” عن العلاقات والأموال التي دفعت لمانافورت من أجل عمليات الترويج لعدد ممن وصفهم “بالرؤساء المستبدين”. بقي مانافورت يعمل حتى قررت قاضية فيدرالية وضعه قيد الإقامة الجبرية بعدما رفض الاتهامات الموجهة إليه. وأعلن البيت الأبيض، مجددا، عن عدم وجود “خطة أو نية” لتغيير المدعي الخاص روبرت مولر الذي يحقق في هذه القضية. وكانت وزارة العدل قد كلفت مولر، المحامي ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأسبق، بإجراء تحقيق مستقل حول مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية، عقب إقالة ترامب لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي من منصبه. المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة هاكابي ساندرز خرجت لتقول إن ترامب “أعلن سابقا أنه لا توجد نية أو خطة لإجراء أي تغيير في ما يتعلق بالمدعي الخاص”. وردا على سؤال حول الاتهامات التي وجهت لمانافورت، اعتبرت ساندرز أن لا علاقة لها البتة بالرئيس ولا علاقة لها بالحملة الانتخابية. وتوقعت المتحدثة أن ينهي المحقق الخاص مهمته “قريبا”، عازية ذلك إلى “المؤشرات التي لدينا في هذه المرحلة”. هيئة المحلفين الكبرى التي تحقق مع مانافورت وغيتس هي هيئة قانونية تتألَّف من 16 إلى 23 شخصا، مخولة بالتحقيق في الجرائم. ويلجأ المدعون العامون الفيدراليون أو التابعون للولاية أوالمقاطعة إلى هذه الهيئة لتحديد ما إذا كان هناك سببٌ مُحتَمَل يدعم التهم الجنائية الموجهة للمُتَّهمين أم لا. وتعتبر الهيئة منفصلة عن المحاكم ويمكنها طلب الوثائق وإجبار الشهود على الإدلاء بشهادتهم، ولا يُشرِف أي قاض على إجراءاتها. وقد استمعت هذه الهيئة إلى الأدلة واستنتجت بعد اكتمال النصاب القانوني أن مانافورت وغيتس قد ارتكبا الجرائم المُبيَّنة في قرار الاتهام. المثير هو طلب المحقق مولر لكفالة قدرها 10 ملايين دولار للإفراج عن مانافورت، في حين طلب 5 ملايين دولار من غيتس. ووضع كلا الطرفين تحت الإقامة الجبرية بمنزليهما، قائلا إنَّ مانافورت “قد يحاول الهرب”.

مشاركة :